نفَّرتْ هِيفَك الليالي وغيدَكْ – ابن الرومي
نفَّرتْ هِيفَك الليالي وغيدَكْ … بمشيبٍ كفى النُّهى تفْنِيدَكْ
أيها الشيْبُ قد ذَعَرتَ ظباء … سَمِعَتْ في دُونها تهديدَكْ
عجبي من نِفارهنَّ ولم تُهْ … د إليهنَّ بل إليَّ وعيدَكْ
ولقد كنتَ من أمانيَّ مُذ كنْ … تُ وإن كان مذهبي أن أكيدَكْ
يا عجيباً من كل وجهٍ ألا تَع … جب من ذي حجاً تمنَّى زهيدَك
أنت شر المجدَّدات على الح … يِّ ولا بأس باكتسابي جديدك
ولمَا قلتُ ذاك مُلْتَذَّ مكرو … هك جهلاً ومُسْتَهيناً شديدَكْ
أنت عندي العَدُوُّ أكره إقدا … مك لكن أرى ردى ً تعْريدك
ما أرى من مُشَرَّدٍ غير خصيمك … وإلا مُبِيدَهُ ومُبيدَكْ
أنتَ والموتُ غائبان لذي الصَّبْ … وة تلقى حياضه أو مُذيدَكْ
فابقَ لي صاحبي على رغم أنفي … حُبِّيَ العْيشَ حاكمٌ أن أُريدَكْ
قد أبى الله أن تكونَ فقيدي … وأبى الله أن أكون فقيدَكْ
أولا يعشق الحياة من اسْتَوْ … طأ يا قاسمَ الندى تمهيدَك
قسماً يا أبا الحسين بالا … ئك ما دمتَ للعُلا تشييدَكْ
وقديماً وطَّدتها قبل تجري … مك عَشْراً فما اشتكت توطيدكْ
لا يغيظنَّ معشراً حسدوني … أنْ توالت إجادتي تمجيدَكْ
ولقد قلت للشباب الذي با … ن قليلٌ من قاسم أن يعيدَكْ
يا شبابي أبو الحسين زعيمٌ … ونداه بأنْ تُميد مُميدَكْ
ولقد قلتُ للحمام وقد غرَّ … دَ في أيكه يُضاهي نشيدَكْ
أيُّها الطائر المغرِّد في الأيْ … ك قصيدي يبذُّ حسناً قصيدَكْ
إنه في أبي الحسين وما أحْ … سب إلا بمدحه تغريدكْ
ولو استيقَنَتْ بذلك نفسي … لم أدع ما حِييتُ أن أستعيدكْ
ولما شدتُ منك غيرَ مُشِيدٍ … إنَّ ما قلتُ قد يُناغي مشيدكْ
قلتُ قولي له وقال كما قل … ت وفي الحق أن تُشيد مشيدَكْ
وبتسديدك استفدتُ سدادي … ولَحَسبي بأن أكون سديدكْ
لا تُصيخَنَّ نحو شعري ونحوي … أنت جوَّدْتَ فاستمع تجويدَكْ
أنت أبَّدْتَ في المعاني فأبَّدنا … الأماديح نقتفي تأْبيدَكْ
لم يُقلدكَ شاعرٌ جوهرَ الفْخْ … رِ ولا صاغ مادحوك فريدَكْ
بل رُواءٌ ومَخْبرٌ وفِعَالٌ … عقدتْ دون غيرها تسويدَكْ
فاعتَدِدْ للثلاث بالصُّنْع فيه … واحمدِ اللَّهِ واصلاً تحميدَكْ
أنتَ زنتَ القلائدَ الزُّهْرَ قِدْماً … ضعفَ ما زانتِ القلائدُ جيدَكْ
كم مُهينٍ غدا عليك بظلمٍ … حين لا يظلم العزيزُ وليدَكْ
أنت أبدْعتَ من طريف المعاني … ما تَحلَّى به فجازَ تليدَكْ
فهْو من كلِّ جانبٍ مستفيدٌ … منك خيراً به وليس مُفيدَكْ
وَلَمَا تلك ضَعْفَة ٌ أنطق الل … ه قديماً بغير تلك شَهيدَكْ
لكن الجودُ سَنَّ في كل يومٍ … لك عيداً فأنت تعتادُ عيدَكْ
تسمع الشعر مُعْمِلاً فيه تهوِي … نك صَفْحاً وفي الندى تشديدَكْ
مُصغياً عن معايبٍ فيه شتى ً … حقُّها أن تُدِرَّ غيظاً وريدَكْ
وإذا قام قائلُ الشعر أرسَلْ … تَ إليه مع اللُّهى تَسديدَكْ
حائداً عن سبيلِ كلِّ لئيم … شكر الله عند ذاك مَحيدَكْ
لم تُخَيِّبْ ولم تؤِنِّبْ ولم تحْ … رمْ نصيباً من انْتِباهِ بليدَكْ
قلتُ للدهر حين أعتبني في … ك لحا الله بعدها مُستزيدَكْ
وحقيقٌ من اصطفاك على الأش … ياء أن لا تَسُوء فيه عَقِيدَكْ
أرضِ فيه الندى وزِدْه فإن تا … بع قولاً حسبي فتابعْ مزيدَكْ
قد بعثتَ المبشِّرات بريداً … بغناه فلا تُكذِّبْ بريدَكْ
هَبْ لعبدٍ غدا سعيدك بالحرْ … مة مَغْداه لليسار سعيدَكْ
لدَّدتني شدائدٌ فأجِرْني … لا أطالتْ شدائدٌ تلديدَكْ
