like-empty

كلمات

klmat.com

sun

م أبَيْنَ ضُلوعي جمرة تتوقدص على ما مضى أَمْ حسرَة ٌ تتجدَّدُ

م أبَيْنَ ضُلوعي جمرة تتوقدص على ما مضى أَمْ حسرَة ٌ تتجدَّدُ ... خليليَّ ما بعد الشَّبابِ رَزِيَّة ٌ

يُجَمُّ لها ماء الشؤون ويُعْتَدُ ... فلا تَلْحَيَا إن فاض دمْعٌ لفقده

فَقَلَّ له بحر من الدمع يُثْمدُ ... ولا تعجبا لِلْجَلْدِ يبكي فربّما

تفطَّر عن عينٍ من الماء جَلْمدُ ... شبابُ الفتى مجلودُه وعزاؤه

فكيف وأنَّى بعده يتجلدُ ... وفَقْدُ الشَّبابِ الموتُ يوجد طعْمُهُ

صُراحاً وطعمُ الموتِ بالموتِ رُزِئتُ شبابي عَوْدة ً بعد بَدْأة ٍ ... وَهُنَّ الرزايا بادئاتٌ وعُوَّدُ

سُلِبتُ سوادَ العارضَيْن وقبلُهُ ... بياضَهما المحمودَ إذ أنا أمْردُ

وبُدِّلْتُ من ذاك البياض وحسنِه ... بياضاً ذميماً لا يزال يُسَوَّد

لَشتَّان ما بين البياضَيْن مُعْجِبٌ ... أنيق ومَشْنُوءٌ إلى العين أنكدُ

تضاحك في أفنان رأسي ولحيتي ... وأقبحُ ضَحَّاكَيْن شَيْبٌ وأدْردُ

وكنتُ جِلاءً للعيون من القذى ... فقد جعلَتْ تقذَي بشيبي وتَرقدُ

هي الأعين النُّجْل التي كنتَ تشتكي ... مواقِعَها في القلب والرأسُ أسودُ

فما لك تأسَى الآن لما رأيتها ... وقد جعلتْ مَرْمى سِوَاكَ تَعَمَّدُ

تَشَكَّى إذا ما أقصدتْكَ سهامُها ... وتأسَى إذا نكَّبْنَ عنك وتَكْمدُ

كذلك تلك النَّبْلُ من وقعت به ... ومن صُرِفَت عنه من القوم مُقْصَدُ

إذا عَدَلْت عنا وجدنا عُدُولها ... كموقعها في القلب بل هو أَجهدُ

تَنكَّبُ عنا مرة فكأنما ... مُنَكِّبُهَا عنا إلينا مُسَدِّدُ

كفى حَزَناً أن الشباب مُعَجَّلٌ ... قصيرُ الليالي والمَشِيبَ مخلَّدُ

إذا حَلَّ جَارَى المرء شأْوَ حياته ... إلى أن يضمَّ المرءَ والشيبَ مَلْحَدُ

أرى الدهرَ أجْرَى ليله ونهاره ... بعدلٍ فلا هذا ولا ذاك سَرْمدُ

وجارَ على ليلِ الشباب فَضَامَهُ ... نهارُ مشيب سَرْمدٌ ليس يَنْفَدُ

وعزاك عن ليل الشباب معاشرٌ ... فقالوا نهارُ الشيب أهدى وأرشدُ

وكان نهارُ المرء أهْدَى لسعيه ... ولكنَّ ظلَّ الليل أنْدَى وأبردُ

أأيَّامَ لَهْوِي هل مَواضيكِ عُوَّدٌ ... وهل لشباب ضل بالأمس مُنْشَدُ

أقول وقد شابتْ شَوَاتِي وَقَوَّسَتْ ... قناتي وأضْحَت كِدْنِتي تَتَخدَّدُ

ودبَّ كَلاَلٌ في عظامي أدَبَّني ... جَنِيبَ العصا أَنأَدُّ أو أتَأَيَّدُ

وبُورِك طرفي فالشَّخَاصُ حياله ... قَرَائن من أدنى مدى ً وَهْيَ فُرَّدُ

ولَّذَّتْ أحاديثي الرجالُ وأعرضتْ ... سُليمى وريَّا عن حديثي ومَهْدَدُ

وبُدِّل إعجابُ الغواني تعجُّباً ... فهنَّ رَوانٍ يَعْتَبِرْن وصُدَّدُ

لِمَا تُؤذن الدنيا به من صروفها ... يكون بكاءُ الطفل ساعة َ يُولَدُ

وإلا فما يبكيه منها وإنها ... لأفْسَحُ ممَّا كان فيه وأرْغَدُ

إذا أبصرَ الدنيا اسْتَهلَّ كأنه ... بما سوف يلقى من أذاها يُهَدَّدُ

وللنفس أحْوال تظلُّ كأنها ... تشاهِد فيها كلَّ غيب سيُشهَدُ

رَزَحْتُ على مر الليالي وَكرِّهَا ... وهل عن فَنَاءٍ من فناءَيْن عُنْدَدُ

مَحَارُ الفتى شيخوخة أو منيِّة ٌ ... ومرجوعُ وهَّاج المصابيح رِمْدَدُ

وقد أغتدِي للوحش والوحشُ هُجَّدٌ ... ولو نَذِرَتْ بي لم تبت وهي هُجَّدُ

فيشقَى بيَ الثورُ القَصِيُّ مكانهُ ... بحيث يراعيه الأَصَلُّ الخَفَيْدَدُ

ترى كل ركَّاع على مَرْتَع ... يخرُّ لرمحي ساجداً بل يُسَجَّدُ

إذا غازَلته بالصريم نِعَاجُه ... كما غازلتْ زِيراً أوانسُ خُرَّدُ

أمَرْتُ به رمحاً غيُوراً فخاضهُ ... ذَليقاً كما شَكَّ النَّقيلة مِسْرَدُ

فَخَرَّ لَرَوْقَيْهِ صريعاً تخالُهُ ... يُعَصْفَر من تامُورِهِ أَو يُفَرْصَدُ

كأَن سِناني حين وافاه كَوْكَبٌ ... أصيب به قِطْعٌ من المُزْن أَقهدُ

وقد أشرب الكأس الغريضَ مِزاجُها ... على ما تغناه الغريضُ ومعبدُ

يطوف بها لِلشَّرْب أبيضُ مُخْطَفٌ ... يجود له بالراح أسودُ أكْبَدُ

بِمَوْلِيَّة ٍ خضراء يُنْغَمُ وسْطَها ... ويُهْدَلُ في أرجَائها ويُهَدْهَدُ

إذا شئْتُ راقتْ ناظريَّ نظائر ... بمُصطبَحي والأدْمُ حولِيَ رُوَّدُ

وَصِيفٌ وإبريقٌ ودُومٌ ومُرشقٌ ... على شرف كلُّ الثلاثة أجْيَدُ

وأنجبُ ما ولَّدت منه مسرة ً ... إذا ما بَنَاتُ الصَّدْر ظلت توَلَّدُ

حديثُ نتَاج من بني المزن أمُّهُ ... مُعَنَّسَة ٌ مما تُعَتِّق صَرخَدُ

وبيضاءُ يخبو دُرُّها من بياضها ... ويذكو له ياقوتها والزبرجدُ

لها سُنَّة ٌ كالشمس تبرز تارة ... وطوراً يواريها صَبيرٌ منضَّدُ

إذا ما التقى السُّكران سُكرا شبابها ... وأكوابِها كادت من اللين تُعقَدُ

لهوتُ بها ليلاً قصيراً طويلُه ... وماليَ إلاَّ كفُّها مُتَوَسَّدُ

وكم مثلِها من ظبية ٍ قد تَفيأَتْ ... ظلالي وأغصانُ الشبيبة مُيَّدُ

لعبتُ بأولى الدهر فاغْتَال شِرَّتي ... بأخرى حَقُودٍ والجرائمُ تُحْقَدُ

فصبراً على ما اشْتَدَّ منه فإنَّمَا ... يقوم لما يشتد من يَتَشدَّدُ

وما الدهر إلا كابنه فيه بُكْرَة ٌ ... وهاجِرَة ٌ مسمومة الجو صَيْخدُ

تذيق الفتى طوْرَى رخاء وشدة ... حوادثُه والحولُ بالحول يُطْرَدُ

وعزَّى أناساً أن كل حديقة ٍ ... وإن أغْدَفَتْ أفنانُها ستخضَّدُ

ومالي عزاء عن شبابي علمتُه ... سوى أنني من بعده لا أُخَلَّدُ

وأن مَشِيبي واعدٌ بلَحَاقه ... وإنْ قال قوم إنه يَتَوَعَّدُ

على أن في المأْمول من فضل صاعد ... عزاءً جميلاً بل شباباً يجدَّدُ

ستظهر نُعْماه عليّ فأغتدِي ... وغصنُ شبابي ليّنُ المتنِ أغْيَدُ

وتَصْطَادُ لي جدواه ما كنتُ صائداً ... بشرخ الشباب الغَضِّ بل هي أصْيدُ

وأفضلُ ما صِيدَتْ به العِينُ كالدُّمَى ... مُهُورٌ وأثْمَانٌ من العين تُنْقدُ

وهل يستوي رامٍ مرامِيهِ لَحْظُهُ ... ورامٍ مراميه لُجَيْنُ وعَسْجَدُ

وما أملي في المَذْحجِيِّ بِمُنْتَهٍ ... ولكنَّه كالشيءِ بُلَّتْ بِهِ اليَدُ

إلى أين بِي عن صَاعِدٍ وانْتِجَاعِهِ ... وقد رَادَهُ الروَّادُ قبلي فأَحْمَدُوا

وَلي بأبي عيسى إليه وسِيلَة ٌ ... يُفَكُّ بها أصفادُ عانٍ ويُصْفَدُ

ومَالي لا أغدو وَهَذَانِ مَعْمَدِي ... وَمَا لَهُمَا إلاَّ الْعَوَارِفَ مَعْمَدُ

لَعَمْرِي لئن أضحت وِزَارة ُ صاعد ... تُثَنَّى لقد أضحى كريماً يُوحَّدُأبَيْنَ ضُلوعي جَمْرة ٌ تتوقَّدُ

