وعُودِ كرْمة ِ كَرْخٍ – أبو نواس
وعُودِ كرْمة ِ كَرْخٍ … زوّجْتُها مــاءَ وادِ
فَلَمْ يـزَلْ يضعتَلـيـها ، … بمُسْقِياتِ الغَوَادي
حتى إذا استَهَلّتْ بسُثودٍ … مسهّّداتٍ جِـعـــادِ
فمُهّدَتْ في دِنَانٍ، … سَقْياً لها من مِهادِ
حـتّى إذا مـرّ دّهــرٌ … لــهــا أتــاهــا عِــبــادي
وقد تناهتْ، وصارتْ … كمثلِ قَبْسٍ الزّنــــادِ
فجاءهَا مُسْتَعِدّاً … كالحارث بن عبادِ
قد لفّفَ الكُمّ مـــنــه … كنازع لــلــقـتـــــادِ
فسلّ منها بزَالاً، … فسالَ مثْلُ الفـــصــادِ
إلى قَنــــانٍ تــــلالا … مُدَمْلَجاتِ القِلادِ
فأذهلتْني عَقْــلي ، … و اسْتَأثَرَتْ بفُؤادي
واخترْتُ إخوَة َ صِدْقٍ … من خيرِ هــذي العِبــادِ
شريفٌ ابنُ شريف؛ … جوادٌ ابنُ جوادِ
والْهــوا نــهــاراً وليــلاً … إلى نداء الْمُنادي
و نَفّروا الليْـلَ عنــكُــمْ … بلذَّة ٍ وسُهَادِ
فقلتُ : لــذّوا بنفسي … أفديكمُ وفؤادي
و ناقلوا الكأسَ ظَبْياً … ما يرتعي في البــوادي
لكنْ بديوان يَحْيَى … بفيـهِ لـطْخُ مِـدَادِ
تخالُهُ ذا رُقــادٍ ، … وما بهِ من رُقادِ
ما زالَ يسقي ويُسقَى ، … حتى انثنَى لـلمُـرادِ
وانْسـابَ نـحوي يُغَنّي … مُطرِّباً وينادي:
سُقيتَ صَوْبَ الغــوادي … يا منزِلاً لِسُعَادِ