ناشدتُك الله أن تستفسِدَ المننا – ابن الرومي
ناشدتُك الله أن تستفسِدَ المننا … يا ابنَ الوزيرين أو تستشهد الظِّننا
والقربُ منك لقد غششت مُنتصحاً … مِنْ محضَري ولقد خَوَّنتَ مؤتَمنا
إني امرؤ مستعيذٌ أَتُهَجِّنني … أو أن أُرى بحجابٍ منك مُمتَهِنا
لايُكتَبن على وجهي حجابكمُ … من اغتدى مُستزيداً راح ممتحَنا
إن كان عُتبك ضَناً فهو عارفة ٌ … لايعرفُ الناسُ في الدنيا لها ثمنا
وإن يكن ذاك إعناتاً لمَقْلية ٍ … فقد غدوتُ بسوء الحال مُرتَهنا
روحي رضاكَ وتأميلك ما بقيا … فإن سخِطتَ فماذا يُمسك البدنا
لا أبتغي غيرَ أخلاقٍ خُصِصتَ بها … دونَ السهام التي فوَّقْتَها جُننا
وقد فتحتَ لواشٍ بابَ حيلته … فاستعملِ العينَ بعد اليوم لا الأذنا
يا من سطا بهزيل لا حراك به … أَسْمِنه ثم انتقم منه إذا سمنا
لم يأذنِ الرأيُ في الشكوى فأشكُوَكُمْ … وقد شكاكم لنا ما تفعلون بنا
أشكو إليك ولا أشكوكَ يا وَزَرِي … وكيف يشكوكَ من أعفَى له الزمنا
تالله أشكو زماناً أنت صاحبُه … ولو تملأْتُ من أفعالِه إحَنَا
وقد نظرتُ بعينٍ غيرِ كاذبة ٍ … فلم أجِدك على الأيام مُضطغنا
أليس قد قرَّبتْني منك في دَعَة ٍ … وأسعدَتْك كَفَتْها هذه مِننا
يا أسمحَ الناس نفساً باللُّهى ويداً … وأفسحَ الناس في مكروهة ٍ عَطَنا
قد بان غَيُّ أُناسٍ في تَخرُّصِهم … لك العيوبَ فلا تجعل لهم لَسَنا
هَبني خلعتُ بجهل فارطٍ زِيني … أخالعٌ أنت يا ذا الحكمة ِ الزِّينا
لايُسخِطَنَّك ذنبٌ غيرُ معتمِد … على الوفاء الذي استخلصته سَكَنا
أنجِز مواعيدَ قد شُدَّت معاقدها … شَدَّ المواثقِ إنَّ الخُلفَ قد لعُنا
واعلمْ بأن شهودَ الشعر قد شهدت … قِدماً وأن ضَميرَ المجد قد ضَمِنا
يا من إذا حُكتُ فيه المدح أوسَعني … مجداً فلم أجتلبْه من هُنا وهنا
ومَنْ إذا ما أقامت لي مَواهبُه … فما أُبالي أقامَ الغيث أم ظعنا
لا تهجُرنَّ أليفا إلا لفاحشة ٍ … إن الكريم يرى ألاَّفَهُ وطنا
سلِّط عليَّ حيائي منك حَسْبُكَهُ … ولا تُسلط علي الهمَّ والحَزنا
ها قدْ سألتك غُفراناً ونافلة ً … فلا أكن كالمُعنَّى يسألُ الدِّمنا
ولا يقولنَّ حُسادي دعا وثناً … وإنما كنت أدعو الله لا الوثنا
أعجِبْ بحاجة ملهوفٍ تُؤَخّرها … عناية ً مع إمكانٍ قد اعتونا
ولو عقِلتُ ما حاولتُ نافلة ً … ولا بكيتُ وقد أقصيتني شجنا
أمثلُ سُخطك يدهوني فيَكرُبني … شيء سواه وإن مثقالَهُ وَزَنا
في سوء رأيك لي عن غيره شُغُلٌ … ينفي الكرى عن جفون العينِ والوسنا
لو يئستُ من العُتبَى وفِتنتها … لما حَفِلتُ أطارَ الحظُّ أم وكَنا
لكن نفسي تُمنيني مراجعة ً … وربما قَرُب الأمر الذي شطنا
ولم أكن عن رجاءٍ فيك مُنصرفاً … ولو عدلتَ بذنب واحد حَضَنا
وفي الرجاء على الإجرام تعفية ٌ … عند الأشداء في آرائهم مُننا
ولو فَطنتُ لكان الذنبُ حينئذٍ … ذنْبين لا شك إلا عند من أفِنا
فاعذِرْ على طلبي جَدْواك في هَنة ٍ … دهياءَ تنسي السُّقاة َ الغربَ والشَّطَنا
جاذَبتَني الحبلَ حتى كدت تصرِمُه … عن غير جُرم فصادفتَ امرأً طبِنا
إن احتجبتَ فلم تُنْصِفك غاشية ٌ … واستَنْكَفَتْ قال بدرٌ ربما دجنا
وإن مطلتَ فلام الناسُ قال لهم … غيثٌ يجود إذا ما ربُّه أذنا
وإن تَعتَّبْتَ أو أعرضتَ آونة ً … ناجَى النُّهى واستلانَ الجانبَ الخشنا
وإن تلومتَ في أمرٍ يقوم به … قال اتقَى العَثْرَ محمودا وما وهنا
فلست تعدَمُ منه عاذراً أبداً … مُسدَّداً يجمعُ الأفهامَ واللَّقنا
أتبعتُ جَدبَك طَوْعي لا كذي خطَل … ممن تقاعسَ إذ جاذبتَه القَرنا
مافوق ظاهِر وُدِّي ظاهرٌ حسن … وإنَّ أحسنَ منه للذي بطَنا
أما لنا فيك آراءٌ مُسدَّدة ٌ … فلا تُعدَّن أهواءً ولافِتنا
وقد جعلتَ لدعوى طاعنٍ سبباً … فلا تُبرهنْ على الدعوى إذا طعنا
لاتَغبننَّ مُوالاتي ولا مِدَحي … فقد عهِدتك ممن يكره الغَبنَا
ولا تُفتك العلى يا بن الأُلى شَرعوا … فيها الشرائع واستنُّوا لها السُّننا
قومٌ تخطتْ إلى الأعقابِ أنعمُهم … حتى غذتهم غذاءً سابق اللَّبنا