على ما مضى أَمْ حسرَة ٌ تتجدَّدُ ... خليليَّ ما بعد الشَّبابِ رَزِيَّة ٌ

يُجَمُّ لها ماء الشؤون ويُعْتَدُ ... فلا تَلْحَيَا إن فاض دمْعٌ لفقده

فَقَلَّ له بحر من الدمع يُثْمدُ ... ولا تعجبا لِلْجَلْدِ يبكي فربّما

تفطَّر عن عينٍ من الماء جَلْمدُ ... شبابُ الفتى مجلودُه وعزاؤه

فكيف وأنَّى بعده يتجلدُ ... وفَقْدُ الشَّبابِ الموتُ يوجد طعْمُهُ

صُراحاً وطعمُ الموتِ بالموتِ يُفْقدُ ... رُزِئتُ شبابي عَوْدة ً بعد بَدْأة ٍ

وَهُنَّ الرزايا بادئاتٌ وعُوَّدُ ... سُلِبتُ سوادَ العارضَيْن وقبلُهُ

بياضَهما المحمودَ إذ أنا أمْردُ ... وبُدِّلْتُ من ذاك البياض وحسنِه

بياضاً ذميماً لا يزال يُسَوَّد ... لَشتَّان ما بين البياضَيْن مُعْجِبٌ

أنيق ومَشْنُوءٌ إلى العين أنكدُ ... تضاحك في أفنان رأسي ولحيتي

وأقبحُ ضَحَّاكَيْن شَيْبٌ وأدْردُ ... وكنتُ جِلاءً للعيون من القذى

فقد جعلَتْ تقذَي بشيبي وتَرقدُ ... هي الأعين النُّجْل التي كنتَ تشتكي

مواقِعَها في القلب والرأسُ أسودُ ... فما لك تأسَى الآن لما رأيتها

وقد جعلتْ مَرْمى سِوَاكَ تَعَمَّدُ ... تَشَكَّى إذا ما أقصدتْكَ سهامُها

وتأسَى إذا نكَّبْنَ عنك وتَكْمدُ ... كذلك تلك النَّبْلُ من وقعت به

ومن صُرِفَت عنه من القوم مُقْصَدُ ... إذا عَدَلْت عنا وجدنا عُدُولها

كموقعها في القلب بل هو أَجهدُ ... تَنكَّبُ عنا مرة فكأنما

مُنَكِّبُهَا عنا إلينا مُسَدِّدُ ... كفى حَزَناً أن الشباب مُعَجَّلٌ

قصيرُ الليالي والمَشِيبَ مخلَّدُ ... إذا حَلَّ جَارَى المرء شأْوَ حياته

إلى أن يضمَّ المرءَ والشيبَ مَلْحَدُ ... أرى الدهرَ أجْرَى ليله ونهاره

بعدلٍ فلا هذا ولا ذاك سَرْمدُ ... وجارَ على ليلِ الشباب فَضَامَهُ

نهارُ مشيب سَرْمدٌ ليس يَنْفَدُ ... وعزاك عن ليل الشباب معاشرٌ

فقالوا نهارُ الشيب أهدى وأرشدُ ... وكان نهارُ المرء أهْدَى لسعيه

ولكنَّ ظلَّ الليل أنْدَى وأبردُ ... أأيَّامَ لَهْوِي هل مَواضيكِ عُوَّدٌ

وهل لشباب ضل بالأمس مُنْشَدُ ... أقول وقد شابتْ شَوَاتِي وَقَوَّسَتْ

قناتي وأضْحَت كِدْنِتي تَتَخدَّدُ ... ودبَّ كَلاَلٌ في عظامي أدَبَّني

جَنِيبَ العصا أَنأَدُّ أو أتَأَيَّدُ ... وبُورِك طرفي فالشَّخَاصُ حياله

قَرَائن من أدنى مدى ً وَهْيَ فُرَّدُ ... ولَّذَّتْ أحاديثي الرجالُ وأعرضتْ

سُليمى وريَّا عن حديثي ومَهْدَدُ ... وبُدِّل إعجابُ الغواني تعجُّباً

فهنَّ رَوانٍ يَعْتَبِرْن وصُدَّدُ ... لِمَا تُؤذن الدنيا به من صروفها

يكون بكاءُ الطفل ساعة َ يُولَدُ ... وإلا فما يبكيه منها وإنها

لأفْسَحُ ممَّا كان فيه وأرْغَدُ ... إذا أبصرَ الدنيا اسْتَهلَّ كأنه

بما سوف يلقى من أذاها يُهَدَّدُ ... وللنفس أحْوال تظلُّ كأنها

تشاهِد فيها كلَّ غيب سيُشهَدُ ... رَزَحْتُ على مر الليالي وَكرِّهَا

وهل عن فَنَاءٍ من فناءَيْن عُنْدَدُ ... مَحَارُ الفتى شيخوخة أو منيِّة ٌ

ومرجوعُ وهَّاج المصابيح رِمْدَدُ ... وقد أغتدِي للوحش والوحشُ هُجَّدٌ

ولو نَذِرَتْ بي لم تبت وهي هُجَّدُ ... فيشقَى بيَ الثورُ القَصِيُّ مكانهُ

بحيث يراعيه الأَصَلُّ الخَفَيْدَدُ ... ترى كل ركَّاع على مَرْتَع

يخرُّ لرمحي ساجداً بل يُسَجَّدُ ... إذا غازَلته بالصريم نِعَاجُه

كما غازلتْ زِيراً أوانسُ خُرَّدُ ... أمَرْتُ به رمحاً غيُوراً فخاضهُ

ذَليقاً كما شَكَّ النَّقيلة مِسْرَدُ ... فَخَرَّ لَرَوْقَيْهِ صريعاً تخالُهُ

يُعَصْفَر من تامُورِهِ أَو يُفَرْصَدُ ... كأَن سِناني حين وافاه كَوْكَبٌ

أصيب به قِطْعٌ من المُزْن أَقهدُ ... وقد أشرب الكأس الغريضَ مِزاجُها

على ما تغناه الغريضُ ومعبدُ ... يطوف بها لِلشَّرْب أبيضُ مُخْطَفٌ

يجود له بالراح أسودُ أكْبَدُ ... بِمَوْلِيَّة ٍ خضراء يُنْغَمُ وسْطَها

ويُهْدَلُ في أرجَائها ويُهَدْهَدُ ... إذا شئْتُ راقتْ ناظريَّ نظائر

بمُصطبَحي والأدْمُ حولِيَ رُوَّدُ ... وَصِيفٌ وإبريقٌ ودُومٌ ومُرشقٌ

على شرف كلُّ الثلاثة أجْيَدُ ... وأنجبُ ما ولَّدت منه مسرة ً

إذا ما بَنَاتُ الصَّدْر ظلت توَلَّدُ ... حديثُ نتَاج من بني المزن أمُّهُ

مُعَنَّسَة ٌ مما تُعَتِّق صَرخَدُ ... وبيضاءُ يخبو دُرُّها من بياضها

ويذكو له ياقوتها والزبرجدُ ... لها سُنَّة ٌ كالشمس تبرز تارة

وطوراً يواريها صَبيرٌ منضَّدُ ... إذا ما التقى السُّكران سُكرا شبابها

وأكوابِها كادت من اللين تُعقَدُ ... لهوتُ بها ليلاً قصيراً طويلُه

وماليَ إلاَّ كفُّها مُتَوَسَّدُ ... وكم مثلِها من ظبية ٍ قد تَفيأَتْ

ظلالي وأغصانُ الشبيبة مُيَّدُ ... لعبتُ بأولى الدهر فاغْتَال شِرَّتي

بأخرى حَقُودٍ والجرائمُ تُحْقَدُ ... فصبراً على ما اشْتَدَّ منه فإنَّمَا

يقوم لما يشتد من يَتَشدَّدُ ... وما الدهر إلا كابنه فيه بُكْرَة ٌ

وهاجِرَة ٌ مسمومة الجو صَيْخدُ ... تذيق الفتى طوْرَى رخاء وشدة

حوادثُه والحولُ بالحول يُطْرَدُ ... وعزَّى أناساً أن كل حديقة ٍ

وإن أغْدَفَتْ أفنانُها ستخضَّدُ ... ومالي عزاء عن شبابي علمتُه

سوى أنني من بعده لا أُخَلَّدُ ... وأن مَشِيبي واعدٌ بلَحَاقه

وإنْ قال قوم إنه يَتَوَعَّدُ ... على أن في المأْمول من فضل صاعد

عزاءً جميلاً بل شباباً يجدَّدُ ... ستظهر نُعْماه عليّ فأغتدِي

وغصنُ شبابي ليّنُ المتنِ أغْيَدُ ... وتَصْطَادُ لي جدواه ما كنتُ صائداً

بشرخ الشباب الغَضِّ بل هي أصْيدُ ... وأفضلُ ما صِيدَتْ به العِينُ كالدُّمَى

مُهُورٌ وأثْمَانٌ من العين تُنْقدُ ... وهل يستوي رامٍ مرامِيهِ لَحْظُهُ

ورامٍ مراميه لُجَيْنُ وعَسْجَدُ ... وما أملي في المَذْحجِيِّ بِمُنْتَهٍ

ولكنَّه كالشيءِ بُلَّتْ بِهِ اليَدُ ... إلى أين بِي عن صَاعِدٍ وانْتِجَاعِهِ

وقد رَادَهُ الروَّادُ قبلي فأَحْمَدُوا ... وَلي بأبي عيسى إليه وسِيلَة ٌ

يُفَكُّ بها أصفادُ عانٍ ويُصْفَدُ ... ومَالي لا أغدو وَهَذَانِ مَعْمَدِي

وَمَا لَهُمَا إلاَّ الْعَوَارِفَ مَعْمَدُ ... لَعَمْرِي لئن أضحت وِزَارة ُ صاعد

تُثَنَّى لقد أضحى كريماً يُوحَّدُ ... وِزَارَتَهُ شَفْعٌ وذاك بحَقِّهِ

كَمَا أنَّه وِتْرٌ إذا عُدَّ سُؤْددُ ... هو الرجلُ المشْرُوك في جُلِّ مالِهِ

ولكنَّه بالخيْرِ والحمْدِ مفردُ ... يُقَرَّضُ إلا أنَّ ما قيلَ دُونه

ويوصف إلا أنه لا يُحَدّدُ ... أرقُّ من الماءِ الذي في حُسامه

طِبَاعاً وأمْضى منْ شَبَاهُ وأنجَدُ ... وأجْدَى وأنْدَى بطْنَ كَفٍّ من الحَيَا

وآبَى إباءً من صَفاة ٍ وأجْمَدُ ... وأبْهَرُ نُوراً للعيون من الَّتي

تُضَاهِيهِ في العلياء حين تَكَبَّدُ ... وأوْقَرُ من رَضْوَى ولو شاء نَسْفَهَا

إذن لم يُلْقِها طَرْفَة َ العَيْن مَرْكَدُ ... طويلُ التَّأنِّي لا العَجولُ ولا الذي

إذا طرقتْه نَوْبة ٌ يتبلَّدُ ... له سَوْرَة ٌ مكْتَنَّة ٌ في سَكِينَة ٍ

كما اكْتَنَّ في الغمْدِ الجُرَازُ المهنَّدُ ... إذا شَامَهَا قَرَّتْ قُلُوبٌ مَقرَّهَا

وإن سُلَّ منها فالْفَرائضُ تُرْعَدُ ... يُلاَقي العِدَا والأولياءَ ابْنُ مَخْلَدٍ

لقاءَ امْرِىء ٍ في اللَّه يَرْضَى ويعْبَدُ ... بِجَهْلٍ كجهل السيفِ والسيفُ مُنْتَضى ً

وحلْم كحلم السيف والسيفُ مُغْمَدُ ... وليسَ بِجَهْل الأغبياء ذوِي العَمَى

ولكنَّه جَهْلٌ به اللَّهُ يُعْبَدُ ... عُرَامٌ زَعيمٌ بالهُدَى أوْ فَبِالرَّدَى

إذا ما اعْتَدَى قوْمٌ عن القصْد عُنَّدُ ... قِرى ً مِنْ مليٍّ بالقِرى حِينَ يُبْتَغَى

كِلاَ نُزُلَيْهِ اللَّذُّ والكُرْه مُحْمَدُ ... عَتيدٌ لَديْهِ الخَيرُ والشرُّ لامْرىء ٍ

بَغَى أوْ بَغَى خيراً ولَلْخَيْرُ أَعْتَدُ ... صموتٌ بِلاَ عيَّ له من بلائه

نَوَاطِقُ تَسْتَدْعِي الرَّجَاءَ وتَزْأدُ ... كَفَى الوعْدَ والإِبعَادَ بالقوْلِ نَفْسَهُ

بأفْعَالِهِ والفِعْل للفِعْل أشْهَدُ ... إذا اقْتُفِرَتْ آثارُهُ فَعَدُوُّهُ

وموْلاَهُ مَوْعُودٌ هُنَاك ومُوعَدُ ... عزيزٌ غَدا فوْقَ الَّتَودُّدِ عِزُّهُ

وإحْسَانُه في ظلِّه يَتَوَدَّدُ ... يَغُضُّ عن السؤَّالِ من طَرْفِ عَيْنه

لِكَيْلاَ يَرَى الأحْرَارَ كيْفَ تُعَبَّدُ ... ويُطْرِقُ إطْراقَ الذَّليل وإنه

هُنَاكَ لَسَامِي نَاظِرِ العيْنِ أصْيَدُ ... إذا مَنَّ لم يَمْنُنْ بِمَنٍّ يَمُنُّهُ

وقال لنفسي أيُّها الناسُ أمْهَدُ ... وكل امْتِنَانٍ لا يُمَنُّ فإنه

أخفُّ مناطاً في الرقاب وأوْكَدُ ... تَجَاوَزَ أن يسْتأْنف المجدَ بالنَّدى

وفي كل ما اسْتَرْفدتَهُ فهُوَ أجْودُ ... ومن لمْ يَزِدْ في مجده بذْلُ مالِهِ

وجادَ به فَهْو الجَوَادُ المقلَّدُ ... ترى نَائلاً من نَائلٍ ثم ينتهيأبَيْنَ ضُلوعي جَمْرة ٌ تتوقَّدُ

