يا دارُ دارَ الصّومِ القوّمِ – الشريف المرتضى
يا دارُ دارَ الصّومِ القوّمِ … كيف خلا أُفقُكِ من أَنجُمِ؟
عهدي بها يرتعُ سكّانُها … في ظلِّ عيشٍ بينَها أَنعَمِ
لم يُصبِحوا فيها ولم يَغْبُقوا … إلاّ بكأسى ْ خمرة ِ الأنعمِ
بكيتُها من أَدمُعٍ لو أَبَتْ … بكيتُها واقعة ً من دمِ
وعُجتُ فيها راثياً أهلَها … سَواهِمَ الأوصالِ والمَلْطَمِ
نحلنَ حتّى حالهنّ السّرى … بعضَ بقايا شطنٍ مبرمِ
لم يدعِ الإسآدُ هاماتها … إلاّ سقيطاتٍ على المنسمِ
يا صاحبي يومَ أَزالَ الجَوَى … لحمى بخدّى َّ عن الأعظمِ
“داويتَ” ما أنت به عالمٌ … ودائى َ المعضلُ لم تعلمِ
ولستُ فيما أَنا صبٌّ به، … منْ قرن السّالى َ بالمغرمِ ؟
وَجْدي بغيرِ الظَّعنِ سيّارة ً … من مُخْرِمٍ ناءٍ إلى مَخْرِمِ
ولا بلفّاءَ هَضيمِ الحشا … ولا بذاتِ الجيد والمعصمِ
فاسمعْ زفيري عندَ ذكرِ الأُلى … بالطّفِّ بين الذّئبِ والقشعمِ
طَرْحَى فإمّا مُقْعَصٌ بالقَنا … أو سائلُ النّفسِ على مخذمِ
نثرٌ كدرٍّ بددٍ مهملٌ … لغفلة ِ السِّلكِ فلم يُنْظَمِ
كأنّما الغبراءُ مرميّة ٌ … مِن قِبَلِ الخضراءِ بالأنجمِ
دعوا فجاءوا كراماً منهمُ … كم غَرَّ قوماً قَسَمُ المُقسِمِ
حتّى رأوها خرياتِ الدّجى … طَوالعاً من رَهَجٍ أقْتَمِ
كأنَّهمْ بالصُّمِّ مَطرورة ٌ … لمنجد الأرض على متهمِ
وفوقَها كلُّ مَغيظِ الحَشا … مُكتِحِلِ الطَّرْفِ بلونِ الدَّمِ
كأنَّه من حَنَقٍ أجْدَلٌ … أرشدَهُ الحِرْصُ إلى مَطْعَمِ
فاستقبلوا الطّعنَ إلى فتية ٍ … خُوّاضِ بحرِ الحَذَرِ المُفْعَمِ
من كلِّ نهَّاضٍ بِثِقْلِ الأذى … موكّلِ الكاهلِ بالمعظمِ
ماضٍ لما أمَّ فلو جاد فى الـ … ـهيجاءِ بالحَوْباءِ لم يندَمِ
وكلِّ عانٍ في إسارِ الهوى … أُطعِمْ يومَ السَّلمِ لم يَطعم
مثلّمِ السّيفِ ومن دونهِ … عرضٌ صحيحُ الحدِّ لم يثلمِ
فلم يزالوا يكرعون الظّبا … بين تراقى الفارسِ المعلمِ
فمُثخَنٌ يحملُ شَهّاقة ً … تحكى لراءٍ فغة َ الاعلمِ
كأنّما الورسُ بها سائلٌ … أو أنبتتْ من قضبِ العندمِ
ومستزلٌّ بالقنا عن قرا … عَبْلِ الشَّوَى أو عن مَطا أدهمِ
لو لم يكيدوهمْ بها كيدَة ً … لانْقلبوا بالخِزْي والمَرْغَمِ
فاقتبضتْ بالبيضِ أرواحهمْ … في ظلِّ ذاك العارضِ الأَسْحَمِ
مصيبة ٌ سيقتْ إلى أحمدٍ … ورَهْطِهِ في الملأِ الأعظمِ
رُزْءٌ ولا كالرُّزْءِ من قبلِهِ … ومُؤلمٌ ناهيكَ من مؤلِمِ
ورمية ٌ أصمتْ ولكنّها … مصمية ٌ من ساعدٍ أجذمِ
إنْ خافِ فقراً لم يجُدْ بالنَّدى … من جائرٍ عن رشدهِ أوعمِ
… يُحسبُ يَقظانَ منَ النُوَّمِ:
لا تحسبوها حلوة ً إنّها … أَمَرُّ في الحلقِ من العَلْقَمِ
صرّعهمْ أنّهمُ أقدموا … كم فدى َ المحجمُ بالمقدمِ
هل فيكمُ إلاّ أخو سوءة ٍ … مُجَرَّحُ الجِلْدِ منَ اللُّوَّمِ
إنْ خاف فقراً يجدْ بالنّدى … أوهابَ وَشْكَ الموتِ لم يُقْدِمِ
يا آلَ ياسينَ ومَنْ حُبُّهمْ … مَنْهَجُ ذاك السَّنَنِ الأقومِ
مهابطُ الأملاكِ أبياتهمْ … ومستقرُّ المنزلِ المحكمِ
فأنتمُ حجّة ُ ربّ الورى … على فَصيحِ النُّطقِ أو أَعجمِ
وأينَ؟ إلاّ فيكُمُ قُرْبَة ٌ … إلى الإلهِ الخالقِ المنعمِ
واللهِ لا أخليتُ من ذكرِكمْ … نَظْمي ونثري ومَرامي فمي
كلاّ ولا أغببتُ أعداءكمْ … من كَلمِي طَوْراً ومن أسْهُمي
ولا رئى يومَ مصابٍ لكمْ … مُنكشِفاً في مشهدٍ مَبْسَمي
فإنْ أغبْ عن نصركمْ برهة ً … بمرهفاتٍ لم أغبْ بالفمِ
صلَّى عليكُمْ ربُّكمْ وارتَوَتْ … قبورُكمْ من مُسبِلٍ مُثْجِمِ
مقعقعٍ تخجلُ أصواتهُ … أصواتَ ليثِ الغابة ِ المُرْزِمِ
وكيف أستسقي لكمْ رحمة ً … وأَنتمُ الرَّحمة ُ للمجرمِ؟