هي الدنيا وأنت بها خبير – الهبل
هي الدنيا وأنت بها خبير … فكم هذا التجافي والغرور
تدلي أهلها بحبال غدر … فكل في حبائلها أسير
إلى كم أنت مرتكن إليها … تلذ لك المنازل والقصور
وتضحك ملء فيك ولست تدري … بما يأتي به اليوم العسير
وتصبح لاهيا في خفض عيش … تحف بك الأماني والسرور
وعمرك كل يوم في انتقاص … تسير به الليالي والشهور
وأنت على شفا النيران إن لم … يغثك بعفوه الرب الغفور
تنبه ويك من سنة التجافي … ولا تغفل فقد جاء النذير
وشمر للترحل باجتهاد … فقد أزف الترحل والمسير
وخذ حصنا من التقوى ليوم … يقل به المدافع والنصير
ولا تغتر بالدنيا وحاذر … فقد أودى بها بشر كثير
فكم سارت عليها من ملوك … كأنهمو عليها لم يسيروا
وكم شادوا قصورا عاليات … فهل وسعتهم إلا القبور
فهل يغتر بالدنيا لبيب … وهل يصبو إلى الدنيا بصير
رويدك رب جبار عنيد … له قلب غداة غد كسير
ومفتقر له جاه صغير … وقدر عند خالقه كبير
ورب مؤمل أملا طويلا … تخرم دونه العمر القصير
فلوا أسفا وهل يشفي غليلي … وينقع غلتي الدمع الغزير
ومن لي بالدموع ولي فؤاد … تلين ولم يلن قط الصخور
وكم خلف الستور جنيت ذنبا … ورب العرش مطلع خبير
وما تغني الستور وليس يخفى … عليه ما تواريه الستور
إلام والإغترار بمن إليه … لعمري كل كائنة تصير
ومالي لا أخاف عذاب يوم … تضيق به الحناجر والصدور
وأترك كل ذنب خوف نار … بخالقها أعوذ وأستجير
ولي فيه تعالى حسن ظن … وذنبي عند رحمته يسير
تعالي عن عظيم الشكر قدرا … فما مقدار ما يثني الشكور
وقدس عن وزير أو معين … فلا وزر لديه ولا وزير
إله الخلق عفوا أنت أدرى … بما أبدي وما يخفي الضمير
عصيت وتبت من ذنبي وإني … إلى الغفران محتاج فقير
فإن تغفر ففضلا أو تعاقب … فعدلا أيها العدل القدير
وحسن الظن فيك يدل أني … إلى إحسانك الضافي أصير
وصل على شفيع الخلق طرا … إذا ما الخلق ضمهم النشور
وعترته الهداة الغر حقا … جميعا ما تعاقبت الدهور