على ما مضى أَمْ حسرَة ٌ تتجدَّدُ ... خليليَّ ما بعد الشَّبابِ رَزِيَّة ٌ

يُجَمُّ لها ماء الشؤون ويُعْتَدُ ... فلا تَلْحَيَا إن فاض دمْعٌ لفقده

فَقَلَّ له بحر من الدمع يُثْمدُ ... ولا تعجبا لِلْجَلْدِ يبكي فربّما

تفطَّر عن عينٍ من الماء جَلْمدُ ... شبابُ الفتى مجلودُه وعزاؤه

فكيف وأنَّى بعده يتجلدُ ... وفَقْدُ الشَّبابِ الموتُ يوجد طعْمُهُ

صُراحاً وطعمُ الموتِ بالموتِ يُفْقدُ ... رُزِئتُ شبابي عَوْدة ً بعد بَدْأة ٍ

وَهُنَّ الرزايا بادئاتٌ وعُوَّدُ ... سُلِبتُ سوادَ العارضَيْن وقبلُهُ

بياضَهما المحمودَ إذ أنا أمْردُ ... وبُدِّلْتُ من ذاك البياض وحسنِه

بياضاً ذميماً لا يزال يُسَوَّد ... لَشتَّان ما بين البياضَيْن مُعْجِبٌ

أنيق ومَشْنُوءٌ إلى العين أنكدُ ... تضاحك في أفنان رأسي ولحيتي

وأقبحُ ضَحَّاكَيْن شَيْبٌ وأدْردُ ... وكنتُ جِلاءً للعيون من القذى

فقد جعلَتْ تقذَي بشيبي وتَرقدُ ... هي الأعين النُّجْل التي كنتَ تشتكي

مواقِعَها في القلب والرأسُ أسودُ ... فما لك تأسَى الآن لما رأيتها

وقد جعلتْ مَرْمى سِوَاكَ تَعَمَّدُ ... تَشَكَّى إذا ما أقصدتْكَ سهامُها

وتأسَى إذا نكَّبْنَ عنك وتَكْمدُ ... كذلك تلك النَّبْلُ من وقعت به

ومن صُرِفَت عنه من القوم مُقْصَدُ ... إذا عَدَلْت عنا وجدنا عُدُولها

كموقعها في القلب بل هو أَجهدُ ... تَنكَّبُ عنا مرة فكأنما

مُنَكِّبُهَا عنا إلينا مُسَدِّدُ ... كفى حَزَناً أن الشباب مُعَجَّلٌ

قصيرُ الليالي والمَشِيبَ مخلَّدُ ... إذا حَلَّ جَارَى المرء شأْوَ حياته

إلى أن يضمَّ المرءَ والشيبَ مَلْحَدُ ... أرى الدهرَ أجْرَى ليله ونهاره

بعدلٍ فلا هذا ولا ذاك سَرْمدُ ... وجارَ على ليلِ الشباب فَضَامَهُ

نهارُ مشيب سَرْمدٌ ليس يَنْفَدُ ... وعزاك عن ليل الشباب معاشرٌ

فقالوا نهارُ الشيب أهدى وأرشدُ ... وكان نهارُ المرء أهْدَى لسعيه

ولكنَّ ظلَّ الليل أنْدَى وأبردُ ... أأيَّامَ لَهْوِي هل مَواضيكِ عُوَّدٌ

وهل لشباب ضل بالأمس مُنْشَدُ ... أقول وقد شابتْ شَوَاتِي وَقَوَّسَتْ

قناتي وأضْحَت كِدْنِتي تَتَخدَّدُ ... ودبَّ كَلاَلٌ في عظامي أدَبَّني

جَنِيبَ العصا أَنأَدُّ أو أتَأَيَّدُ ... وبُورِك طرفي فالشَّخَاصُ حياله

قَرَائن من أدنى مدى ً وَهْيَ فُرَّدُ ... ولَّذَّتْ أحاديثي الرجالُ وأعرضتْ

سُليمى وريَّا عن حديثي ومَهْدَدُ ... وبُدِّل إعجابُ الغواني تعجُّباً

فهنَّ رَوانٍ يَعْتَبِرْن وصُدَّدُ ... لِمَا تُؤذن الدنيا به من صروفها

يكون بكاءُ الطفل ساعة َ يُولَدُ ... وإلا فما يبكيه منها وإنها

لأفْسَحُ ممَّا كان فيه وأرْغَدُ ... إذا أبصرَ الدنيا اسْتَهلَّ كأنه

بما سوف يلقى من أذاها يُهَدَّدُ ... وللنفس أحْوال تظلُّ كأنها

تشاهِد فيها كلَّ غيب سيُشهَدُ ... رَزَحْتُ على مر الليالي وَكرِّهَا

وهل عن فَنَاءٍ من فناءَيْن عُنْدَدُ ... مَحَارُ الفتى شيخوخة أو منيِّة ٌ

ومرجوعُ وهَّاج المصابيح رِمْدَدُ ... وقد أغتدِي للوحش والوحشُ هُجَّدٌ

ولو نَذِرَتْ بي لم تبت وهي هُجَّدُ ... فيشقَى بيَ الثورُ القَصِيُّ مكانهُ

بحيث يراعيه الأَصَلُّ الخَفَيْدَدُ ... ترى كل ركَّاع على مَرْتَع

يخرُّ لرمحي ساجداً بل يُسَجَّدُ ... إذا غازَلته بالصريم نِعَاجُه

كما غازلتْ زِيراً أوانسُ خُرَّدُ ... أمَرْتُ به رمحاً غيُوراً فخاضهُ

ذَليقاً كما شَكَّ النَّقيلة مِسْرَدُ ... فَخَرَّ لَرَوْقَيْهِ صريعاً تخالُهُ

يُعَصْفَر من تامُورِهِ أَو يُفَرْصَدُ ... كأَن سِناني حين وافاه كَوْكَبٌ

أصيب به قِطْعٌ من المُزْن أَقهدُ ... وقد أشرب الكأس الغريضَ مِزاجُها

على ما تغناه الغريضُ ومعبدُ ... يطوف بها لِلشَّرْب أبيضُ مُخْطَفٌ

يجود له بالراح أسودُ أكْبَدُ ... بِمَوْلِيَّة ٍ خضراء يُنْغَمُ وسْطَها

ويُهْدَلُ في أرجَائها ويُهَدْهَدُ ... إذا شئْتُ راقتْ ناظريَّ نظائر

بمُصطبَحي والأدْمُ حولِيَ رُوَّدُ ... وَصِيفٌ وإبريقٌ ودُومٌ ومُرشقٌ

على شرف كلُّ الثلاثة أجْيَدُ ... وأنجبُ ما ولَّدت منه مسرة ً

إذا ما بَنَاتُ الصَّدْر ظلت توَلَّدُ ... حديثُ نتَاج من بني المزن أمُّهُ

مُعَنَّسَة ٌ مما تُعَتِّق صَرخَدُ ... وبيضاءُ يخبو دُرُّها من بياضها

ويذكو له ياقوتها والزبرجدُ ... لها سُنَّة ٌ كالشمس تبرز تارة

وطوراً يواريها صَبيرٌ منضَّدُ ... إذا ما التقى السُّكران سُكرا شبابها

وأكوابِها كادت من اللين تُعقَدُ ... لهوتُ بها ليلاً قصيراً طويلُه

وماليَ إلاَّ كفُّها مُتَوَسَّدُ ... وكم مثلِها من ظبية ٍ قد تَفيأَتْ

ظلالي وأغصانُ الشبيبة مُيَّدُ ... لعبتُ بأولى الدهر فاغْتَال شِرَّتي

بأخرى حَقُودٍ والجرائمُ تُحْقَدُ ... فصبراً على ما اشْتَدَّ منه فإنَّمَا

يقوم لما يشتد من يَتَشدَّدُ ... وما الدهر إلا كابنه فيه بُكْرَة ٌ

وهاجِرَة ٌ مسمومة الجو صَيْخدُ ... تذيق الفتى طوْرَى رخاء وشدة

حوادثُه والحولُ بالحول يُطْرَدُ ... وعزَّى أناساً أن كل حديقة ٍ

وإن أغْدَفَتْ أفنانُها ستخضَّدُ ... ومالي عزاء عن شبابي علمتُه

سوى أنني من بعده لا أُخَلَّدُ ... وأن مَشِيبي واعدٌ بلَحَاقه

وإنْ قال قوم إنه يَتَوَعَّدُ ... على أن في المأْمول من فضل صاعد

عزاءً جميلاً بل شباباً يجدَّدُ ... ستظهر نُعْماه عليّ فأغتدِي

وغصنُ شبابي ليّنُ المتنِ أغْيَدُ ... وتَصْطَادُ لي جدواه ما كنتُ صائداً

بشرخ الشباب الغَضِّ بل هي أصْيدُ ... وأفضلُ ما صِيدَتْ به العِينُ كالدُّمَى

مُهُورٌ وأثْمَانٌ من العين تُنْقدُ ... وهل يستوي رامٍ مرامِيهِ لَحْظُهُ

ورامٍ مراميه لُجَيْنُ وعَسْجَدُ ... وما أملي في المَذْحجِيِّ بِمُنْتَهٍ

ولكنَّه كالشيءِ بُلَّتْ بِهِ اليَدُ ... إلى أين بِي عن صَاعِدٍ وانْتِجَاعِهِ

وقد رَادَهُ الروَّادُ قبلي فأَحْمَدُوا ... وَلي بأبي عيسى إليه وسِيلَة ٌ

يُفَكُّ بها أصفادُ عانٍ ويُصْفَدُ ... ومَالي لا أغدو وَهَذَانِ مَعْمَدِي

وَمَا لَهُمَا إلاَّ الْعَوَارِفَ مَعْمَدُ ... لَعَمْرِي لئن أضحت وِزَارة ُ صاعد

تُثَنَّى لقد أضحى كريماً يُوحَّدُ ... وِزَارَتَهُ شَفْعٌ وذاك بحَقِّهِ

كَمَا أنَّه وِتْرٌ إذا عُدَّ سُؤْددُ ... هو الرجلُ المشْرُوك في جُلِّ مالِهِ

ولكنَّه بالخيْرِ والحمْدِ مفردُ ... يُقَرَّضُ إلا أنَّ ما قيلَ دُونه

ويوصف إلا أنه لا يُحَدّدُ ... أرقُّ من الماءِ الذي في حُسامه

طِبَاعاً وأمْضى منْ شَبَاهُ وأنجَدُ ... وأجْدَى وأنْدَى بطْنَ كَفٍّ من الحَيَا

وآبَى إباءً من صَفاة ٍ وأجْمَدُ ... وأبْهَرُ نُوراً للعيون من الَّتي

تُضَاهِيهِ في العلياء حين تَكَبَّدُ ... وأوْقَرُ من رَضْوَى ولو شاء نَسْفَهَا

إذن لم يُلْقِها طَرْفَة َ العَيْن مَرْكَدُ ... طويلُ التَّأنِّي لا العَجولُ ولا الذي

إذا طرقتْه نَوْبة ٌ يتبلَّدُ ... له سَوْرَة ٌ مكْتَنَّة ٌ في سَكِينَة ٍ

كما اكْتَنَّ في الغمْدِ الجُرَازُ المهنَّدُ ... إذا شَامَهَا قَرَّتْ قُلُوبٌ مَقرَّهَا

وإن سُلَّ منها فالْفَرائضُ تُرْعَدُ ... يُلاَقي العِدَا والأولياءَ ابْنُ مَخْلَدٍ

لقاءَ امْرِىء ٍ في اللَّه يَرْضَى ويعْبَدُ ... بِجَهْلٍ كجهل السيفِ والسيفُ مُنْتَضى ً

وحلْم كحلم السيف والسيفُ مُغْمَدُ ... وليسَ بِجَهْل الأغبياء ذوِي العَمَى

ولكنَّه جَهْلٌ به اللَّهُ يُعْبَدُ ... عُرَامٌ زَعيمٌ بالهُدَى أوْ فَبِالرَّدَى

إذا ما اعْتَدَى قوْمٌ عن القصْد عُنَّدُ ... قِرى ً مِنْ مليٍّ بالقِرى حِينَ يُبْتَغَى

كِلاَ نُزُلَيْهِ اللَّذُّ والكُرْه مُحْمَدُ ... عَتيدٌ لَديْهِ الخَيرُ والشرُّ لامْرىء ٍ

بَغَى أوْ بَغَى خيراً ولَلْخَيْرُ أَعْتَدُ ... صموتٌ بِلاَ عيَّ له من بلائه

نَوَاطِقُ تَسْتَدْعِي الرَّجَاءَ وتَزْأدُ ... كَفَى الوعْدَ والإِبعَادَ بالقوْلِ نَفْسَهُ

بأفْعَالِهِ والفِعْل للفِعْل أشْهَدُ ... إذا اقْتُفِرَتْ آثارُهُ فَعَدُوُّهُ

وموْلاَهُ مَوْعُودٌ هُنَاك ومُوعَدُ ... عزيزٌ غَدا فوْقَ الَّتَودُّدِ عِزُّهُ

وإحْسَانُه في ظلِّه يَتَوَدَّدُ ... يَغُضُّ عن السؤَّالِ من طَرْفِ عَيْنه

لِكَيْلاَ يَرَى الأحْرَارَ كيْفَ تُعَبَّدُ ... ويُطْرِقُ إطْراقَ الذَّليل وإنه

هُنَاكَ لَسَامِي نَاظِرِ العيْنِ أصْيَدُ ... إذا مَنَّ لم يَمْنُنْ بِمَنٍّ يَمُنُّهُ

وقال لنفسي أيُّها الناسُ أمْهَدُ ... وكل امْتِنَانٍ لا يُمَنُّ فإنه

أخفُّ مناطاً في الرقاب وأوْكَدُ ... تَجَاوَزَ أن يسْتأْنف المجدَ بالنَّدى

وفي كل ما اسْتَرْفدتَهُ فهُوَ أجْودُ ... ومن لمْ يَزِدْ في مجده بذْلُ مالِهِ

وجادَ به فَهْو الجَوَادُ المقلَّدُ ... ترى نَائلاً من نَائلٍ ثم ينتهي

إلى صَاعِدٍ إسنادُه حين يُسْنَدُ ... كأنَّ أباه يوم سمَّاهُ صاعداً

رأى كيفَ يَرْقَى في المعالي ويَصْعدُ ... جَرى وجرى الأكْفَاءُ شَأْواً ولم يزل

مُنَازِعُهُ الطُّولَى يُضَامُ ويُضْهَدُ ... فَلَمَّا تناهَى من يُبَارِيه في العلا

تَمادَى يُباري أمْسَهُ اليومُ والغدُ ... جَوادٌ ثَنَى غَرْبَ الجِياد بغَرْبِهِ

وظَلَّ يُجَاري ظلَّهُ وهو أوْحدُ ... وما أغْرَقَ المُدَّاحُ إلا غَلاَبِهِ

وراء مَغَالي مَدْحِهِمْ فيه مُخْلدُ ... وأسْلافُ صِدق من عَرَانِين مَذْحجٍ

طوَالُ المسَاعِي ليْس فيهِمْ مزنَّد ... بَنَوْا مجدَه في هَضْبَة ٍ مَذْحجيَّة ٍ

ذُؤَابَتُهَا بيْن الفَرَاقد فَرْقَدُ ... أُولئكَ أوْعَالُ المعَالي مُسَهَّلٌ

لَهُمْ مُرْتَقى ً في الوَعْر مِنْها ومَصعَدُ ... ألْم تَرَ زُلْفَى صاعد عند رَبه

بلى قد رأى السَّاهي ومَنْ يَتَفقَّدُ ... بَدَتْ قِبْلة ُ الدنيا ولِلنُّكْر فوقَها

ظِلالٌ وثَدْيُ العُرْف فيها مُجدَّدُ ... فَلَمَّا تولَّى الأمرَ نُكِّرَ مُنْكرٌ

وعُرِّف معْرُوف وأُصْلِحَ مُفْسَدُ ... وأَصْبَح شَمْلُ الناسِ وهْوَ مؤلَّف

وعَهْدِي بشمل الناس وهْو مُبِدَّدُ ... حَمَاهُمْ وأفشى العُرْفَ فيهم فكُلُّهُمْ

من الشرِّ مَمْنُوع مِنَ الخير مُمْجَدُ ... إذا أحْسَنُوا جُوزُوا جَزَاءً مُضَاعَفاً

وما اقتَرَفُوا من سَيىء ٍ مُتَعَمَّدُ ... ولَمَّا التَقَى خِصْبُ المرَادِ وأمْنُهُ

تَيَقَّظَ مَسْبُوتٌ ونام مُسَهَّدُ ... فلمْ يَمتَنعْ مَرعى ً على مُتعيِّشٍ

ولم يَنْقَطِع شِرْبٌ ولم يَنْبُ مَرْقَدُ ... فأضحُوا ومَا في راحة الموْتِ مَرْغَبٌ

