يا تناهٍ والتَّناهي انقطاعُ – ابن الرومي

يا تناهٍ والتَّناهي انقطاعُ … كن كما سمَّاك مولى ً لَكاعُ

كنْ لدنياهُ انقطاعاً وشيكاً … وانقلاعاً ليس فيه انخداعُ

وانصداعاً ليس فيه التئامٌ … وافتراقاً ليس فيه اجتماعُ

خُنه ما أعطاكَ معطِي العطايا … مثلما خان السحابَ انقشاع

فهْو للسلطان عُرٌّ وعارٌ … واتِّضاع ليس فيه ارتفاع

رقعة ٌ في الملك ليست بزينٍ … أيُّ ثوبٍ زَينتْه الرِّقاع

طَلُقتْ نُعْمى ابن مَعدانَ منه … بثلاثٍ ليس فيها رِجاع

أو بقول الناس عَوْداً وبدْءاً … يا لقومٍ باخ ذاك الشُّعاع

فتَرتْ تلك الرياحُ الجوارِي … كلُّها وانحطَّ ذاك الشِّراع

وَحَمت آلَ الفرات الليالي … أن يروْا أسرابَ نُعمى تُراع

أيها المصروع في كل حالٍ … استمعْ مني ففيك استماع

قد عجبنا أنك المرءُ يشقى … عنده ناسٌ وتحظى سباع

بيتُك البيت القصيرُ السَّوارِي … ما بنى فيه ضيوفٌ جياع

واستك الاستُ التي منذ شُقَّتْ … أبداً فيها فهودٌ شباعُ

أَيها المصروعُ من كلِ وجهٍ … صَرَعاتٌ ما جناها صراع

بل بغاءٌ مستحِرٌّ وخَبْلٌ … مستمرٌّ مذ غَذاك الرِّضاعُ

صرعة ً بيدي لها فوك سلحا … من كلامٍ يجتويه السماعُ

بعد أخرى يلفظُ الثلطَ عنها … فقحة ٌ فيها هناك اتساع

قلت إذ قالوا جبانٌ كذبتم … وأثمْتُم بل شجاع رَوَاع

كلُّ صبرٍ كان في الناس طُراً … كُلفة ٌ والصبر فيه طِباع

أبداً عند ابن معدان فحلٌ … يُشْتَرى جهراً وأنثى تباع

همُّ أيرٍ ثَم نومٌ طويلٌ … وهمومٌ استٍ هناك القِراع

فإذا ليمت على ذاك قالت … ليس لي بالجاهلين ارتقاعُ

تعمر الحياتُ في كل يومٍ … منه حجراً ليس فيه امتناع

فقحة ٌ فيها اتساعٌ متى لم … يَحْشُه ضاقتْ عليه البقاعُ

هي في مقدار قُبلٍ ودُبرٍ … أفْضيا فالذَّرعُ ذرع مُشَاعُ

هل شجاعُ القوم إلا شجاعٌ … أبداً ينسابُ فيه شجاعُ

قيل إن العبد عبدٌ كفورٌ … ما لفحشاءٍ لديه قِناع

قلت لا بل ذاك عبد شكورٌ … يشكرُ المولى ومَفْساه باع

وترى البَلوى التي في حَشَاه … نعمة ً فيها لنفس متاعُ

ولدفعُ الفحلِ أشهى إليه … من دفاع اللَّه إذ لا دفاع

إن دنياً ملَّكتْهُ رغيفاً … لَمباحٌ ما لها بل مضاعُ

مُلحِدٌ لا يعبدُ اللَّه لكنْ … كلُّ غُرمولٍ قَفاه ذِراع

ومتى أنحى عليه جماعٌ … عدَّ أن قد كان منه الجماعُ

فله من ناكة ِ الرُّوم وُدٌّ … وله منهم أخوهُمْ سُواعُ

وله منهم أخوه يغوثٌ … وله منهُمْ يَعوقٌ مطاع

وله نسرٌ ولاتٌ وعُزَّى … ما له لا حُطَّ ذاك البَعاع