هل الدهرُ إلا اليوم، أو أمسِ أو غدُ – حاتم الطائي

هل الدهرُ إلا اليوم، أو أمسِ أو غدُ … كذاكَ الزّمانُ، بَينَنا، يَتَرَدّدُ

يردُ علينا ليلة بعد يومها، … فلا نَحنُ ما نَبقى ، ولا الدّهرُ يَنفدُ

لنا أجلٌ، إما تناهى إمامه، … فنحن على آثاره نتوردُ

بَنُو ثُعَلٍ قَوْمي، فَما أنا مُدّعٍ … سِواهُمْ، إلى قوْمٍ، وما أنا مُسنَدُ

بدرئهم أغثى دروءَ معاشرِ، … ويَحْنِفُ عَنّي الأبْلَجُ المُتَعَمِّدُ

فمَهْلاً فِداكَ اليَوْمَ أُمّي وخالَتي … فلا يأمرني، بالدنية ، أسودُ

على جبن، إذا كنت، واشتد جانبي … أسام التي أعييت، إذْ أنا أمردُ

فهلْ تركتْ قلبي حضور مكانها، … وهَلْ مَنْ أبَى ضَيْماً وخَسفاً مخلَّد؟

ومتعسف بالرمح، دونَ صحابهِ، … تَعَسّفْتُهُ بالسّيفِ، والقَوْمُ شُهّد

فَخَرّ على حُرّ الجبينِ، وَذادَهُ … إلى الموت، مطرور الوقيعة ، مذودُ

فما رمته حتى أزحت عويصه، … وحتى عَلاهُ حالِكُ اللّونِ، أسوَدُ

فأقسمت، لا أمشي إلى سر جارة ، … مدى الدهر، ما دام الحمام يغردُ

ولا أشتري مالاً بِغَدْرٍ عَلِمْتُهُ … ألا كلّ مالٍ، خالَطَ الغَدْرُ، أنكَدُ

إذا كانَ بعضُ المالِ رَبّاً لأهْلِهِ … فإنّي، بحَمْدِ اللَّهِ، مالي مُعَبَّدُ

يُفّكّ بهِ العاني، ويُؤكَلُ طَيّباً … ويُعْطَى ، إذا مَنّ البَخيلُ المُطَرَّدُ

إذا ما البجيل الخب أخمدَ ناره، … أقولُ لمَنْ يَصْلى بناريَ أوقِدوا

توَسّعْ قليلاً، أو يَكُنْ ثَمّ حَسْبُنا … وموقدها الباري أعف وأحمدُ

كذاكَ أُمورُ النّاسِ راضٍ دَنِيّة ً … وسامٍ إلى فَرْعِ العُلا، مُتَوَرِّدُ

فمِنْهُمْ جَوادٌ قَد تَلَفّتُّ حَوْلَهُ … ومنهُمْ لَئيمٌ دائمُ الطّرْفِ، أقوَدُ

وداع دعاني دعوة ، فأجبته، … وهل يدع الداعين إلا المبلَّدُ؟