هل لذا الجفا سببُ – مصطفى صادق الرافعي
هل لذا الجفا سببُ … أم صدودهِ لعبُ
أم ذكاءُ ما برحتْ … تجتلي وتحتجبُ
أم غدا كمشبههِ … البدرُ ليس يقتربُ
شادنٌ لأعينهِ … أنفُسُ الورى سلبُ
إن يعد فليسَ يفي … والهوى لهُ أدبُ
يحكمُ الملاحُ على … الصدقِ أنهُ كذبُ
وانتمى الجمالُ لهُ … فهو للجمالِ أبُ
وهوَ من تدللهِ … هاجرٌ ومصطحبُ
وهو من ملاحتهِ … سافرٌ ومنتقبُ
كلُّ أمرهِ عجبُ … وكذا الهوى عجبُ
يا ليالياً سلفتْ … هل تعيدكِ الحقبُ
والرياضُ حاليةً … للسماءِ تنتسبُ
وهو بينَ أكوسها … البدرُ حولهُ الشهبُ
نجتليها عابسةً … باسماً لنا الحببُ
كالعروسِ قد حجبتْ … وهو دونها حُجبُ
أبطأوا بزفتها … والزفافُ مرتقبُ
أو كخدٍ أغيدَ لو … لم يسلْ بها العنبُ
أو كأنها شفة … عضها فتىً وصبُ
أو كدمعِ ذي كلف … بالدماءِ ينسكبُ
أو كقلبِ ذي حسدٍ … مازالَ يلتهبُ
إن لثمتها جذبتْ … معطفي فينجذبُ
ينبري لها رشأ … هزَّ عطفه الطربُ
في القلوبِ مختبئ … للقلوبِ مختلبُ
خدهُ بحمرتها … كالبنانِ مختضبُ
تلعبُ المدامُ بهِ … كلما احتسى يثبُ
وهو منها في ضحكٍ … وهي منهُ تنتحبُ
من كمثلي إن ذكروا … من سما بهِ الأدبُ
شيمةٌ مخلفةٌ … نافستْ بها العربُ
إنها المعادن لم … يصد مثلها الذهبُ
يا ضلوعي ما برحَ … القلبُ فيكِ يضطربُ
دارتْ العيونُ بهِ … فهو بينها نهبُ
وانجلتْ لواحظها … فانجلى لهُ العطبُ
أعينٌ يموجُ بها … سحرها فينسربُ
كم صرعنَ من أسدٍ … حينَ غالبوا غلبوا
في جفونها رسلٌ … لم تجئ بها كتبُ
ويحَ من أحبَّ أما … ينقضي لهُ أربُ
إن أراحهُ تعبٌ … شفَّ قلبهُ تعبُ