هل أنت من مرتجيك مستمِعُ – ابن الرومي

هل أنت من مرتجيك مستمِعُ … يا من إليه يُوائل الفزعُ

أصغِ إليه فلم يُحابك في ال … مدح ولا قال وهو مخترعُ

يا من إذا أشرقت محاسِنُهُ … ظلت رؤوسُ العداة تنقمِعُ

ومن إذا غرَّبتْ مكائدُهُ … كادت قلوبُ العتاة ِ تنخلعُ

ومن إذا أمطرتْ فواضله … عاد الصَّفا وهو معشِب مَرع

ما أعذر القِرنَ في تذبذبه … يُهوي إليك الشَّبا وينقدِع

قد علم القرن عند حَيْصته … عنك بأيِّ السيوف تضطبِع

وقد درى حين زال مَطمعُه … فيك بأيِّ الدرع تدَّرع

أنت الذي أصبحتْ عَوارفه … درعاً له والدروعُ تنصدع

وأنت من لم تزل مكائده … سيفاً له والسيوف تنقطع

تصرع من شئت عند لُبسهما … يوم الوغى والجدودُ تصطرع

يدب في غيرك المديح ول … كنَّا رأيناه فيك ينذرع

وتهطل الدهرَ فيك ديمتُهُ … لكنها عن سواك تنقشِع

وأين مُعطٍ وقلبُه بهِج … ممن تمنَّى وقلبه وجِع

لا يزلِ الشرُّ عنك مندفعاً … وسيلُ خيرٍ إليك يندفع

يا سيداً لم نزل بعَفْوتِهِ … إذا عَدِمنا الربيعَ نرتبعُ

ولم نزل من ثُدِيِّ نعمتِه … إذا فقدنا الرضاع نرتضعُ

ومن علمناه غيرَ متَّبِع … في المجد بل لا يزال يبتدع

ومن عرفناه غير مبتدعٍ … في الدين بل لا يزال يُتَّبَعُ

أعاذك اللَّه أن نراك وأف … عالُك بعد العُلوِّ تتَّضع

عُدْ لي فليس الجميل فاحشة ً … تركبها تارة ً وتتَّزع

ولا طريقاً تخاف غَيْلته … تركبه تارة ً وترتدع

والعائدُ العرفَ بعد بدأته … ينفعُ إخوانه وينتفع

والبادئ العرف لا معادَ له … يُعير إحسانه ويرتجعُ

لو كنتَ ممن يحب ثروته … أو كنت ممن جَداه ممتنعُ

إذاً عذرناك في المِطال به … لكنَّ عذر الجواد منقطعُ

ما دَفْعُ مثلي والحال موجبة … والصدر رحبٌ والوجهُ متَّسع

لا تمنعنِّي لُهى ً ممنَّحة ً … أضحت عليها الأكُفُّ تقترع

يا من أراه رضا لمنتجعٍ … إن قال أيَّ الرجال أنتجعُ

رِشْنى تجدْني رضى ً لمصطنِعٍ … إن قلتَ أي الرجال أصطنعُ

كم سائلٍ عن نداك قلت له … مخدَّعٌ بالسؤال منخدعُ

وسائلٍ عن حِجاك قلتُ له … يحطُّ أمواله ويرتفع

وسائل عن ثناك قلتُ له … لا يسأم الدهرَ منه مستمِع

وكلهم كان في مسائِله … أعمى عن الصبح وهو منْصدع

يستوضح الصبح بالمصابح وال … مصباح عند الصباح مختشِع

لا زلت ما عشتَ للعدوِّ شجى ً … في حيث لا يستطيع منتزع

تسطو وتعفو وأنت مقتدر … لا ورَعٌ عند ذاك بل ورِع

ما أقبح المطلَ من أخي كرم … وعيبُ من قلَّ عيبُهُ شنع

ولم تعِدْني بل المنى وعدتْ … والحرُّ من خُلِف طيفه جَزِع

متى تعلَّلتَ أم متى عرف ال … إقلاعَ شُؤبوب سَيْبك الهمِع

ألست من لم تزل تحملُهُ ال … علياءُ أعباءها فيضطلع

ويرتجي خيره اليَؤوسُ إذا … لم يرجُ ما عند غيره الطمِعُ

ويعتفي فضلَه العزوف إذا … لم يلتمس فضلَ غيره الجشعُ

ويشمخ المعتفي عليه إذا … لاقَى بخيلاً وخدُّه ضرعُ

تفترق الصالحاتُ في فرقٍ … وفيك دون الجميع تجتمعُ

بلى بلى أنت أنت فلا … يقطعْك دون التمام مقتطعُ

يا ذاكرَ الغُنم عند مَغرِمه … وذاكر الريعِ حين يزدرع

أولعْ بيَ العارفاتِ في يدك الس … محة ِ إن الزمان بي وَلِعُ

والغوثُ منه أوانَ ينتهي الشْ … شِلو ولا غوثَ حين يبتلع

أبا الحسين اهتزز فإنك لا الن … اكل في موطن ولا الطَّبِع

ولينعطف منك منعطفٌ حسنُ الطْ … طَاعة لا مانع ولا جزع

يا من دعاني إلى الغنى أَثرٌ … لطابع الجود فيه منطبع

شهدتُ أَنِّي اعتقدتُ منك أخاً … لم يخدع الرأيَ فيه مختدع

متيَّماً بالعلا أخا شعفٍ … يخطبُ أبكارها ويفترع

يمزح بالجود لا السفاه فإن … جدَّ فزَوْل ذو عقدة ٍ مَصعُ

ما زلت بالإذن لي وبالأذَن ال … مُجدي وأيُّ الجميل تتَّدعُ

تمْهد لي مطلبي وآونة ً … تمهد لي مضجعي فأضطجع

خذها كصُمِّ الصخور أقلعتُها … من جبل شامِخ فتنقلع

مجدك ذاك الذي أناف على النْ … نَجم أصيلٌ من طوْده فَرعُ

ومن أبى ما أقول فيك فحيْ … ياه بموسى قَعْساه مجتدِع

وبعدُ فاسلم على الزمان ولا … زالت يدُ السوء عنك تندفع