لحِيٍّ ولا في لذَّة ِ العيْش مَزْهَدُ ... لِيَحْلُلْ ذَرَاه من تَلَدَّدَ حائراً

فما في ذَرَاهُ حائر يَتَلدَّدُ ... وَطَاغٍ عهدنا أمرَه وهْوَ حادثٌ

جَليلٌ فأمْسَى أمْرُه وهو مَعْهَدُ ... تمادَتْ بِه الطَّغْوَى ولم يدْر أنه

يُسَوِّغُ أكَّالاً له ثم يُزرَدُ ... فصادَف قَتَّالَ الطُّغاة ِ بمَرْصَدٍ

قريب وهل يَخْلُو من اللَّه مَرْصَد ... أُتيحَ له من ذي الغَنَاءَيْن صاعدٍ

مِصَاع ومَكْرٌ أَعْجَميٌّ مُوَلَّدُ ... فَعُجْمتُهُ كِتْمَانُهُ أينَ عَهْدُهُ

وتَوْلِيدُهُ عِرْفَانه أيْنَ يَعْمِدُ ... رماهُ بِحَوْلٍ لا يُطاق وقُوَة ٍ

وَلِيُّ بكلْتَا العدَّتَيْن مُؤَيَّدُ ... رأى صَيْدَه من أفْضل الصَّيْدِ كُلِّهِ

على أنَّهُ مِنْ شر ما يُتَصَيَّدُ ... فَبَثَّ له تِلْك الحَبائَل حَازِمٌ

من القوم كَيَّادٌ قَديماً مُكيَّدُ ... مُوَفَّقُ آراءٍ وزيُر مُوَفَّقٍ

يُعَاضِدُهُ والرُّكْنُ بالركن يُعْضَدُ ... إذَا نَابَ عنه في الأمورِ رَأيْتَه

كلاَ مَشْهَدَيْهِ لا يُدَانيهِ مشهدُ ... عُطَارِدُهُ ما أخْبَتِ الحربُ نَارَها

ومِرَّيخُهُ ما دَامَتِ الحربُ تَوقدُ ... يَصُولُ على أعدائه كلَّ صَوْلة

يَضِيقُ لها مِنْهُمْ مَقَامٌ ومَقْعَدُ ... تُفرَّقُ عنهُ المكائدِ جُندهُ

وتزدادهُمُ جنداً وجيشكَ محصدُ ... ولو كنتَ لمْ تزدهمُ وقَتْلتُهمْ

لكانَ لهُ في قتلهمْ مُتبرَّدُ ... ولكنْ بَغَى حتَّى نُصرتَ فلم تكنْ

تنقَّصهُ إلاَّوأنتَ تزيَّدُ ... ولابسُ سيفِ القرنِ عندَ استلابِهِ

أخرُّ لُه مِنْ كاسريهِ وأَكيَدُ ... وما زلتَ قدماً تشفعُ الكيدَ لِلْعدا

بِكيدٍ ومن اللقاء ربك تُنجدُ ... نزلتَ بهِ تأبى القِرَى غيرَ نفسه

وذاكَ قِرى ً من مِثلهِ لكَ مُعتدُ ... بأرعنَ لو يُرمى بهِ عرضُ يذبُلٍ

لأصبحَ مرسى صخرهِ وهوَ جَدْجَدُ ... إذا اجتازَ بحراً كادَ ينزحُ مَاؤهُ

وإن ضافَ برّاً كادتِ الأرضُ تَجردُ ... فما رمته حتى الستقل برأسه

مكان قناة الظهر أسمر وأجود ... تطيرُ عليهِ لحية ٌ منهُ أصبحتْ

لهُ راية ٌ يهدي بها الجيشَ مِطرَدُ ... تراهُ عيونُ الناظرين ودونُه

حجابٌ وبابٌ من جهنَّمَ مؤصَدُ ... يسيرُ لهُ في الدُّهمِ رأسُ مُعَطَّنٌ

وجثمانهُ بالقاعِ شِلوٌ مُقَدَّدُ ... مَنَاكَ لهُ في مِقدارهُ فكأنَّما

تَقَوَّضَ ثَهلانٌ عليه وصندَدُ ... ولمْ تألُ إنذاراً لهُ غير أنه

رأى أن متنَ البحر صَرحٌ مُمردُ ... حدوتَ بهِ نحوَ النَّجاة ِ كأنَّما

محجَّتُها البيضاءُ سَحلٌ مُمدَّدُ ... فلمَّا أيى إلا البوَارَ شَللتَهُ

إلى النارِ بئسَ الموردُ المتورَّدُ ... سكنتَ سكوناً كان رَهناً بعدوة ٍ

عمَاسٍ كذاكَ اللَّيثُ للوثب يلبَدُ ... وحَامى أبو العباسِ في كل مَوطنٍ

على يومهِ ثَوبٌ من الشرِّ مُجسدُ ... محاماة َ مِقدامٍ حيودٍ عن الهوى

ولكنَّهُ عن جانبِ العار أحيدُ ... وما شِبلُ ذاكَ اللَّيث إلا شبيههُ

وغيرُ عجيبٍ أن ترى الشِّبلَ يأسدُ ... وما بِئسَ عون المرءِ كانَ ابنُ مَخلَدٍ

نَصيحُكَ والأعداءُ نحوكَ صُمَّدُ ... مضى لكَ إذ كلَّ الحديدُ منَ الظُّبَا

وحاطكَ إذ رَثَّ النَّسيجُ المسرَّدُ ... وهت كلُّ درع فانثنى كلُّ مُنصلٍ

سوى صاعدٍ والموتُ للموتِ يَنهدُ ... فلا يَبعد الرَّأي الذي اخترتهُ بهِ

وقرَّبتهُ بل من أبى ذاكَ يبعدُ ... أما لئن استبَطنتهُ دونَ من دنتْ

إليكَ بهِالقربى وهنبثَ حُسَّدُ ... لكم داخلٌ بين الخصيمينِ مصلح

كما انغلَّ بين العين والجفنِ مرودُ ... ترى العين والملمول يبطنُ جفنها

إذا ما غدا إنسانها وهو أرمدُ ... تشكَّى فلا يُجدي عليها لَصِيقُها

فتدني الذييجدي وقرباهُ أبعدُ ... وما زلتَ مفتوحاً عليك بِصاعدٍ

تفوزُ وتستعلي وتحظى وتسعدُ ... بتدبيره طوراً وطوراً بيمنه

وما قادهُ التَّدبيرُ فاليمنُ أقودُ ... فمن يمنهِ إن غابَ عنكَ مُديْدة ً

فنالكَ دونَ الدِّرعِ أزرقُ مُصردُ ... فلما أراكَ اللهُ غرَّة َ وجههِ

تراءى لكَ السَّعدُ الذي كنتَ تعهدُ ... بَرأت بهِ من كلِّ ما أنتَ ضامنٌ

وأنتَ لِشروى تلكَ منهُ مُعودُ ... وبُدِّلتَ من قرحٍ بقتح مُسيَّرٍ

بأمثاله غاظ الحسودَ المحسَّدُ ... ألا ذلكَ الفتحُ المبينُ هناؤه

فَتَمَّ ولاقاهُ يزيدٌ ومزيدُ ... ومنْ يمنهِ أن دُمِّرَ العبدُ وابنهُ

وملاَّحُ قُنٍّ فالثلاثة ُ هُمَدُ ... وأتبعَ أهل الفسقِ من أوليائه

فوافاهُ والباقونَ فلٌّ مُشرَّدُ ... كأَنِّي بهم قدْ قيل عند بَوارهِم

رَعَوا ظمأهمْ حتَّى إذا تَمَّ أوْرَدُوا ... زُروعٌ سقاها اللَّه ريّا فأثمرت

عُتياً فأضحتْ وهيَ للنَّارِ تحصدُ ... يقولُ مقَالي في نَصيحِكِ من مشى

وَيقدمهمْ في ذاكَمنْ يتبغدَدُ ... وما قيلَ فيه منْ مديح فإنه

مديحكَ والنِّيَّاتُ نحوكَ عُمَّدُ ... إذا ما الأعادي حاولت كيدَ صاعدٍ

غدا يتعالى والأعادي توهَّدُ ... وحاربَ عن نعمائهِ ريبَ دهره

من البر والمعروف جُندٌ مُجَنَّدُ ... وأهلٌ لذاك المذحجيُّ ابنُ مَخْلدٍ

مع الخلدِ لو أنَّ ابن آدمَ مُخلَدُ ... حَلفتُ بمن حلاَّهُ كلَّ فضيلة

بأمثالها سادَ المَسُودَ المُسَوَّدُ ... لقدْ نالَ منهاة َ العلاءِ وإنَّه

بأّنَّ ابنهُ مثلَ العلاءِ لأسعدُ ... ألا ذلكَ الفوز الذي لا إخاله

على غيره من سائر القوم يُحشَدُ ... فتى الدِّين والدُّنيا الذي أذعنا له

ففي خنصرٍ منهُ لصعبينِ مِقودُ ... هو التاجُ والإكليلُ في كلِّ محفلٍ

بل السَّيفُ سيفُ الدولة المتقلّدُ ... يَزينُ ويحمي وهو في السِّلم زينة ٌ

لمن يرتديه وهو في الحرب مزودُ ... وليسَ بأن يلقى ولكن بأن يرى

بآرائه اللاَّقونَ والهامُ تُجلدُ ... تراهُ عن الحرب العوان بمعزلٍ

وآثارهُ فيهاوإن غابَ شُهَّدُ ... كما احتجب المقدارُ والحكمُ حكمهُ

على الناس طُرّاً ليسَ عنه مُعَرَّدُ ... إذا ما نبا سيفٌ فلاحظ رأيهُ

فموقعهُ ممَّن توخَّى مُمهَّدُ ... فتى ً روحهُ ضوءٌ بسيطٌ كيانُهُ

ومَسكنُ تلكَ الرُّوحِ نُورٌ مُجَسَّدُ ... صَفَا ونفَى عنه القَذَى فكأَنَّهُ

إذا ما استشفَّهُ العقولُ مُصَعَّدُ ... فتى ً هاجر الدنيا وحرَّمَ رِيقها

وهل رِيقُها إلا الرَّحيقُ الموَرَّدُ ... ولوْ طمعتْ في عطفه ووصالهِ

أباحتهُ منها مرشفاً لا يُصرَّدُنه أبَيْنَ ضُلوعي جَمْرة ٌ تتوقَّدُ ... على ما مضى أَمْ حسرَة ٌ تتجدَّدُ

خليليَّ ما بعد الشَّبابِ رَزِيَّة ٌ ... يُجَمُّ لها ماء الشؤون ويُعْتَدُ

فلا تَلْحَيَا إن فاض دمْعٌ لفقده ... فَقَلَّ له بحر من الدمع يُثْمدُ

ولا تعجبا لِلْجَلْدِ يبكي فربّما ... تفطَّر عن عينٍ من الماء جَلْمدُ

شبابُ الفتى مجلودُه وعزاؤه ... فكيف وأنَّى بعده يتجلدُ

وفَقْدُ الشَّبابِ الموتُ يوجد طعْمُهُ ... صُراحاً وطعمُ الموتِ بالموتِ يُفْقدُ

رُزِئتُ شبابي عَوْدة ً بعد بَدْأة ٍ ... وَهُنَّ الرزايا بادئاتٌ وعُوَّدُ

سُلِبتُ سوادَ العارضَيْن وقبلُهُ ... بياضَهما المحمودَ إذ أنا أمْردُ

وبُدِّلْتُ من ذاك البياض وحسنِه ... بياضاً ذميماً لا يزال يُسَوَّد

لَشتَّان ما بين البياضَيْن مُعْجِبٌ ... أنيق ومَشْنُوءٌ إلى العين أنكدُ

تضاحك في أفنان رأسي ولحيتي ... وأقبحُ ضَحَّاكَيْن شَيْبٌ وأدْردُ

وكنتُ جِلاءً للعيون من القذى ... فقد جعلَتْ تقذَي بشيبي وتَرقدُ

هي الأعين النُّجْل التي كنتَ تشتكي ... مواقِعَها في القلب والرأسُ أسودُ

فما لك تأسَى الآن لما رأيتها ... وقد جعلتْ مَرْمى سِوَاكَ تَعَمَّدُ

تَشَكَّى إذا ما أقصدتْكَ سهامُها ... وتأسَى إذا نكَّبْنَ عنك وتَكْمدُ

كذلك تلك النَّبْلُ من وقعت به ... ومن صُرِفَت عنه من القوم مُقْصَدُ

إذا عَدَلْت عنا وجدنا عُدُولها ... كموقعها في القلب بل هو أَجهدُ

تَنكَّبُ عنا مرة فكأنما ... مُنَكِّبُهَا عنا إلينا مُسَدِّدُ

كفى حَزَناً أن الشباب مُعَجَّلٌ ... قصيرُ الليالي والمَشِيبَ مخلَّدُ

إذا حَلَّ جَارَى المرء شأْوَ حياته ... إلى أن يضمَّ المرءَ والشيبَ مَلْحَدُ

أرى الدهرَ أجْرَى ليله ونهاره ... بعدلٍ فلا هذا ولا ذاك سَرْمدُ

وجارَ على ليلِ الشباب فَضَامَهُ ... نهارُ مشيب سَرْمدٌ ليس يَنْفَدُ

وعزاك عن ليل الشباب معاشرٌ ... فقالوا نهارُ الشيب أهدى وأرشدُ

وكان نهارُ المرء أهْدَى لسعيه ... ولكنَّ ظلَّ الليل أنْدَى وأبردُ

أأيَّامَ لَهْوِي هل مَواضيكِ عُوَّدٌ ... وهل لشباب ضل بالأمس مُنْشَدُ

أقول وقد شابتْ شَوَاتِي وَقَوَّسَتْ ... قناتي وأضْحَت كِدْنِتي تَتَخدَّدُ

ودبَّ كَلاَلٌ في عظامي أدَبَّني ... جَنِيبَ العصا أَنأَدُّ أو أتَأَيَّدُ

وبُورِك طرفي فالشَّخَاصُ حياله ... قَرَائن من أدنى مدى ً وَهْيَ فُرَّدُ

ولَّذَّتْ أحاديثي الرجالُ وأعرضتْ ... سُليمى وريَّا عن حديثي ومَهْدَدُ

وبُدِّل إعجابُ الغواني تعجُّباً ... فهنَّ رَوانٍ يَعْتَبِرْن وصُدَّدُ

لِمَا تُؤذن الدنيا به من صروفها ... يكون بكاءُ الطفل ساعة َ يُولَدُ

وإلا فما يبكيه منها وإنها ... لأفْسَحُ ممَّا كان فيه وأرْغَدُ

إذا أبصرَ الدنيا اسْتَهلَّ كأنه ... بما سوف يلقى من أذاها يُهَدَّدُ

وللنفس أحْوال تظلُّ كأنها ... تشاهِد فيها كلَّ غيب سيُشهَدُ

رَزَحْتُ على مر الليالي وَكرِّهَا ... وهل عن فَنَاءٍ من فناءَيْن عُنْدَدُ

مَحَارُ الفتى شيخوخة أو منيِّة ٌ ... ومرجوعُ وهَّاج المصابيح رِمْدَدُ

وقد أغتدِي للوحش والوحشُ هُجَّدٌ ... ولو نَذِرَتْ بي لم تبت وهي هُجَّدُ

فيشقَى بيَ الثورُ القَصِيُّ مكانهُ ... بحيث يراعيه الأَصَلُّ الخَفَيْدَدُ

ترى كل ركَّاع على مَرْتَع ... يخرُّ لرمحي ساجداً بل يُسَجَّدُ

إذا غازَلته بالصريم نِعَاجُه ... كما غازلتْ زِيراً أوانسُ خُرَّدُ

أمَرْتُ به رمحاً غيُوراً فخاضهُ ... ذَليقاً كما شَكَّ النَّقيلة مِسْرَدُ

فَخَرَّ لَرَوْقَيْهِ صريعاً تخالُهُ ... يُعَصْفَر من تامُورِهِ أَو يُفَرْصَدُ

كأَن سِناني حين وافاه كَوْكَبٌ ... أصيب به قِطْعٌ من المُزْن أَقهدُ

وقد أشرب الكأس الغريضَ مِزاجُها ... على ما تغناه الغريضُ ومعبدُ

يطوف بها لِلشَّرْب أبيضُ مُخْطَفٌ ... يجود له بالراح أسودُ أكْبَدُ

بِمَوْلِيَّة ٍ خضراء يُنْغَمُ وسْطَها ... ويُهْدَلُ في أرجَائها ويُهَدْهَدُ

إذا شئْتُ راقتْ ناظريَّ نظائر ... بمُصطبَحي والأدْمُ حولِيَ رُوَّدُ

وَصِيفٌ وإبريقٌ ودُومٌ ومُرشقٌ ... على شرف كلُّ الثلاثة أجْيَدُ

وأنجبُ ما ولَّدت منه مسرة ً ... إذا ما بَنَاتُ الصَّدْر ظلت توَلَّدُ

حديثُ نتَاج من بني المزن أمُّهُ ... مُعَنَّسَة ٌ مما تُعَتِّق صَرخَدُ

وبيضاءُ يخبو دُرُّها من بياضها ... ويذكو له ياقوتها والزبرجدُ

لها سُنَّة ٌ كالشمس تبرز تارة ... وطوراً يواريها صَبيرٌ منضَّدُ

إذا ما التقى السُّكران سُكرا شبابها ... وأكوابِها كادت من اللين تُعقَدُ

لهوتُ بها ليلاً قصيراً طويلُه ... وماليَ إلاَّ كفُّها مُتَوَسَّدُ

وكم مثلِها من ظبية ٍ قد تَفيأَتْ ... ظلالي وأغصانُ الشبيبة مُيَّدُ

لعبتُ بأولى الدهر فاغْتَال شِرَّتي ... بأخرى حَقُودٍ والجرائمُ تُحْقَدُ

فصبراً على ما اشْتَدَّ منه فإنَّمَا ... يقوم لما يشتد من يَتَشدَّدُ

وما الدهر إلا كابنه فيه بُكْرَة ٌ ... وهاجِرَة ٌ مسمومة الجو صَيْخدُ

تذيق الفتى طوْرَى رخاء وشدة ... حوادثُه والحولُ بالحول يُطْرَدُ

وعزَّى أناساً أن كل حديقة ٍ ... وإن أغْدَفَتْ أفنانُها ستخضَّدُ

ومالي عزاء عن شبابي علمتُه ... سوى أنني من بعده لا أُخَلَّدُ

وأن مَشِيبي واعدٌ بلَحَاقه ... وإنْ قال قوم إنه يَتَوَعَّدُ

على أن في المأْمول من فضل صاعد ... عزاءً جميلاً بل شباباً يجدَّدُ

ستظهر نُعْماه عليّ فأغتدِي ... وغصنُ شبابي ليّنُ المتنِ أغْيَدُ

وتَصْطَادُ لي جدواه ما كنتُ صائداً ... بشرخ الشباب الغَضِّ بل هي أصْيدُ

وأفضلُ ما صِيدَتْ به العِينُ كالدُّمَى ... مُهُورٌ وأثْمَانٌ من العين تُنْقدُ

وهل يستوي رامٍ مرامِيهِ لَحْظُهُ ... ورامٍ مراميه لُجَيْنُ وعَسْجَدُ

وما أملي في المَذْحجِيِّ بِمُنْتَهٍ ... ولكنَّه كالشيءِ بُلَّتْ بِهِ اليَدُ

إلى أين بِي عن صَاعِدٍ وانْتِجَاعِهِ ... وقد رَادَهُ الروَّادُ قبلي فأَحْمَدُوا

وَلي بأبي عيسى إليه وسِيلَة ٌ ... يُفَكُّ بها أصفادُ عانٍ ويُصْفَدُ

ومَالي لا أغدو وَهَذَانِ مَعْمَدِي ... وَمَا لَهُمَا إلاَّ الْعَوَارِفَ مَعْمَدُ

لَعَمْرِي لئن أضحت وِزَارة ُ صاعد ... تُثَنَّى لقد أضحى كريماً يُوحَّدُ

وِزَارَتَهُ شَفْعٌ وذاك بحَقِّهِ ... كَمَا أنَّه وِتْرٌ إذا عُدَّ سُؤْددُ

هو الرجلُ المشْرُوك في جُلِّ مالِهِ ... ولكنَّه بالخيْرِ والحمْدِ مفردُ

يُقَرَّضُ إلا أنَّ ما قيلَ دُونه ... ويوصف إلا أنه لا يُحَدّدُ

أرقُّ من الماءِ الذي في حُسامه ... طِبَاعاً وأمْضى منْ شَبَاهُ وأنجَدُ

وأجْدَى وأنْدَى بطْنَ كَفٍّ من الحَيَا ... وآبَى إباءً من صَفاة ٍ وأجْمَدُ

وأبْهَرُ نُوراً للعيون من الَّتي ... تُضَاهِيهِ في العلياء حين تَكَبَّدُ

وأوْقَرُ من رَضْوَى ولو شاء نَسْفَهَا ... إذن لم يُلْقِها طَرْفَة َ العَيْن مَرْكَدُ

طويلُ التَّأنِّي لا العَجولُ ولا الذي ... إذا طرقتْه نَوْبة ٌ يتبلَّدُ

له سَوْرَة ٌ مكْتَنَّة ٌ في سَكِينَة ٍ ... كما اكْتَنَّ في الغمْدِ الجُرَازُ المهنَّدُ

إذا شَامَهَا قَرَّتْ قُلُوبٌ مَقرَّهَا ... وإن سُلَّ منها فالْفَرائضُ تُرْعَدُ

يُلاَقي العِدَا والأولياءَ ابْنُ مَخْلَدٍ ... لقاءَ امْرِىء ٍ في اللَّه يَرْضَى ويعْبَدُ

بِجَهْلٍ كجهل السيفِ والسيفُ مُنْتَضى ً ... وحلْم كحلم السيف والسيفُ مُغْمَدُ

وليسَ بِجَهْل الأغبياء ذوِي العَمَى ... ولكنَّه جَهْلٌ به اللَّهُ يُعْبَدُ

عُرَامٌ زَعيمٌ بالهُدَى أوْ فَبِالرَّدَى ... إذا ما اعْتَدَى قوْمٌ عن القصْد عُنَّدُ