أي مَغْنى ً سواك بعدك يُؤْوِي … نِي والناس يطردونَ طريدَكْ
ومتى ما رأيتَ وجهاً من الرأْ … ي رأى كلُّ سَيِّدٍ تقليدَكْ
واعتددْني قُبِلْتُ هل مُستجيدٍ … بدلاً منك من غدا مُسْتَجِيدَكْ
أنت زَهَّدْتَ فيَّ الكرامَ فلا أعْ … دمنا الله فيهِمُ تزهيدَكْ
ما نَذُمُّ امرءاً حميداً ولكن … هل حميدٌ وقد بلونا حميدَكْ
هاكها من جلائب الفِكَر السَّف … رِ اللواتي زوَّتْهَا تزويدَكْ
واخْلع العَشْر والبس الدَّهْرَ واستَقْ … بِلْ صحيحاً في غِبطة ٍ تَعْييدَكْ
جاعلاً للتَّواضُعِ الحرِّ تصْوِي … بك طوْراً وللعُلا تصعيدَكْ
وادَّرِعني إلى الإمام مقالاً … فيه لي خُطْبة ٌ تَكِيدُ مَكيدَكْ
أيها السيدُ الجليل أطال الْ … لَهُ في طُولِ مُدَّة ٍ تأييدَكْ
يا إمام الهُداة في كل أرض … جمل الله من عَصاك حصيدك
وَلَّدَ الغيْث بعد قَحْطِ ندى ك … فَيْكَ لا يَعْدَمِ الحيا توليدَكْ
ولقد رام أن يكون نديداً … فأبى الله أن يكون نديدَكْ
خَدَّ في الأرض حين خدَّدْتَ في الها … م بِبِيض صوارمٍ تَخْديدَكْ
قسماً ما رجا العَدوُّ هُويْنا … ك ولا خاف آمِلٌ تنكيدَكَ
لا ولا سُمْتَ مجتديكَ إذا جدتُ … عليه بنائلٍ تَصْرِيدَكْ
كم رأى الله منك عَرْفاً وعُرْفاً … لا يرى شُكْرَ بعضه تخليدَكْ
فبْقَ لا فلَّ جدَّكَ اللَّهُ عن حدٍّ … ولا فَضَّ عن عديدٍ عديدَكْ
قَيِّمَ المُلْك يمنح الشمل تألي … فَك للمال واللُّهى تبديدَكْ
وتُلَقِّي الطريدَ يَعْروكَ إيوا … ءكَ إياه والعِدا تطْريدَك
مُعْمِلاً في الورى لُجَيْنَكَ بل عَيْ … نك ما أحسَنوا وطوراً حديدَكْ
تستميحُ البدوُر منك ولا يب … لغ مجهودُ واصفٍ تحديدَكْ
ويميناً لقد تَقَبَّلْتَ مَهْدِيّ … كَ في أمْرِ قاسمٍ ورشيدَكْ
إن تُوَحِّدْهُ في الصَّنِيعة والصُّنْ … عِ فقد راح مخلصاً توحيدَكْ
سُدْتَ أنتَ الملوكَ حزْماً وعزْماً … ومُلوكيَّة ً وسادَ عبيدَكْ
فإذا استغْلَقَتْ أُمُورُكَ فاجعل … ه لمغلاق بابها إقْليدَكْ
وأباهُ الذي اقتدى بكَرَاهُ … وبتَسْهيد عيْنه تسْهيدَكْ
جرَّدَ الرأْيَ قبل تجريدك السَّيْ … فَ فأعفى تجريدُهُ تجريدَكْ
وحَقيقٌ بأن تُنَقَّلَ تَقري … بَك شُكْماً وضدَّه تبعيدَكْ
قلتُ للمنزل الذي أنت مولا … ه لقد عظَّم الإلهُ صعيدَكْ
حلَّ فيك الذكاءُ شخْصاً وأضحى … كلّ لؤْمٍ طريدَه وشريدَكْ
لا أصاب الرَّدَى جوادَك يا ربْ … عُ ولا فاجَأ الحمامُ نجيدَكْ
فابْقَ والشُّمَّخُ الرواسي على المسْ … نَد تُنْسيكَ ثم تُنْسىء بيدَك
قسماً أيها المَحلُّ لقد شا … كل تَنْضيدُهُ العُلا تنضيدَكْ
وأفاعيلُه تماثيلَك الزْه … رَ وتمريدُ عزِّه تمريدَك
لا تزلْ والوفود تَعْفر أفنا … ءك ما عشتَ والأسودُ وصيدَكْ
حولك الصِّيدُ من رجالك كالجن … ان والهاشميُّيفرع صيدَكْ
مُستَقلُّ العماد مُعْتَضدٌ بال … له أضحى عَضيدَنا وعضيدَكْ
فمتى كان مَغْرَمٌ ومُقامٌ … كان من بين أهله صنْديدَك
ومتى كان مأثمٌ أو ملامٌ … كان من خوف ذا وذاك عيدك
قاسم الخيرأمْض أمرَكَ في أمْ … ري فما جرَّبَ الندى تبليدَكْ
وأَقدْني من الليالي مُثيباً … عن إمامٍ ولاَّكَها ليَقيدَكْ
أنا من كلِ ناصرٍ غير نُعْما … ك وحيدٌ فلا تُضَيِّعْ وحيدَكْ
أنت وكَّدْتَ حرمتي بك فانْفِ … أن تَرى الغدْرَ ناقضاً توكيدَكْ
واغتفرْ لي تَوَرُّديك اغتفاراً … من رأى حُسْنَه رأى توريدَكْ
أنت عَوَّدَتني التَّسَحُّبَ بالحلْ … م فلا تَمْنَعنَّني تَعْويدَكْ