يجور كما شاء الدلال ويعدل – ابن نباتة المصري

يجور كما شاء الدلال ويعدل … ويتعب فيه من يلوم ويعذل

هو الشمس إشراقاً ولكنني أرى … من الحزم إني عنه لا أتحول

بروحي ربيع من عذاريه آخر … نماه ربيعٌ من أسيليه أول

و ثغر يعير الجوهري صحاحه … ووجه له من رائق الحسن مجمل

لناظره الفتان بالسحر آية … على مثلها دمعي من العين مرسل

و من عجب إني بعادل قده … أجنّ ودمع العين دوني المسلسل

لئن جلبت شجوي كسالى جفونه … لمثلك يا قلبي عن الصبر أكسل

وان غزلت لي من ضنا الجسم حلة … لما حلتُ عن أني بها أتغزل

نعم في جفون الترك للنفس صبوة … وللقلب في تلك المضائق مدخل

تجرح قلبي تارة بعد تارة … وتشهد أني عاشق فتعدل

ورب عذول لامني فتركته … يقول وقلبي في الصبابة ينهل

ولو أن عذالي على الحسن إخوتي … لقلت لهم طوعي لدى الحسن أجمل

أقيموا بني أمي صدور مطيكم … فاني الى قوم سواكم لأميل

إلى كل غصن مال تيهاً على نقا … تكاد به أردافه تتهيل

و بدر مضى وقتي مضيئاً بوصله … فلا غرو أني بعد بدري مضلل

تشرب تربُ الأرض ماء مدامعي … وبين ضلوعي جمرة تتأكل

و أهتز للتذكار حتى كأنما … يعاودني من بارح الذكر أفكل

سقى الغيث أوقاتي اذا العيش ممكن … وخدّام أمري بالهنا تتعجل

زماني مختارٌ وقصدي منجح ٌ … و راحي ريحانٌ وبدري مقبل

مدا الليل فيه ناظري متعللٌ … الى لثمه من ضمه أتنقل

فاحبب بذاك الحسن وهو مدا الدجى … بلثمي مختومٌ وضميَّ مقفل

إلى مثله يهدى تغزل ناظم … وللصاحب ابن الصاحب المدح يحمل

اذا قال معنى في ابن يعقوب ناظمٌ … فإنّ المعاني باسمه تتكمل

اذا عد أهل العلم والحلم والتقى … وصنع الأيادي فابن يعقوب أوّل

اذا استمسكت منه الأماني بناصر … فبشرى الاماني انها ليس تخذل

اذا عدد المثني مناصب مجده … فنصباً على التمييز لا يتبدل

سري سراة قبل ما اكتمل الصبا … وشيخ شيوخ قبل ما يتكهل

و قاضي قضاة معرب بكماله … تقى ً ليس يخفى أو لهى ً ليس يجهل

و كافي كفاة ما ابن عباد صائد … لديه ولا القاضي الملقب أفضل

أقام بمغنى الشام صدراً لسره … وأمداحه في الغرب والشرق ترحل

تنادي الورى نعماه واللفظ والسنا … ألا فاجتدوا ثم اجتنوا ثم فاجتلوا

و لا عيب فيه غير أن له ندى … يجيب ندا العافين من قبل يسأل

مواهب كفيه وألفاظ كتبه … على اليمن ما بين الورى تترسل

و للدرج بعد الدرس منه فوائد … تفضل في أملاكها وتفصل

علوم بآفاق المدارس تنتقى … وسجع بافنان الدواوين تنقل

و نطق به للمنطقي تأدبٌ … ونحوٌ به للفارسي ترجّل

و خط كما راقت سلاسل عسجدٍ … ونظم كما راق الرحيق المسلسل

و رأي على سمت السعود وهمة … تظل على زهر الكواكب عسّل

لنعم الفتى ديناً ودنيا بجمعنا … وفي خطبة الدارين نعم المؤهل

له الله ما أزكى وأشرف همة … وأنجح ما يأتي وما يتأمل

درى مع دهري كيف حال تذللي … فلاقاه حتى عاد وهو مذلل

و جلّى همومي جامع البر والتقى … بنعماء من باب الزيادة تدخل

و ما هو إلا حين بادر جيشهم … فقاموا صفوفاً للدعا وتبتلوا

فنظمتها زهراء والشهب روضة … على الأفق تجلى والمجرة جدول

و طرق الدجى ذو غرة من هلاله … الى أن بدا بالفجر وهو محجل

فدونكما جهد المحب وعش كما … تحبّ لإلفٍ مثلها تتمثل

بودي لو أن الجوارح كلها … لمدحك سمعٌ في الأنام ومقول