قِرى ً مِنْ مليٍّ بالقِرى حِينَ يُبْتَغَى ... كِلاَ نُزُلَيْهِ اللَّذُّ والكُرْه مُحْمَدُ

عَتيدٌ لَديْهِ الخَيرُ والشرُّ لامْرىء ٍ ... بَغَى أوْ بَغَى خيراً ولَلْخَيْرُ أَعْتَدُ

صموتٌ بِلاَ عيَّ له من بلائه ... نَوَاطِقُ تَسْتَدْعِي الرَّجَاءَ وتَزْأدُ

كَفَى الوعْدَ والإِبعَادَ بالقوْلِ نَفْسَهُ ... بأفْعَالِهِ والفِعْل للفِعْل أشْهَدُ

إذا اقْتُفِرَتْ آثارُهُ فَعَدُوُّهُ ... وموْلاَهُ مَوْعُودٌ هُنَاك ومُوعَدُ

عزيزٌ غَدا فوْقَ الَّتَودُّدِ عِزُّهُ ... وإحْسَانُه في ظلِّه يَتَوَدَّدُ

يَغُضُّ عن السؤَّالِ من طَرْفِ عَيْنه ... لِكَيْلاَ يَرَى الأحْرَارَ كيْفَ تُعَبَّدُ

ويُطْرِقُ إطْراقَ الذَّليل وإنه ... هُنَاكَ لَسَامِي نَاظِرِ العيْنِ أصْيَدُ

إذا مَنَّ لم يَمْنُنْ بِمَنٍّ يَمُنُّهُ ... وقال لنفسي أيُّها الناسُ أمْهَدُ

وكل امْتِنَانٍ لا يُمَنُّ فإنه ... أخفُّ مناطاً في الرقاب وأوْكَدُ

تَجَاوَزَ أن يسْتأْنف المجدَ بالنَّدى ... وفي كل ما اسْتَرْفدتَهُ فهُوَ أجْودُ

ومن لمْ يَزِدْ في مجده بذْلُ مالِهِ ... وجادَ به فَهْو الجَوَادُ المقلَّدُ

ترى نَائلاً من نَائلٍ ثم ينتهي ... إلى صَاعِدٍ إسنادُه حين يُسْنَدُ

كأنَّ أباه يوم سمَّاهُ صاعداً ... رأى كيفَ يَرْقَى في المعالي ويَصْعدُ

جَرى وجرى الأكْفَاءُ شَأْواً ولم يزل ... مُنَازِعُهُ الطُّولَى يُضَامُ ويُضْهَدُ

فَلَمَّا تناهَى من يُبَارِيه في العلا ... تَمادَى يُباري أمْسَهُ اليومُ والغدُ

جَوادٌ ثَنَى غَرْبَ الجِياد بغَرْبِهِ ... وظَلَّ يُجَاري ظلَّهُ وهو أوْحدُ

وما أغْرَقَ المُدَّاحُ إلا غَلاَبِهِ ... وراء مَغَالي مَدْحِهِمْ فيه مُخْلدُ

وأسْلافُ صِدق من عَرَانِين مَذْحجٍ ... طوَالُ المسَاعِي ليْس فيهِمْ مزنَّد

بَنَوْا مجدَه في هَضْبَة ٍ مَذْحجيَّة ٍ ... ذُؤَابَتُهَا بيْن الفَرَاقد فَرْقَدُ

أُولئكَ أوْعَالُ المعَالي مُسَهَّلٌ ... لَهُمْ مُرْتَقى ً في الوَعْر مِنْها ومَصعَدُ

ألْم تَرَ زُلْفَى صاعد عند رَبه ... بلى قد رأى السَّاهي ومَنْ يَتَفقَّدُ

بَدَتْ قِبْلة ُ الدنيا ولِلنُّكْر فوقَها ... ظِلالٌ وثَدْيُ العُرْف فيها مُجدَّدُ

فَلَمَّا تولَّى الأمرَ نُكِّرَ مُنْكرٌ ... وعُرِّف معْرُوف وأُصْلِحَ مُفْسَدُ

وأَصْبَح شَمْلُ الناسِ وهْوَ مؤلَّف ... وعَهْدِي بشمل الناس وهْو مُبِدَّدُ

حَمَاهُمْ وأفشى العُرْفَ فيهم فكُلُّهُمْ ... من الشرِّ مَمْنُوع مِنَ الخير مُمْجَدُ

إذا أحْسَنُوا جُوزُوا جَزَاءً مُضَاعَفاً ... وما اقتَرَفُوا من سَيىء ٍ مُتَعَمَّدُ

ولَمَّا التَقَى خِصْبُ المرَادِ وأمْنُهُ ... تَيَقَّظَ مَسْبُوتٌ ونام مُسَهَّدُ

فلمْ يَمتَنعْ مَرعى ً على مُتعيِّشٍ ... ولم يَنْقَطِع شِرْبٌ ولم يَنْبُ مَرْقَدُ

فأضحُوا ومَا في راحة الموْتِ مَرْغَبٌ ... لحِيٍّ ولا في لذَّة ِ العيْش مَزْهَدُ

لِيَحْلُلْ ذَرَاه من تَلَدَّدَ حائراً ... فما في ذَرَاهُ حائر يَتَلدَّدُ

وَطَاغٍ عهدنا أمرَه وهْوَ حادثٌ ... جَليلٌ فأمْسَى أمْرُه وهو مَعْهَدُ

تمادَتْ بِه الطَّغْوَى ولم يدْر أنه ... يُسَوِّغُ أكَّالاً له ثم يُزرَدُ

فصادَف قَتَّالَ الطُّغاة ِ بمَرْصَدٍ ... قريب وهل يَخْلُو من اللَّه مَرْصَد

أُتيحَ له من ذي الغَنَاءَيْن صاعدٍ ... مِصَاع ومَكْرٌ أَعْجَميٌّ مُوَلَّدُ

فَعُجْمتُهُ كِتْمَانُهُ أينَ عَهْدُهُ ... وتَوْلِيدُهُ عِرْفَانه أيْنَ يَعْمِدُ

رماهُ بِحَوْلٍ لا يُطاق وقُوَة ٍ ... وَلِيُّ بكلْتَا العدَّتَيْن مُؤَيَّدُ

رأى صَيْدَه من أفْضل الصَّيْدِ كُلِّهِ ... على أنَّهُ مِنْ شر ما يُتَصَيَّدُ

فَبَثَّ له تِلْك الحَبائَل حَازِمٌ ... من القوم كَيَّادٌ قَديماً مُكيَّدُ

مُوَفَّقُ آراءٍ وزيُر مُوَفَّقٍ ... يُعَاضِدُهُ والرُّكْنُ بالركن يُعْضَدُ

إذَا نَابَ عنه في الأمورِ رَأيْتَه ... كلاَ مَشْهَدَيْهِ لا يُدَانيهِ مشهدُ

عُطَارِدُهُ ما أخْبَتِ الحربُ نَارَها ... ومِرَّيخُهُ ما دَامَتِ الحربُ تَوقدُ

وإني لمهدٍ للمُوفَّقش شكره ... وشكركم عن كل من يتشهد

ومنْ تنقذوه تضمنوا ما يعيشه ... وما تغرسوه لا يزل يتعهدُ

وأوْلَى امْرئٍ أنْ تَشمَلُوهُ بفضلكم ... نَقِذُكُمُ والموتُ أسْودُ أربدُ

ومن شَكَرَ النُّعنى عُمُوماً فشْكرُهُ ... إذا هيَ خَصَّتْهُ أجَمُّ وأحشَدُ

أُرَانِي إذا ما فُزْتُ منها بجانبٍ ... كأَنِّيَ مخْصُوصٌ بها مُتَوَحِّدُ

وكنتُ امْرأً أوْفى الصّنيعة َ شكْرَهَا ... وإنْ كان غيري بالصَّنِيعَة يُقصدُ

وأنتُمْوإنْ كنتُمْ عَمَمْتُمْ بمنَنِكُمْ ... فقد خَصَّنِي من ذاك ما لسْتُ أجحدُ

أظلَّتْ سيوفُ الموت أهلَ بِلادِهِ ... فَكَشَّفْتُمُ أظْلالَها وَهْيَ رُكّد

شكرتُكُم شكر امْرِئٍ ذي حُشاشة ٍ ... بِكُمْ أصبَحَتْ فِي جسمه تَتردّد

وآنَقُ من عِقْد العقِيلة ِ جيدُهَا ... وأحسنُ من سِرْبالهَا المُتَجرّدُ

فمن مبلغٌ عني الأمير الذي به ... رَسَا الأسُّ وانتصَّ البناءُ المسنَّد

وعرَّى لمرضَاة الإله مَنَاصِلاً ... غِضَاباً ليس فيهنَّ مُعضَدُ

وَكَانتْ نَوَاحيهِ كِثَافاً تزل ... تَحَيّفُهَا سَحْتاً كَأنَّكَ مِبْرَدُ

فَظَلَّولمْ تَقْتُلْهُيلفِظُ نَفْسَهُ ... وظلولم تأسِرْهُوهوَ مُقيَّدُ

حَصَرْتَ عميدَ الزَّنْج حتَّى تَخَاذَلَتْ ... قُوَاهُ وأوْدَى زادُهُ المُتَزَوَّدُ

يَنَالُ اليهودُ الفاسقُونَ أَمَنهُ ... وَيَشْقَى به قومٌ إلى الله هُوَّدُ

وَقَتَّل أجْذَالَ العِبادَة ِ عَنْوَة ً ... وهمْ رُكَّعٌ بَيْنَ السَّولرِي وسُجَّدُ

قَتَلْت الذي اسْتَحْيَا النساء واصبحتْ ... وَئِيدتُهُ في البرِّ والبحرِ تُوأدُ

بِكَ ارْتُجِعَ الإسْلامُ بعدَ ذهابِهِ ... وعَادَ مَنَار الدِّينِ وهْوَ مُشيّد

وأمنْتَ لَيْلَ الخائفين فهاجدٌ ... وشَاكِرُ نُعْمَى قَائِمق يتَهجَّد

حَقَنْت دِماءَ العَقْرِ والعقْرِ بعْدَمَا ... هُريقَتْ حَرَاماً والخلَلُّون وقّد

أبا أحمدٍ أبليْتَ أمَّة َ حْمدٍ ... بلاءً سيرضَاهُ ابن عمِّك أحمدُ

ولكنهُ يرنُو إلى مَا لبِسْتُمُ ... وما تحتَه أسْى وأعْلَى وأمْجَدُ

ولو قَاسَ باسْتيجَابِكُمْ ما مُنِحْتُمُ ... لأطْفَأ ناراً في حَشَاه تَوَقَّدُ

يرى زِبْرِجَ الدنيا يرفُّ عليكُمُ ... ويُغْضِي عَن اسْتِحْقَاقِكُمْ فهْوَ يُفْأَدُ

