يا أيها ذا الوطن المفدى – جبران خليل جبران
يا أيها ذا الوطن المفدى … تلق بشرا وتمل السعدا
لم يرجع العيد مريبا إنما … أراب قوم منك ضلوا القصدا
يا عيد ذكر من تناسى أننا … لم نك من آبقة العبدى
كنا على الأصفاد أحرارا سوى … أن الرزايا ألزمتنا حدا
كنا نجيش من وراء عجزنا … كمتوالي الماء لاقى سدا
حتى تدفقنا إلى غايتنا … تدفق الأتي أو أشدا
وكل شعب كاسر قيوده … بالحق ما اعتدى ولا تعدى
فلم نكن إلا كراما ظلموا … فاستنصفوا ولم نطش فنردى
إني أحس في الصدور حرجا … يقيمها وفي الزفير صهدا
إياكم الفتنة فهي لو فشت … في أجمات الأسد تفني الأسدا
أما رأيتم صدأ السيف وقد … غال الفرند ثم نال الغمدا
فلا تفرقوا ولا تنازعوا … أعداؤنا شوس وليسوا رمدا
أخاف أن نمكنم منا بما … يقضي لهم ثأرا ويشفي حقدا
أو أن نقيم حججا دوامغا … لهم علينا فنجيء إدا
قد زعموا الشورى لنا مفسدة … على صلاحها أقالوا جدا
وهل أزلنا مستبدا واحدا … عنا كدعواهم لنستبدا
دعاة الاستثثار إن لم تنتهوا … وترعووا ساء المصير جدا
بصحة الشورى نصح كلنا … فإن أربنا قتلتنا عمدا
في كل شعب كثرت أجناسه … لا شيء كالقسط يصون العقد
تشاركوا في الحكم واختاروا له … خيار كل ملة يستدا
إن السراج للذي جاوره … أجلى من النجم سنى وأهدى
تعاونوا ترقوا فإن تنافروا … على الحطام لم تصيبوا مجدا
أغلى تراث في يديكم فاحرصوا … من قدر الذخر تفادى الفقد
دولتنا دولتنا نذكرها … بأنفس تدمى عليها وجدا
ألحرة المنجبة الأم التي … بالمال تشرى والقلوب تفدى
إخشوا علينا اليتم منها فلقد … أرى أمر اليتم أحلى وردا
وأنتم يا أمتي أريدكم … عند رجائي حكمة ورشدا
يا أمتي بالعلم ترقون العلى … وتكسبون رفعة وحمدا
وبالوفاق تملكون أمركم … وتغنمون العيش طلقا رغدا
فمن يخالف صابروه إنه … لذاهب فراجع لا بدا
أليس تائبا إلى حياته … من لمح الخطب بها قد جدا
فإن غوى أخو نهى فمهلة … حتى يرده نهاه ردا
متى أرى الشرقي شيئا واحدا … كما أرى الغربي شيئا فردا
متى أرانا أمة توافقت … لا مللا ممتسكات شدا
كم سبقتنا أمة فاتحدت … وأدركت شأنا به معتدا
قام بنوها كالعماد حولها … فبسطوا رواقها ممتدا
سعت إلى غايتها قصدا على … تثبت فبلغتها قصدا
تلك لعمري سنة نجا بها … من قبل أقوام … أنتحدى
ليأت حرصنا على البقاء أن … جدت بنا حال ولا نجدا
كالطلل الباقي على إقوائه … لا عامرا يلفى ولا منهدا
نصيحتي نظمتها ودا لكم … ولو نثرت لم أزدها ودا
ألفاظها ندية بأدمعي … على التلظي والمعاني أندى
أرسلتها مع الضمير مثلما … جاءت وما أفرغت فيها جهدا
إني أبالي وطني أصدقه … وما أبالي للوشاة نقدا