نحن قوم نهوى الوجوه الحسانا – عبدالغني النابلسي
نحن قوم نهوى الوجوه الحسانا … وبها الله زادنا إحسانا
وعلينا من المهيمن عين … أوسعتنا تحققا وعيانا
ولنا قد أدير خمر التجلي … وبه صار كأسنا ملآنا
وشهدنا الوجود حوضا وكانت … صور الكل عندنا كيزانا
إن من نال شربة منه يوما … لا تراه على المدى ظمآنا
وأناس قد بدّلوا الدين عنه … طردوا فامتلوا له طغيانا
كل ما حاولوه أبعد عنهم … لا تلمهم أضلهم من هدانا
حوض خير الأنام عذب زلال … بارد سائغ لمن يتعانى
بيننا وعده على الحوض نلقى … صاحب الحوض مثل ما يلقانا
وبوجه المليح سرّ شهود … عنه ما زالت الورى عميانا
ضلّ عنه من قبل إبليس جهلا … وأبى عن كماله نقصانا
وإليه اهتدت ملائكة الله … وزادت بأمره إيقانا
حضرات الأسما به قد تبدت … وأبينت عند الجميع بيانا
وعليه السجود كان دليلا … فتسمى الإسلام والإيمانا
كن به عارفا ودم فيه مغرى … وتقرب له تكن إنسانا
والذي حاد عنه فهو جهول … حيث سماه ربه شيطانا
إنه الباب لكن الفتح صعب … زاد قوما خوفا وقوما أمانا
كأس حسن وكأس عشق وإني … بهما الآن لم أزل سكرانا
هذه في العموم جملة حالي … وتعالى من أنزل الفرقانا
ولأهل الخصوص مني مقام … كل حال في ذاته يتفانى
كان في بيت عزتي من قديم … ثم صارت ثيابه الحد ثانا
وهو قرآننا بليلة قدر … قد تلوناه ساعة وتلانا
إن تكن قد مضت لأحمد صحب … إننا لم نزل له إخوانا
هكذا جاء في الأحاديث عنه … ودّلو أنه يكون رآنا
ظاهر العلم في الصحابة باد … وهو علم التكليف إنسا وجانا
والذي قد بدا بنا هو علم … زاد عن كل باطن إبطانا
وهو علم التشريف علم المزايا … ليس ظنا لنا ولا حسبانا
بل يقين محقق أخذته … قومنا بالشهود آنا فآنا
وهو علم الإله يظهر فيمن … قرأ الله ذاته وقرآنا
خذه منا بالحال والقال وادخل … لحمانا وافرغ لنا عن سوانا
هو عشق لا وهم لا فهم فيه … لا تواني لا فكر لا إذعانا
يملأ العقل يملأ الحس نورا … كل من عز في معانيه هانا
هو أمر ترى الجبان شجاعا … إن بدا منه والشجاع جبانا
ليس يدريه غير صاحب قرب … كلما أبعد الجميع تدانى