لئن نصر الأنْصارُ بدْءاً نبيَّهمْ ... لقد عُدْتُم بالنصر والعودُ أحمدُ

أمَذْحجُ أحسنْتِ النضالَ فأبشِرِي ... بُشْكرِكِ عند الله والقَرْضُ يُشْكَدُ

وَمَا مذْحجٌإذْ كان منهابمَعْزِلٍ ... عن الحمدِ مَا لَمْ يَجْحَدِ الحقَّ جُحَّدُ

لاَطْفأ ناراً قد تعالى شُوَظُهَا ... وأوْقَدَ نُوراً كاد لولاه يَخْمَدُ

وإنْ تكفُرُوا فاللَّه شاكرُ سَعيه ... عَلَى الكْافِريهِوالنَّبيُّ محمدُ

ليشْكُرْ بَنُو الإسلام نعمة َ صاعدٍ ... بل النَّاسُ طُرّاً قولهً لا تُفَنَّندُ

وإنِّي على رَغْمِ الأعادي لَقائلٌ ... وإن أبْرَقُوا لي بالوعيدِ وأرعَدُوا

إذا ما اجْتَبَى مَالاً فَمَالاً أحَالَهُ ... قِتَالاً وزِلْزالاً لمن يَتَمَّردُ

فطوراً بأقلامٍ تجرد لِلحبا ... وطورا بأسيافٍ حِدادٍ تخَرّدُ

يَصُولُ على أعدائه كلَّ صَوْلة ... يَضِيقُ لها مِنْهُمْ مَقَامٌ ومَقْعَد

وأنتُمْ وهُمْ فَرْعَانِ صِنْوانِ تلتقي ... مَناسِبُكُمْ في مَنْصِبٍ لا يُزَهَّدُ

يَمَانُونَ مَيْمُونُو النَّقائِبِ فيكُمُ ... مُناصَحَة ٌ صِرْفٌ لمن يتَمَعْدَدُ

وِضَدٍّ لكم لا زَالَ يَسْفُلُ جَدُّهُ ... ولا بَرِحَتْ أنفَاسُه تَتَصَعّدُ

أرى منْ تعاطَى ما بلغْتُم كَرَائم ... مَنالَ الثريَّا وهو أكْمهُ مُقْعَدُ

وَمَا نِلْتُمُ أنْ جُدِدْتُمُ ... ولكن جَدَدْتُمْ والمضِيعُونَ سُمَّدُ

ولمْ تَسْلُكُوا فيما أتْيتُمْ مَضِلَّة ً ... ولكنْ لكُم فيهِ طريقٌ مُعَبَّدُ

فأهْونْ عليكم في المعالي ونَيْلها ... هناكَ بما يَدْمَى ومَا يَتَقَصَّدُ

إذا ما سَلَكْتُمْ في الصُّدورِ صُدُورها ... تَقَصَّدُ فيها عن دماءٍ تَفَصَّدُ

لِذلك آختْها الرماحُ فأصبحتْ ... تَقوَّمُ في أَيْدِيكُمُ وتأوَّدُ

مُعرِّبَة ٌ أقلامُكم نَبتَتْ لكُمْ ... بحيث الْتَقَى طَلْحٌ وضَالٌ وغَرْقَدُ

حُمَاة ٌ وكُتَّابٌ تَسُوسُ أَكُفُّكُم رماحاً ... وأقلاماً بها الملك يُعْمَدُ

تُدَبِّرُنَا منْكم نجومٌ ثَوَاقبٌ ... تَبَهْرَمُ في تدبيرها وتَعَطْرَدُ

تُفرَّقُ عنهُ المكائدِ جُندهُ ... وتزدادهُمُ جنداً وجيشكَ محصدُ

ولو كنتَ لمْ تزدهمُ وقَتْلتُهمْ ... لكانَ لهُ في قتلهمْ مُتبرَّدُ

ولكنْ بَغَى حتَّى نُصرتَ فلم تكنْ ... تنقَّصهُ إلاَّوأنتَ تزيَّدُ

ولابسُ سيفِ القرنِ عندَ استلابِهِ ... أخرُّ لُه مِنْ كاسريهِ وأَكيَدُ

وما زلتَ قدماً تشفعُ الكيدَ لِلْعدا ... بِكيدٍ ومن اللقاء ربك تُنجدُ

نزلتَ بهِ تأبى القِرَى غيرَ نفسه ... وذاكَ قِرى ً من مِثلهِ لكَ مُعتدُ

بأرعنَ لو يُرمى بهِ عرضُ يذبُلٍ ... لأصبحَ مرسى صخرهِ وهوَ جَدْجَدُ

إذا اجتازَ بحراً كادَ ينزحُ مَاؤهُ ... وإن ضافَ برّاً كادتِ الأرضُ تَجردُ

فما رمته حتى الستقل برأسه ... مكان قناة الظهر أسمر وأجود

تطيرُ عليهِ لحية ٌ منهُ أصبحتْ ... لهُ راية ٌ يهدي بها الجيشَ مِطرَدُ

تراهُ عيونُ الناظرين ودونُه ... حجابٌ وبابٌ من جهنَّمَ مؤصَدُ

يسيرُ لهُ في الدُّهمِ رأسُ مُعَطَّنٌ ... وجثمانهُ بالقاعِ شِلوٌ مُقَدَّدُ

مَنَاكَ لهُ في مِقدارهُ فكأنَّما ... تَقَوَّضَ ثَهلانٌ عليه وصندَدُ

ولمْ تألُ إنذاراً لهُ غير أنه ... رأى أن متنَ البحر صَرحٌ مُمردُ

حدوتَ بهِ نحوَ النَّجاة ِ كأنَّما ... محجَّتُها البيضاءُ سَحلٌ مُمدَّدُ

فلمَّا أيى إلا البوَارَ شَللتَهُ ... إلى النارِ بئسَ الموردُ المتورَّدُ

سكنتَ سكوناً كان رَهناً بعدوة ٍ ... عمَاسٍ كذاكَ اللَّيثُ للوثب يلبَدُ

وحَامى أبو العباسِ في كل مَوطنٍ ... على يومهِ ثَوبٌ من الشرِّ مُجسدُ

محاماة َ مِقدامٍ حيودٍ عن الهوى ... ولكنَّهُ عن جانبِ العار أحيدُ

وما شِبلُ ذاكَ اللَّيث إلا شبيههُ ... وغيرُ عجيبٍ أن ترى الشِّبلَ يأسدُ

وما بِئسَ عون المرءِ كانَ ابنُ مَخلَدٍ ... نَصيحُكَ والأعداءُ نحوكَ صُمَّدُ

مضى لكَ إذ كلَّ الحديدُ منَ الظُّبَا ... وحاطكَ إذ رَثَّ النَّسيجُ المسرَّدُ

وهت كلُّ درع فانثنى كلُّ مُنصلٍ ... سوى صاعدٍ والموتُ للموتِ يَنهدُ

فلا يَبعد الرَّأي الذي اخترتهُ بهِ ... وقرَّبتهُ بل من أبى ذاكَ يبعدُ

أما لئن استبَطنتهُ دونَ من دنتْ ... إليكَ بهِالقربى وهنبثَ حُسَّدُ

لكم داخلٌ بين الخصيمينِ مصلح ... كما انغلَّ بين العين والجفنِ مرودُ

ترى العين والملمول يبطنُ جفنها ... إذا ما غدا إنسانها وهو أرمدُ

تشكَّى فلا يُجدي عليها لَصِيقُها ... فتدني الذييجدي وقرباهُ أبعدُ

وما زلتَ مفتوحاً عليك بِصاعدٍ ... تفوزُ وتستعلي وتحظى وتسعدُ

بتدبيره طوراً وطوراً بيمنه ... وما قادهُ التَّدبيرُ فاليمنُ أقودُ

فمن يمنهِ إن غابَ عنكَ مُديْدة ً ... فنالكَ دونَ الدِّرعِ أزرقُ مُصردُ

فلما أراكَ اللهُ غرَّة َ وجههِ ... تراءى لكَ السَّعدُ الذي كنتَ تعهدُ

بَرأت بهِ من كلِّ ما أنتَ ضامنٌ ... وأنتَ لِشروى تلكَ منهُ مُعودُ

وبُدِّلتَ من قرحٍ بقتح مُسيَّرٍ ... بأمثاله غاظ الحسودَ المحسَّدُ

ألا ذلكَ الفتحُ المبينُ هناؤه ... فَتَمَّ ولاقاهُ يزيدٌ ومزيدُ

ومنْ يمنهِ أن دُمِّرَ العبدُ وابنهُ ... وملاَّحُ قُنٍّ فالثلاثة ُ هُمَدُ

وأتبعَ أهل الفسقِ من أوليائه ... فوافاهُ والباقونَ فلٌّ مُشرَّدُ

كأَنِّي بهم قدْ قيل عند بَوارهِم ... رَعَوا ظمأهمْ حتَّى إذا تَمَّ أوْرَدُوا

زُروعٌ سقاها اللَّه ريّا فأثمرت ... عُتياً فأضحتْ وهيَ للنَّارِ تحصدُ

يقولُ مقَالي في نَصيحِكِ من مشى ... وَيقدمهمْ في ذاكَمنْ يتبغدَدُ

وما قيلَ فيه منْ مديح فإنه ... مديحكَ والنِّيَّاتُ نحوكَ عُمَّدُ

إذا ما الأعادي حاولت كيدَ صاعدٍ ... غدا يتعالى والأعادي توهَّدُ

وحاربَ عن نعمائهِ ريبَ دهره ... من البر والمعروف جُندٌ مُجَنَّدُ

وأهلٌ لذاك المذحجيُّ ابنُ مَخْلدٍ ... مع الخلدِ لو أنَّ ابن آدمَ مُخلَدُ

حَلفتُ بمن حلاَّهُ كلَّ فضيلة ... بأمثالها سادَ المَسُودَ المُسَوَّدُ

لقدْ نالَ منهاة َ العلاءِ وإنَّه ... بأّنَّ ابنهُ مثلَ العلاءِ لأسعدُ

ألا ذلكَ الفوز الذي لا إخاله ... على غيره من سائر القوم يُحشَدُ

فتى الدِّين والدُّنيا الذي أذعنا له ... ففي خنصرٍ منهُ لصعبينِ مِقودُ

هو التاجُ والإكليلُ في كلِّ محفلٍ ... بل السَّيفُ سيفُ الدولة المتقلّدُ

يَزينُ ويحمي وهو في السِّلم زينة ٌ ... لمن يرتديه وهو في الحرب مزودُ

وليسَ بأن يلقى ولكن بأن يرى ... بآرائه اللاَّقونَ والهامُ تُجلدُ

تراهُ عن الحرب العوان بمعزلٍ ... وآثارهُ فيهاوإن غابَ شُهَّدُ

كما احتجب المقدارُ والحكمُ حكمهُ ... على الناس طُرّاً ليسَ عنه مُعَرَّدُ

إذا ما نبا سيفٌ فلاحظ رأيهُ ... فموقعهُ ممَّن توخَّى مُمهَّدُ

فتى ً روحهُ ضوءٌ بسيطٌ كيانُهُ ... ومَسكنُ تلكَ الرُّوحِ نُورٌ مُجَسَّدُ

صَفَا ونفَى عنه القَذَى فكأَنَّهُ ... إذا ما استشفَّهُ العقولُ مُصَعَّدُ

فتى ً هاجر الدنيا وحرَّمَ رِيقها ... وهل رِيقُها إلا الرَّحيقُ الموَرَّدُ

ولوْ طمعتْ في عطفه ووصالهِ ... أباحتهُ منها مرشفاً لا يُصرَّدُ

أباها وقد عنَّتْ له من بناتِهَام أبَيْنَ ضُلوعي جَمْرة ٌ تتوقَّدُ ... على ما مضى أَمْ حسرَة ٌ تتجدَّدُ

خليليَّ ما بعد الشَّبابِ رَزِيَّة ٌ ... يُجَمُّ لها ماء الشؤون ويُعْتَدُ

فلا تَلْحَيَا إن فاض دمْعٌ لفقده ... فَقَلَّ له بحر من الدمع يُثْمدُ

ولا تعجبا لِلْجَلْدِ يبكي فربّما ... تفطَّر عن عينٍ من الماء جَلْمدُ

شبابُ الفتى مجلودُه وعزاؤه ... فكيف وأنَّى بعده يتجلدُ

وفَقْدُ الشَّبابِ الموتُ يوجد طعْمُهُ ... صُراحاً وطعمُ الموتِ بالموتِ يُفْقدُ

رُزِئتُ شبابي عَوْدة ً بعد بَدْأة ٍ ... وَهُنَّ الرزايا بادئاتٌ وعُوَّدُ

سُلِبتُ سوادَ العارضَيْن وقبلُهُ ... بياضَهما المحمودَ إذ أنا أمْردُ

وبُدِّلْتُ من ذاك البياض وحسنِه ... بياضاً ذميماً لا يزال يُسَوَّد

لَشتَّان ما بين البياضَيْن مُعْجِبٌ ... أنيق ومَشْنُوءٌ إلى العين أنكدُ

تضاحك في أفنان رأسي ولحيتي ... وأقبحُ ضَحَّاكَيْن شَيْبٌ وأدْردُ

وكنتُ جِلاءً للعيون من القذى ... فقد جعلَتْ تقذَي بشيبي وتَرقدُ

هي الأعين النُّجْل التي كنتَ تشتكي ... مواقِعَها في القلب والرأسُ أسودُ

فما لك تأسَى الآن لما رأيتها ... وقد جعلتْ مَرْمى سِوَاكَ تَعَمَّدُ

تَشَكَّى إذا ما أقصدتْكَ سهامُها ... وتأسَى إذا نكَّبْنَ عنك وتَكْمدُ

كذلك تلك النَّبْلُ من وقعت به ... ومن صُرِفَت عنه من القوم مُقْصَدُ

إذا عَدَلْت عنا وجدنا عُدُولها ... كموقعها في القلب بل هو أَجهدُ

تَنكَّبُ عنا مرة فكأنما ... مُنَكِّبُهَا عنا إلينا مُسَدِّدُ

كفى حَزَناً أن الشباب مُعَجَّلٌ ... قصيرُ الليالي والمَشِيبَ مخلَّدُ

إذا حَلَّ جَارَى المرء شأْوَ حياته ... إلى أن يضمَّ المرءَ والشيبَ مَلْحَدُ

أرى الدهرَ أجْرَى ليله ونهاره ... بعدلٍ فلا هذا ولا ذاك سَرْمدُ

وجارَ على ليلِ الشباب فَضَامَهُ ... نهارُ مشيب سَرْمدٌ ليس يَنْفَدُ

وعزاك عن ليل الشباب معاشرٌ ... فقالوا نهارُ الشيب أهدى وأرشدُ

وكان نهارُ المرء أهْدَى لسعيه ... ولكنَّ ظلَّ الليل أنْدَى وأبردُ

أأيَّامَ لَهْوِي هل مَواضيكِ عُوَّدٌ ... وهل لشباب ضل بالأمس مُنْشَدُ

أقول وقد شابتْ شَوَاتِي وَقَوَّسَتْ ... قناتي وأضْحَت كِدْنِتي تَتَخدَّدُ

ودبَّ كَلاَلٌ في عظامي أدَبَّني ... جَنِيبَ العصا أَنأَدُّ أو أتَأَيَّدُ

وبُورِك طرفي فالشَّخَاصُ حياله ... قَرَائن من أدنى مدى ً وَهْيَ فُرَّدُ

ولَّذَّتْ أحاديثي الرجالُ وأعرضتْ ... سُليمى وريَّا عن حديثي ومَهْدَدُ

وبُدِّل إعجابُ الغواني تعجُّباً ... فهنَّ رَوانٍ يَعْتَبِرْن وصُدَّدُ

لِمَا تُؤذن الدنيا به من صروفها ... يكون بكاءُ الطفل ساعة َ يُولَدُ

وإلا فما يبكيه منها وإنها ... لأفْسَحُ ممَّا كان فيه وأرْغَدُ

إذا أبصرَ الدنيا اسْتَهلَّ كأنه ... بما سوف يلقى من أذاها يُهَدَّدُ

وللنفس أحْوال تظلُّ كأنها ... تشاهِد فيها كلَّ غيب سيُشهَدُ

رَزَحْتُ على مر الليالي وَكرِّهَا ... وهل عن فَنَاءٍ من فناءَيْن عُنْدَدُ

مَحَارُ الفتى شيخوخة أو منيِّة ٌ ... ومرجوعُ وهَّاج المصابيح رِمْدَدُ

وقد أغتدِي للوحش والوحشُ هُجَّدٌ ... ولو نَذِرَتْ بي لم تبت وهي هُجَّدُ

فيشقَى بيَ الثورُ القَصِيُّ مكانهُ ... بحيث يراعيه الأَصَلُّ الخَفَيْدَدُ

ترى كل ركَّاع على مَرْتَع ... يخرُّ لرمحي ساجداً بل يُسَجَّدُ

إذا غازَلته بالصريم نِعَاجُه ... كما غازلتْ زِيراً أوانسُ خُرَّدُ

أمَرْتُ به رمحاً غيُوراً فخاضهُ ... ذَليقاً كما شَكَّ النَّقيلة مِسْرَدُ

فَخَرَّ لَرَوْقَيْهِ صريعاً تخالُهُ ... يُعَصْفَر من تامُورِهِ أَو يُفَرْصَدُ

كأَن سِناني حين وافاه كَوْكَبٌ ... أصيب به قِطْعٌ من المُزْن أَقهدُ

وقد أشرب الكأس الغريضَ مِزاجُها ... على ما تغناه الغريضُ ومعبدُ

يطوف بها لِلشَّرْب أبيضُ مُخْطَفٌ ... يجود له بالراح أسودُ أكْبَدُ

بِمَوْلِيَّة ٍ خضراء يُنْغَمُ وسْطَها ... ويُهْدَلُ في أرجَائها ويُهَدْهَدُ

إذا شئْتُ راقتْ ناظريَّ نظائر ... بمُصطبَحي والأدْمُ حولِيَ رُوَّدُ

وَصِيفٌ وإبريقٌ ودُومٌ ومُرشقٌ ... على شرف كلُّ الثلاثة أجْيَدُ

وأنجبُ ما ولَّدت منه مسرة ً ... إذا ما بَنَاتُ الصَّدْر ظلت توَلَّدُ

حديثُ نتَاج من بني المزن أمُّهُ ... مُعَنَّسَة ٌ مما تُعَتِّق صَرخَدُ

وبيضاءُ يخبو دُرُّها من بياضها ... ويذكو له ياقوتها والزبرجدُ

لها سُنَّة ٌ كالشمس تبرز تارة ... وطوراً يواريها صَبيرٌ منضَّدُ

إذا ما التقى السُّكران سُكرا شبابها ... وأكوابِها كادت من اللين تُعقَدُ

لهوتُ بها ليلاً قصيراً طويلُه ... وماليَ إلاَّ كفُّها مُتَوَسَّدُ

وكم مثلِها من ظبية ٍ قد تَفيأَتْ ... ظلالي وأغصانُ الشبيبة مُيَّدُ

لعبتُ بأولى الدهر فاغْتَال شِرَّتي ... بأخرى حَقُودٍ والجرائمُ تُحْقَدُ

فصبراً على ما اشْتَدَّ منه فإنَّمَا ... يقوم لما يشتد من يَتَشدَّدُ

وما الدهر إلا كابنه فيه بُكْرَة ٌ ... وهاجِرَة ٌ مسمومة الجو صَيْخدُ

تذيق الفتى طوْرَى رخاء وشدة ... حوادثُه والحولُ بالحول يُطْرَدُ

وعزَّى أناساً أن كل حديقة ٍ ... وإن أغْدَفَتْ أفنانُها ستخضَّدُ

ومالي عزاء عن شبابي علمتُه ... سوى أنني من بعده لا أُخَلَّدُ

وأن مَشِيبي واعدٌ بلَحَاقه ... وإنْ قال قوم إنه يَتَوَعَّدُ

على أن في المأْمول من فضل صاعد ... عزاءً جميلاً بل شباباً يجدَّدُ

ستظهر نُعْماه عليّ فأغتدِي ... وغصنُ شبابي ليّنُ المتنِ أغْيَدُ

وتَصْطَادُ لي جدواه ما كنتُ صائداً ... بشرخ الشباب الغَضِّ بل هي أصْيدُ

وأفضلُ ما صِيدَتْ به العِينُ كالدُّمَى ... مُهُورٌ وأثْمَانٌ من العين تُنْقدُ

وهل يستوي رامٍ مرامِيهِ لَحْظُهُ ... ورامٍ مراميه لُجَيْنُ وعَسْجَدُ

وما أملي في المَذْحجِيِّ بِمُنْتَهٍ ... ولكنَّه كالشيءِ بُلَّتْ بِهِ اليَدُ

إلى أين بِي عن صَاعِدٍ وانْتِجَاعِهِ ... وقد رَادَهُ الروَّادُ قبلي فأَحْمَدُوا

وَلي بأبي عيسى إليه وسِيلَة ٌ ... يُفَكُّ بها أصفادُ عانٍ ويُصْفَدُ

ومَالي لا أغدو وَهَذَانِ مَعْمَدِي ... وَمَا لَهُمَا إلاَّ الْعَوَارِفَ مَعْمَدُ

لَعَمْرِي لئن أضحت وِزَارة ُ صاعد ... تُثَنَّى لقد أضحى كريماً يُوحَّدُ

وِزَارَتَهُ شَفْعٌ وذاك بحَقِّهِ ... كَمَا أنَّه وِتْرٌ إذا عُدَّ سُؤْددُ

هو الرجلُ المشْرُوك في جُلِّ مالِهِ ... ولكنَّه بالخيْرِ والحمْدِ مفردُ

يُقَرَّضُ إلا أنَّ ما قيلَ دُونه ... ويوصف إلا أنه لا يُحَدّدُ

أرقُّ من الماءِ الذي في حُسامه ... طِبَاعاً وأمْضى منْ شَبَاهُ وأنجَدُ

وأجْدَى وأنْدَى بطْنَ كَفٍّ من الحَيَا ... وآبَى إباءً من صَفاة ٍ وأجْمَدُ

وأبْهَرُ نُوراً للعيون من الَّتي ... تُضَاهِيهِ في العلياء حين تَكَبَّدُ

وأوْقَرُ من رَضْوَى ولو شاء نَسْفَهَا ... إذن لم يُلْقِها طَرْفَة َ العَيْن مَرْكَدُ

