نعم لقلوب العاشقين سرائر – عبدالغني النابلسي
نعم لقلوب العاشقين سرائر … من الغيب قد ضمت عليها الضمائر
يحركها صوت السماع بوقعه … فتظهر منها للعيان الأشائر
هو الدف والطنبور والوتر الذي … يسير به للوتر في الكون سائر
أعد ما بدا يا منشد القوم عندنا … بصوتك واطربنا فيرشد حائر
وتفتح أغلاق المعارف واللقا … تدق له بين القلوب البشائر
كشفت حجاب الكون عنا بذكر من … عليه من الأغيار مدت غدائر
وأظهرت سرا طالما قد كتمته … وبالغير في أرض القريحة غائر
وأذكرت عهدا من ألست بربكم … به شخصت منا إليه البصائر
وقد حيعل المزمار بالوجد بيننا … وضجت بتأذين الغناء المنابر
ألا أيها الناي الرخيم كشفت عن … سرائر شوقي يوم تبلى السرائر
وأشبهتني في نفخ روحي وقد بدت … لقلبي هنا من سر قلبي ذخائر
عليل الهوى أضحى يعلله الهوى … وقد جبرت بالكسر منه الجبائر
يموت ويحيى كلما لمعت له … بروق الحمى النجدي وغرد طائر
وإن نفحت ريح الصبا في دياره … بها هو نقع كله وهو ثائر
سمعت كلاما قد أتاني به الصبا … عن المطلع الشرقي له أنا دائر
فهمت بوجدي إذ فهمت رموزه … فها أنا للبرق اللموع أساير
وما كل أذن طارقات الهوى تعي … ولا كل طرف فيه تجلى الحرائر
تغار سليمى إن رأى غيرها امرؤ … كما قد عهدناها تغار الضرائر
صدقتك هذا الركب طال به السرى … وجار عليه بالمحبة جائر
ولولا التسلي بالتجلي لأحجمت … دوائر أفلاك الوجود الدوائر
على مثل هذا الوجه تلتهب الحشى … ومن حسنه فينا تشق المرائر
وما ذاك إلا وجه سلمى فإنه … يغاير للأشيا وليس يغاير
بدا فأزيلت عنه أستار غيره … وقد غفرت للمذنبين الكبائر
وكنا وما كنا وكان ولم يكن … وما ثم إلا قدسه والحظائر
وجود ولا أعني الوجود الذي بدت … من الكون أشباه له ونظائر
ولكن وجود مطلق عن تقيد … بإطلاقه والكل منه شعائر
وكل وجود مطلق أو مقيد … بعقل وحس فهو عنه ستائر
إذا لاح غبنا فيه عنا جميعنا … وإن غاب نحن السائبات البحائر