من ذا رأتْ عيناه مثلي في الشَّجا – ابن الرومي
من ذا رأتْ عيناه مثلي في الشَّجا … أهدى اليَّ النرجسُ البنفسَجا
ما أحسنَ الشكلين زوجا مُزْوَجَا … ما أَملح الزوجين بل ما أَغْنجا
كلاهما مسك إذا تأرَّجا … أبلغ سِراجَ الحُسْن ذاك المُسْرجا
أن الهوى مرَّ به فعرَّجا … لما رأى ذاك الجبين الأبلجا
منه وذاك الحاجبَ المزَجَّجا … والناظرَ الساحر منه الأدعجا
ذا الحركاتِ في الحشا وإن سَجا … وصحنَ تلك الوجنة المضرَّجا
والثغرَ منه الواضح المفلَّجا … والشَّعَر المحلَوْلك المدرَّجا
والخَلْقَ منه العمَمَ الخَدَلَّجا … والخُلُقَ القيِّمَ لا المعوَّجا
والعقل والوصل الممرَّ المدْمَجا … أذكى شهابَ الحسن لا بل أجّجا
فوهّج القلبَ كما توهَّجا … أقسمتُ بالليلِ إذا الليلُ دجا
بل بِسنا الصبح إذا تبلَّجا … لأكسُونَّ الكلِم المدبَّجا
وهبا رجائي ورجاءَ من رَجا … لا أخطأتْ وهبا نجاة ُ من نجا
ولا يزل همُّ له مفرَّجا … فقد علا من كل رُشدٍ مَنهجا
أكسوه مدحي طائعاً لا مُحْرجا … عن مِقَة تلقى الضمير مُشْرجا
من دونها بحفظها بل مُرتجا … ماذا يعوق مدحتي أن تُنْسَجا
لمحسن أسلفني فروَّجا … أيسرُ ما استوجب أن يُتوَّجا
حرٌّ إذا استُنجِد يوماً أَرْهَجا … وحرَّك الهمة لا بل أزعجا
وراح للخيراتِ ثم أدلجا … ولم يزل منذ تعاطى المُدْرجا
يهتاج للمعروف لا مُهيَّجا … خِرْقا يؤاتي مدحُه من لجلجا
ولا يعفِّي فضلَه من مَجْمجا … يأمر جدواه بأن تبرَّجا
فإن رأى كفاً كريماً زوّجا … جَدوى ترى منها الغِنى مُسْتَنْتَجَا
صَتْماً تماماً خَلْقُه لا مُخْدَجَا … من ناله حاذر أن يُسْتَدرجا
أنشَرَ من شكري مَواتاً مُدْرَجا … حتى غدا عبداً له مستعْلجَا
لكنَّني أشكو إليه الأَنبجا … فإنه لجَّ إلى أن لجَّجا
في هجره إيايَ حتى سمَّجا … بل أغلق الحانوت ثم شَرّجا
دوني وأَعدى هجرُه الهفْشرَّجا … ولم أزل بالطيبات مُلْهجا
لا بل إلى ذات الصَّلاح مُحوَجا … فَليُلْجِمِ المعروف حرٌّ أَسْرجا
ببعض ما صفَّر أو ما سَذّجا … لا بأس إن أقرع أو إن أَتْرَجا
كُلا وإن جلَّبَ أو إن سَكبجا … واذكر بَنَفْشا يَخْلفُ الهَلِيلَجَا
سَمَانَجُونَ اللونِ يحكي النِّيْلَجَا … فإنه إن زار عَودْاً أبهجا
ولم يزل في مرج شكري مُمْرِجا … وفي ودادٍ لم يكن مُمَزَّجا
يا صاحب البرِّ الذي تولَّجا … قسراً بلا إذن وما تحرَّجا
تمِّمْ وإلاَّ كان بِرَّا أعرجا … إنك أن تممتَ براً هَمْلَجَا
بل اهذب الإحضار مأمونَ الوجى … إلى نهايات العلا واستخرجا
مالك عندي من خراج فزَجا … وهو الثّناءُ المستماح المرتجى
ذاك الذي من اكتساه استبهجا … والشكرُ إن أنضجْتَ جاء مُنْضَجا
يُرْضِي وإن لهوجْتَهُ تَلهوَجا … فلا يَعُدْ كَرْمُ كريم عَوْسَجَا
على أخ حرٍّ كريم المنْتَجَى … لم يَنْتَقِدْهُ العلماء بَهْرَجا
ولم يجِدْهُ الجهلاءُ أهوجا … وانظر ولا تَغْشَ الطريق الأعوجا
كم فُرِّجَتْ غَمَّاءُ عمن فَرجا … فلينتظرْ مُثْرٍ مُضِيقا مُحْرَجَا
سيجعل اللَّه لكلٍّ مَخرجا … ويعْرُجُ البرُّ إليهِ مَعْرَجا