طويلُ التَّأنِّي لا العَجولُ ولا الذي ... إذا طرقتْه نَوْبة ٌ يتبلَّدُ

له سَوْرَة ٌ مكْتَنَّة ٌ في سَكِينَة ٍ ... كما اكْتَنَّ في الغمْدِ الجُرَازُ المهنَّدُ

إذا شَامَهَا قَرَّتْ قُلُوبٌ مَقرَّهَا ... وإن سُلَّ منها فالْفَرائضُ تُرْعَدُ

يُلاَقي العِدَا والأولياءَ ابْنُ مَخْلَدٍ ... لقاءَ امْرِىء ٍ في اللَّه يَرْضَى ويعْبَدُ

بِجَهْلٍ كجهل السيفِ والسيفُ مُنْتَضى ً ... وحلْم كحلم السيف والسيفُ مُغْمَدُ

وليسَ بِجَهْل الأغبياء ذوِي العَمَى ... ولكنَّه جَهْلٌ به اللَّهُ يُعْبَدُ

عُرَامٌ زَعيمٌ بالهُدَى أوْ فَبِالرَّدَى ... إذا ما اعْتَدَى قوْمٌ عن القصْد عُنَّدُ

قِرى ً مِنْ مليٍّ بالقِرى حِينَ يُبْتَغَى ... كِلاَ نُزُلَيْهِ اللَّذُّ والكُرْه مُحْمَدُ

عَتيدٌ لَديْهِ الخَيرُ والشرُّ لامْرىء ٍ ... بَغَى أوْ بَغَى خيراً ولَلْخَيْرُ أَعْتَدُ

صموتٌ بِلاَ عيَّ له من بلائه ... نَوَاطِقُ تَسْتَدْعِي الرَّجَاءَ وتَزْأدُ

كَفَى الوعْدَ والإِبعَادَ بالقوْلِ نَفْسَهُ ... بأفْعَالِهِ والفِعْل للفِعْل أشْهَدُ

إذا اقْتُفِرَتْ آثارُهُ فَعَدُوُّهُ ... وموْلاَهُ مَوْعُودٌ هُنَاك ومُوعَدُ

عزيزٌ غَدا فوْقَ الَّتَودُّدِ عِزُّهُ ... وإحْسَانُه في ظلِّه يَتَوَدَّدُ

يَغُضُّ عن السؤَّالِ من طَرْفِ عَيْنه ... لِكَيْلاَ يَرَى الأحْرَارَ كيْفَ تُعَبَّدُ

ويُطْرِقُ إطْراقَ الذَّليل وإنه ... هُنَاكَ لَسَامِي نَاظِرِ العيْنِ أصْيَدُ

إذا مَنَّ لم يَمْنُنْ بِمَنٍّ يَمُنُّهُ ... وقال لنفسي أيُّها الناسُ أمْهَدُ

وكل امْتِنَانٍ لا يُمَنُّ فإنه ... أخفُّ مناطاً في الرقاب وأوْكَدُ

تَجَاوَزَ أن يسْتأْنف المجدَ بالنَّدى ... وفي كل ما اسْتَرْفدتَهُ فهُوَ أجْودُ

ومن لمْ يَزِدْ في مجده بذْلُ مالِهِ ... وجادَ به فَهْو الجَوَادُ المقلَّدُ

ترى نَائلاً من نَائلٍ ثم ينتهي ... إلى صَاعِدٍ إسنادُه حين يُسْنَدُ

كأنَّ أباه يوم سمَّاهُ صاعداً ... رأى كيفَ يَرْقَى في المعالي ويَصْعدُ

جَرى وجرى الأكْفَاءُ شَأْواً ولم يزل ... مُنَازِعُهُ الطُّولَى يُضَامُ ويُضْهَدُ

فَلَمَّا تناهَى من يُبَارِيه في العلا ... تَمادَى يُباري أمْسَهُ اليومُ والغدُ

جَوادٌ ثَنَى غَرْبَ الجِياد بغَرْبِهِ ... وظَلَّ يُجَاري ظلَّهُ وهو أوْحدُ

وما أغْرَقَ المُدَّاحُ إلا غَلاَبِهِ ... وراء مَغَالي مَدْحِهِمْ فيه مُخْلدُ

وأسْلافُ صِدق من عَرَانِين مَذْحجٍ ... طوَالُ المسَاعِي ليْس فيهِمْ مزنَّد

بَنَوْا مجدَه في هَضْبَة ٍ مَذْحجيَّة ٍ ... ذُؤَابَتُهَا بيْن الفَرَاقد فَرْقَدُ

أُولئكَ أوْعَالُ المعَالي مُسَهَّلٌ ... لَهُمْ مُرْتَقى ً في الوَعْر مِنْها ومَصعَدُ

ألْم تَرَ زُلْفَى صاعد عند رَبه ... بلى قد رأى السَّاهي ومَنْ يَتَفقَّدُ

بَدَتْ قِبْلة ُ الدنيا ولِلنُّكْر فوقَها ... ظِلالٌ وثَدْيُ العُرْف فيها مُجدَّدُ

فَلَمَّا تولَّى الأمرَ نُكِّرَ مُنْكرٌ ... وعُرِّف معْرُوف وأُصْلِحَ مُفْسَدُ

وأَصْبَح شَمْلُ الناسِ وهْوَ مؤلَّف ... وعَهْدِي بشمل الناس وهْو مُبِدَّدُ

حَمَاهُمْ وأفشى العُرْفَ فيهم فكُلُّهُمْ ... من الشرِّ مَمْنُوع مِنَ الخير مُمْجَدُ

إذا أحْسَنُوا جُوزُوا جَزَاءً مُضَاعَفاً ... وما اقتَرَفُوا من سَيىء ٍ مُتَعَمَّدُ

ولَمَّا التَقَى خِصْبُ المرَادِ وأمْنُهُ ... تَيَقَّظَ مَسْبُوتٌ ونام مُسَهَّدُ

فلمْ يَمتَنعْ مَرعى ً على مُتعيِّشٍ ... ولم يَنْقَطِع شِرْبٌ ولم يَنْبُ مَرْقَدُ

فأضحُوا ومَا في راحة الموْتِ مَرْغَبٌ ... لحِيٍّ ولا في لذَّة ِ العيْش مَزْهَدُ

لِيَحْلُلْ ذَرَاه من تَلَدَّدَ حائراً ... فما في ذَرَاهُ حائر يَتَلدَّدُ

وَطَاغٍ عهدنا أمرَه وهْوَ حادثٌ ... جَليلٌ فأمْسَى أمْرُه وهو مَعْهَدُ

تمادَتْ بِه الطَّغْوَى ولم يدْر أنه ... يُسَوِّغُ أكَّالاً له ثم يُزرَدُ

فصادَف قَتَّالَ الطُّغاة ِ بمَرْصَدٍ ... قريب وهل يَخْلُو من اللَّه مَرْصَد

أُتيحَ له من ذي الغَنَاءَيْن صاعدٍ ... مِصَاع ومَكْرٌ أَعْجَميٌّ مُوَلَّدُ

فَعُجْمتُهُ كِتْمَانُهُ أينَ عَهْدُهُ ... وتَوْلِيدُهُ عِرْفَانه أيْنَ يَعْمِدُ

رماهُ بِحَوْلٍ لا يُطاق وقُوَة ٍ ... وَلِيُّ بكلْتَا العدَّتَيْن مُؤَيَّدُ

رأى صَيْدَه من أفْضل الصَّيْدِ كُلِّهِ ... على أنَّهُ مِنْ شر ما يُتَصَيَّدُ

فَبَثَّ له تِلْك الحَبائَل حَازِمٌ ... من القوم كَيَّادٌ قَديماً مُكيَّدُ

مُوَفَّقُ آراءٍ وزيُر مُوَفَّقٍ ... يُعَاضِدُهُ والرُّكْنُ بالركن يُعْضَدُ

إذَا نَابَ عنه في الأمورِ رَأيْتَه ... كلاَ مَشْهَدَيْهِ لا يُدَانيهِ مشهدُ

عُطَارِدُهُ ما أخْبَتِ الحربُ نَارَها ... ومِرَّيخُهُ ما دَامَتِ الحربُ تَوقدُ

ومنْ تنقذوه تضمنوا ما يعيشه ... وما تغرسوه لا يزل يتعهدُ

وأوْلَى امْرئٍ أنْ تَشمَلُوهُ بفضلكم ... نَقِذُكُمُ والموتُ أسْودُ أربدُ

ومن شَكَرَ النُّعنى عُمُوماً فشْكرُهُ ... إذا هيَ خَصَّتْهُ أجَمُّ وأحشَدُ

أُرَانِي إذا ما فُزْتُ منها بجانبٍ ... كأَنِّيَ مخْصُوصٌ بها مُتَوَحِّدُ

وكنتُ امْرأً أوْفى الصّنيعة َ شكْرَهَا ... وإنْ كان غيري بالصَّنِيعَة يُقصدُ

وأنتُمْوإنْ كنتُمْ عَمَمْتُمْ بمنَنِكُمْ ... فقد خَصَّنِي من ذاك ما لسْتُ أجحدُ

أظلَّتْ سيوفُ الموت أهلَ بِلادِهِ ... فَكَشَّفْتُمُ أظْلالَها وَهْيَ رُكّد

شكرتُكُم شكر امْرِئٍ ذي حُشاشة ٍ ... بِكُمْ أصبَحَتْ فِي جسمه تَتردّد

وآنَقُ من عِقْد العقِيلة ِ جيدُهَا ... وأحسنُ من سِرْبالهَا المُتَجرّدُ

ولكنهُ يرنُو إلى مَا لبِسْتُمُ ... وما تحتَه أسْى وأعْلَى وأمْجَدُ

وإني لمهدٍ للمُوفَّقش شكره ... وشكركم عن كل من يتشهد

فمن مبلغٌ عني الأمير الذي به ... رَسَا الأسُّ وانتصَّ البناءُ المسنَّد

وعرَّى لمرضَاة الإله مَنَاصِلاً ... غِضَاباً ليس فيهنَّ مُعضَدُ

فَظَلَّولمْ تَقْتُلْهُيلفِظُ نَفْسَهُ ... وظلولم تأسِرْهُوهوَ مُقيَّدُ

حَصَرْتَ عميدَ الزَّنْج حتَّى تَخَاذَلَتْ ... قُوَاهُ وأوْدَى زادُهُ المُتَزَوَّدُ

يَنَالُ اليهودُ الفاسقُونَ أَمَنهُ ... وَيَشْقَى به قومٌ إلى الله هُوَّدُ

وَقَتَّل أجْذَالَ العِبادَة ِ عَنْوَة ً ... وهمْ رُكَّعٌ بَيْنَ السَّولرِي وسُجَّدُ

قَتَلْت الذي اسْتَحْيَا النساء واصبحتْ ... وَئِيدتُهُ في البرِّ والبحرِ تُوأدُ

بِكَ ارْتُجِعَ الإسْلامُ بعدَ ذهابِهِ ... وعَادَ مَنَار الدِّينِ وهْوَ مُشيّد

وأمنْتَ لَيْلَ الخائفين فهاجدٌ ... وشَاكِرُ نُعْمَى قَائِمق يتَهجَّد

حَقَنْت دِماءَ العَقْرِ والعقْرِ بعْدَمَا ... هُريقَتْ حَرَاماً والخلَلُّون وقّد

أبا أحمدٍ أبليْتَ أمَّة َ حْمدٍ ... بلاءً سيرضَاهُ ابن عمِّك أحمدُ

وَكَانتْ نَوَاحيهِ كِثَافاً تزل ... تَحَيّفُهَا سَحْتاً كَأنَّكَ مِبْرَدُ

ولو قَاسَ باسْتيجَابِكُمْ ما مُنِحْتُمُ ... لأطْفَأ ناراً في حَشَاه تَوَقَّدُ

يرى زِبْرِجَ الدنيا يرفُّ عليكُمُ ... ويُغْضِي عَن اسْتِحْقَاقِكُمْ فهْوَ يُفْأَدُ

