يا أديب الدنيا تحييك مصر – جبران خليل جبران
يا أديب الدنيا تحييك مصر … صلة الفضل في أولي الفضل إصر
نفعك الناس موجب لك شكرا … وقليل في جانب النفع شكر
كل عصر لو خيرته المعالي … لتمنى لو أنه لك عصر
حبذا في معاهد العز عهد … لم يفته من المفاخر فخر
عهد شمس الملوك زانته شهب … باهرات وأنت في الشهب بدر
إيه مليير أي قاريء سفر … لم يقوم تأويده منك سفر
أي ملق إلى الفصاحة سمعا … لم يخامره من بيانك سكر
أي مستشرف شخوصا تحاكي … لم يخالجه من فنونك سحر
كل ما في الحياة حسا وفكرا … هو حس في أصغريك وفكر
لك نفس كأنها كل نفس … وكأن الخفاء عندك جهر
كل علم كأنه لك علم … كل خبر كأنه لك خبر
لا توارى سريرة عنك مما … قد يواريه في طواياه صدر
أنت عين العقاب تنظر من عال … فما في العباب إن ترن سر
قد تبينت ما الصحيح وما الزيف … فبينته ونقدك حر
تتوخى الإصلاح للناس مما … أفسدته فيهم غرائز كدر
تصف الشين ضاحكا منه بالزين … من القول فهو مبك يسر
وقديما كان الأحب إلى المرضى … دواء يحلو به ما يمر
من يباسط فيما على الناس ينعيه … ييسر تثقيف ما فيه عسر
إنما الخلق ما وصفت وفيهم … ترهات ومنقصات تعر
كنت أدرى بهم فكنت لهم أرحم … كم دون كبوة قام عذر
وجميل في دفعك الضر عنهم … إن توخيت خطة لا تضر
فلقد توحش الخشونة من لم … تتلطف في نصحه فيصر
أخلصت طبعك الخطوب ونقت … جوهر القلب فهو كالنور طهر
نالك الناس بالشرور فلم … يحفزك يوما إلى المساءة شر
وعلى قدر ما تعست تناهى … منك رفق بالتاعسين وبر
ظلت للناس مرشدا بالتي أحسن … لا تنثني وفي النفس أمر
لم تقصر ولم يصدك عما … تبتغيه ملك عزيز وقصر
أبدا تغتدي وللسوء خذلان … وللخير في النهايات نصر
إن نظمت الكلام فهو من الرقة … واللطف والسلاسة نثر
أو نثرت الكلام فهو من البهجة … والفطنة البديعة شعر
قولك اللؤلؤ الذي لا يغالي … ما تغالى من قال إنك بحر
ولك الرائعات من كل ضرب … كاد يعدو فيها الإجادات حصر
يا فرنسا بنوك علما وفنا … في سماء النهى شموس وزهر
يا فرنسا صديقة الشرق دومي … ولعليائك المحيا الأغر