لئن نصر الأنْصارُ بدْءاً نبيَّهمْ ... لقد عُدْتُم بالنصر والعودُ أحمدُ

أمَذْحجُ أحسنْتِ النضالَ فأبشِرِي ... بُشْكرِكِ عند الله والقَرْضُ يُشْكَدُ

وَمَا مذْحجٌإذْ كان منهابمَعْزِلٍ ... عن الحمدِ مَا لَمْ يَجْحَدِ الحقَّ جُحَّدُ

لاَطْفأ ناراً قد تعالى شُوَظُهَا ... وأوْقَدَ نُوراً كاد لولاه يَخْمَدُ

وإنْ تكفُرُوا فاللَّه شاكرُ سَعيه ... عَلَى الكْافِريهِوالنَّبيُّ محمدُ

ليشْكُرْ بَنُو الإسلام نعمة َ صاعدٍ ... بل النَّاسُ طُرّاً قولهً لا تُفَنَّندُ

وإنِّي على رَغْمِ الأعادي لَقائلٌ ... وإن أبْرَقُوا لي بالوعيدِ وأرعَدُوا

إذا ما اجْتَبَى مَالاً فَمَالاً أحَالَهُ ... قِتَالاً وزِلْزالاً لمن يَتَمَّردُ

فطوراً بأقلامٍ تجرد لِلحبا ... وطورا بأسيافٍ حِدادٍ تخَرّدُ

يَصُولُ على أعدائه كلَّ صَوْلة ... يَضِيقُ لها مِنْهُمْ مَقَامٌ ومَقْعَدُ

وأنتُمْ وهُمْ فَرْعَانِ صِنْوانِ تلتقي ... مَناسِبُكُمْ في مَنْصِبٍ لا يُزَهَّدُ

يَمَانُونَ مَيْمُونُو النَّقائِبِ فيكُمُ ... مُناصَحَة ٌ صِرْفٌ لمن يتَمَعْدَدُ

وِضَدٍّ لكم لا زَالَ يَسْفُلُ جَدُّهُ ... ولا بَرِحَتْ أنفَاسُه تَتَصَعّدُ

أرى منْ تعاطَى ما بلغْتُم كَرَائم ... مَنالَ الثريَّا وهو أكْمهُ مُقْعَدُ

وَمَا نِلْتُمُ أنْ جُدِدْتُمُ ... ولكن جَدَدْتُمْ والمضِيعُونَ سُمَّدُ

ولمْ تَسْلُكُوا فيما أتْيتُمْ مَضِلَّة ً ... ولكنْ لكُم فيهِ طريقٌ مُعَبَّدُ

فأهْونْ عليكم في المعالي ونَيْلها ... هناكَ بما يَدْمَى ومَا يَتَقَصَّدُ

إذا ما سَلَكْتُمْ في الصُّدورِ صُدُورها ... تَقَصَّدُ فيها عن دماءٍ تَفَصَّدُ

لِذلك آختْها الرماحُ فأصبحتْ ... تَقوَّمُ في أَيْدِيكُمُ وتأوَّدُ

مُعرِّبَة ٌ أقلامُكم نَبتَتْ لكُمْ ... بحيث الْتَقَى طَلْحٌ وضَالٌ وغَرْقَدُ

حُمَاة ٌ وكُتَّابٌ تَسُوسُ أَكُفُّكُم رماحاً ... وأقلاماً بها الملك يُعْمَدُ

تُدَبِّرُنَا منْكم نجومٌ ثَوَاقبٌ ... تَبَهْرَمُ في تدبيرها وتَعَطْرَدُ

تُفرِّقُ عنهُ بالمكائدِ جُندهُ ... وتزدادهُمُ جنداً وجيشكَ محصدُ

ولو كنتَ لمْ تزدهمُ وقَتْلتُهمْ ... لكانَ لهُ في قتلهمْ مُتبرَّدُ

ولكنْ بَغَى حتَّى نُصرتَ فلم تكنْ ... تنقَّصهُ إلاَّوأنتَ تزيَّدُ

ولابسُ سيفِ القرنِ عندَ استلابِهِ ... أخرُّ لُه مِنْ كاسريهِ وأَكيَدُ

وما زلتَ قدماً تشفعُ الكيدَ لِلْعدا ... بِكيدٍ ومن اللقاء ربك تُنجدُ

نزلتَ بهِ تأبى القِرَى غيرَ نفسه ... وذاكَ قِرى ً من مِثلهِ لكَ مُعتدُ

بأرعنَ لو يُرمى بهِ عرضُ يذبُلٍ ... لأصبحَ مرسى صخرهِ وهوَ جَدْجَدُ

إذا اجتازَ بحراً كادَ ينزحُ مَاؤهُ ... وإن ضافَ برّاً كادتِ الأرضُ تَجردُ

فما رمته حتى استقل برأسه ... مكان قناة الظهر أسمر أجرد

تطيرُ عليهِ لحية ٌ منهُ أصبحتْ ... لهُ راية ٌ يهدي بها الجيشَ مِطرَدُ

تراهُ عيونُ الناظرين ودونُه ... حجابٌ وبابٌ من جهنَّمَ مؤصَدُ

يسيرُ لهُ في الدُّهمِ رأسُ مُعَطَّنٌ ... وجثمانهُ بالقاعِ شِلوٌ مُقَدَّدُ

مَنَاكَ لهُ في مِقدارهُ فكأنَّما ... تَقَوَّضَ ثَهلانٌ عليه وصندَدُ

ولمْ تألُ إنذاراً لهُ غير أنه ... رأى أن متنَ البحر صَرحٌ مُمردُ

حدوتَ بهِ نحوَ النَّجاة ِ كأنَّما ... محجَّتُها البيضاءُ سَحلٌ مُمدَّدُ

فلمَّا أيى إلا البوَارَ شَللتَهُ ... إلى النارِ بئسَ الموردُ المتورَّدُ

سكنتَ سكوناً كان رَهناً بعدوة ٍ ... عمَاسٍ كذاكَ اللَّيثُ للوثب يلبَدُ

وحَامى أبو العباسِ في كل مَوطنٍ ... على يومهِ ثَوبٌ من الشرِّ مُجسدُ

محاماة َ مِقدامٍ حيودٍ عن الهوى ... ولكنَّهُ عن جانبِ العار أحيدُ

وما شِبلُ ذاكَ اللَّيث إلا شبيههُ ... وغيرُ عجيبٍ أن ترى الشِّبلَ يأسدُ

وما بِئسَ عون المرءِ كانَ ابنُ مَخلَدٍ ... نَصيحُكَ والأعداءُ نحوكَ صُمَّدُ

مضى لكَ إذ كلَّ الحديدُ منَ الظُّبَا ... وحاطكَ إذ رَثَّ النَّسيجُ المسرَّدُ

وهت كلُّ درع فانثنى كلُّ مُنصلٍ ... سوى صاعدٍ والموتُ للموتِ يَنهدُ

فلا يَبعد الرَّأي الذي اخترتهُ بهِ ... وقرَّبتهُ بل من أبى ذاكَ يبعدُ

أما لئن استبَطنتهُ دونَ من دنتْ ... إليكَ بهِالقربى وهنبثَ حُسَّدُ

لكم داخلٌ بين الخصيمينِ مصلح ... كما انغلَّ بين العين والجفنِ مرودُ

ترى العين والملمول يبطنُ جفنها ... إذا ما غدا إنسانها وهو أرمدُ

تشكَّى فلا يُجدي عليها لَصِيقُها ... فتدني الذييجدي وقرباهُ أبعدُ

وما زلتَ مفتوحاً عليك بِصاعدٍ ... تفوزُ وتستعلي وتحظى وتسعدُ

بتدبيره طوراً وطوراً بيمنه ... وما قادهُ التَّدبيرُ فاليمنُ أقودُ

فمن يمنهِ إن غابَ عنكَ مُديْدة ً ... فنالكَ دونَ الدِّرعِ أزرقُ مُصردُ

فلما أراكَ اللهُ غرَّة َ وجههِ ... تراءى لكَ السَّعدُ الذي كنتَ تعهدُ

بَرأت بهِ من كلِّ ما أنتَ ضامنٌ ... وأنتَ لِشروى تلكَ منهُ مُعودُ

وبُدِّلتَ من قرحٍ بقتح مُسيَّرٍ ... بأمثاله غاظ الحسودَ المحسَّدُ

ألا ذلكَ الفتحُ المبينُ هناؤه ... فَتَمَّ ولاقاهُ يزيدٌ ومزيدُ

ومنْ يمنهِ أن دُمِّرَ العبدُ وابنهُ ... وملاَّحُ قُنٍّ فالثلاثة ُ هُمَدُ

وأتبعَ أهل الفسقِ من أوليائه ... فوافاهُ والباقونَ فلٌّ مُشرَّدُ

كأَنِّي بهم قدْ قيل عند بَوارهِم ... رَعَوا ظمأهمْ حتَّى إذا تَمَّ أوْرَدُوا

زُروعٌ سقاها اللَّه ريّا فأثمرت ... عُتياً فأضحتْ وهيَ للنَّارِ تحصدُ

يقولُ مقَالي في نَصيحِكِ من مشى ... وَيقدمهمْ في ذاكَمنْ يتبغدَدُ

وما قيلَ فيه منْ مديح فإنه ... مديحكَ والنِّيَّاتُ نحوكَ عُمَّدُ

إذا ما الأعادي حاولت كيدَ صاعدٍ ... غدا يتعالى والأعادي توهَّدُ

وحاربَ عن نعمائهِ ريبَ دهره ... من البر والمعروف جُندٌ مُجَنَّدُ

وأهلٌ لذاك المذحجيُّ ابنُ مَخْلدٍ ... مع الخلدِ لو أنَّ ابن آدمَ مُخلَدُ

حَلفتُ بمن حلاَّهُ كلَّ فضيلة ... بأمثالها سادَ المَسُودَ المُسَوَّدُ

لقدْ نالَ منهاة َ العلاءِ وإنَّه ... بأّنَّ ابنهُ مثلَ العلاءِ لأسعدُ

ألا ذلكَ الفوز الذي لا إخاله ... على غيره من سائر القوم يُحشَدُ

فتى الدِّين والدُّنيا الذي أذعنا له ... ففي خنصرٍ منهُ لصعبينِ مِقودُ

هو التاجُ والإكليلُ في كلِّ محفلٍ ... بل السَّيفُ سيفُ الدولة المتقلّدُ

يَزينُ ويحمي وهو في السِّلم زينة ٌ ... لمن يرتديه وهو في الحرب مزودُ

وليسَ بأن يلقى ولكن بأن يرى ... بآرائه اللاَّقونَ والهامُ تُجلدُ

تراهُ عن الحرب العوان بمعزلٍ ... وآثارهُ فيهاوإن غابَ شُهَّدُ

كما احتجب المقدارُ والحكمُ حكمهُ ... على الناس طُرّاً ليسَ عنه مُعَرَّدُ

إذا ما نبا سيفٌ فلاحظ رأيهُ ... فموقعهُ ممَّن توخَّى مُمهَّدُ

فتى ً روحهُ ضوءٌ بسيطٌ كيانُهُ ... ومَسكنُ تلكَ الرُّوحِ نُورٌ مُجَسَّدُ

صَفَا ونفَى عنه القَذَى فكأَنَّهُ ... إذا ما استشفَّهُ العقولُ مُصَعَّدُ

فتى ً هاجر الدنيا وحرَّمَ رِيقها ... وهل رِيقُها إلا الرَّحيقُ الموَرَّدُ

ولوْ طمعتْ في عطفه ووصالهِ ... أباحتهُ منها مرشفاً لا يُصرَّدُ

أباها وقد عنَّتْ له من بناتِهَاه ... كواعبُ يصبِينَ الحَليمَ ونُهَّدُ

فما حظُّهُ ممَّا حوَتْ غير أنه ... يُؤَثلُ فيها الأجرَ أو يتحمدُ

فتى يبدأ العافينَ بالبذلِ مُعفياً ... فإن عادَ عافٍ فهو َ بالبذلِ أعودُ

رجاءُ مزجَّيهِ لديهِ كوعدِهِ ... وموعدُهُ إيَّاهُ عهدٌ مُؤكِّدُ

فتى ً لا هُدى ً إلا مصابيحُ رأيهِ ... ولا غوثَ إلا فضلُهُ المُتعوَّدُ

حكيمُ أقاليمِ البلادِ كريمها ... مُسائلُهُ يُهدى وعافيهِ يُرفدُ

وأحسنُ شيءٍ حكمة ٌ أختُ نعمة ٍ ... وكلتاهُما تُبغى لديهِ فتوجدُ

رآهُ رضيعاً كلُّ ماضي بصيرة ٍ ... فقالوا جميعاً قُنَّة ٌ ستطوَّدُ

فصدَّقُهمْ منهُ لَعَشرٍ كواملٍ ... خَلوْنَ لهُ طودٌ بهِ الأرضُ تُوتَدُ

غدا المجدُ والتمجيدُ يكتنفانهِ ... جميعاً وكم من ماجدٍ لا يُمجَّدُ

أخو حسبٍ ماعدَّهُ قطُّ فاخراً ... على أنهُ في كلِّ حيٍّ مُعَدَّدُ

فمُطَّرفٌ ممَّا تكسَّبَ مُحدثٌ ... وآخرُ قدموسٌ على الدهر متلدُ

ولا خيرَ في البنيانِ غيرَ مُشرَّفٍ ... ولا خير في تشريفهِ أو يوطَّدُ

وماءٍ كفقدِ الماءِ أعلاهُ غرمضٌ ... وأسفلهُ للمستميحينَ حَرمدُ

وسائرُهُ مِلحٌ أجاجٌ مُرنَّقٌ ... خبيثٌ كريهٌ وردُهُ حينَ يُوردُ

سَقَيتُ بهِ خوصاً حراجِيجَ بعدما ... سقى ماءها التَّهجير خمسٌ عَمَرَّدُ

مراسيلُ ما فيهنَّ إلا نجيبة ٌ ... مطولٌ إذا ماطلتها السَّيرَ جَلْعادُ

أمُونٌ على الحَاج البعيدِ مَرَامُهُ ... وإن خان متنيها السَّديفُ المُسرهدُ

من اللائي تزدادُ اندماجاً ومُنَّة ً ... إذا هي أضناها السِّفارُ العطوَّدُ

كما جُدِّلتْ فاستحكمتْ عندَ جَدلِها ... مرائرُ في أيدي المُمرِّين تُمسدُ

إذا استكرهتْ فهي الجنائب أعصفت ... وإن نُهْنهْتْ فهي النَّعَام المُطرَّد

وإن فَتَرتْ فهيَ الصُّوارُ وَرَاءهُ ... مكاسيبُ أمثالُ اليسيبِ تُوسَدُ

وقُفٍّ يَرُدُّ الخُفَّ يَدمى فمروهُ ... بِما عُلَّ من تلكَ الدِّماءِ مُجسدُ

عسفتُ ودوٍّ كالسماءِ قطعتهُ ... إذا انجابَ منهُ فدفَدٌ عنَّ فَدفدُ

لألقى أبا عيسى العلاء بن صاعدٍ ... أجلَّ فتى ً يُسمى إليه ويوفدُ

فيعذبُ ليمِلحٌ من العيشِ آسنٌ ... ويسهلُ لي وعرٌ من الدهر قَرْدَدٌ

بني مخلدٍأهلاً بأيامِ دهركمْ ... وبُعداً لمن يَشجى بهاوهو مُبعَدُ

شكى طُولها مستثقلو العرفِ إذ غَدتْ ... وفي كلها للعرف عِيدٌ مُعَيَّدُ

بكُم عَمرتْ أوطانُ كلِّ مروءة ٍ ... وقد جعلت تلكالمغاني تأبَّدُ

لكُمْ كلُّ فيَّاضٍ يبيتُ لِنارهِ ... مُنادٍ يُنادي الحائرينألا اهتدوا

إذا ما شَتا كادتْ أناملُ كَفِّهِ ... تذوبُ سَماحاً والأناملُ جُمَّدُ

ومنكم أبو عيسى الذي بَاكَرَ العُلا ... ولم يُلهِهِ عَيشٌ رفِيهُ ولا دَدُ

على بحرهِ يُروى الظِّماءُ ونحوهُ ... يشيرُ إذا ما غُصَّ بالماء مزردُ

ألا تلكُمُ النُّعمى التي ليس شكرُها ... سوى مِنَن أضحت لكم تُتَقَلَّدُ

وحاكة ُ شِعرٍ أحسنوا المدح فيكُمُ ... بما امتثلوا ممَّا فعلتم وجوَّدوا

فباعوه منكم بالرغائب نافقاً ... لديكم هنيئاً نقدكُمْ لا يُنكدُ

ولولا مساعيكم وجُودُ أكفكمْ ... إذا ما أجادوا أو أجادوا وأكسدوا

فلا تحمدوا مُداحكمْ إن تغلغلوا ... إلى مَمدوحٍ فيكم بل اللَّه فاحمدوا

كرمتُم فجاش المغجِمُون بمدحكم ... إذا رَجزُوا فيكم أثَبْتُم فقصَّدوا

كما أزهرت جنَّات عدنٍ وأثمرت ... فأضحت وعجمُ الطير فيها تُغَرِّدُ

أذلها أبا عيسى لبوساً فإنها ... ستبقى ويبلى الأتمحيُّ العضَّدُ

وعش عيش محبورٍ بدار إقامة ... وأمثالُها سَيارة ٌ فيك شُرَّدُ

وفيها لمن قدَّمتُ ذكراه ملبسٌ ... تظلُّ به والطَّرفُ نحوك أقودُ

وكلٌّ مديحٍ في امرىء ٍ فهو في ابنهِ ... وإن كان موسُوماً به حينَ ينشدُ

إليكَ بلا زادٍ رحلتُ مؤمِّلاً ... وقلتُ لنفسي والركائب وُخَّدُ

عُتقتِ من الأطماع يوم لقائه ... ورِقُّ ذوي الأطماع رقٌّ مُؤَبَّدُ

وما شافعي إلا سماحك وحده ... ولا وُصلتي إلا المديحُ المجوَّدُ

ومن ذا الذي يعفو نداك بشافع ... ويصحبُهُ عند انتجاعك مزود

وإنَّ امرءاً أضحى رجاؤك زاده ... وإن لم يُزوَّدْ غيرهُ لمزَوَّدُ

like-empty

كلمات ابن الرومي

جاري التحميل...