ممّ الأسى وتوجّع الأكباد – ابن شهاب

ممّ الأسى وتوجّع الأكباد … وعلام حل الحزن كل بلاد

وبمَ اسوداد الأفق حتى أظلمت … أرجاؤه في مقلة المرتاد

فاسأل عن النبأ العظيم وما جرى … في الأرض من سبع الزمان العادي

أتراك تجهل لا ولكن دهشة … مما عرى استهوتك بالمرصاد

هو نكبة الإسلام بالمرفوع في … يده لواء الفتح والإمداد

المستوي في عرش منصب جده … قطب الورى المشهور بالحداد

سر السلالة من نجار محمد … وخلاصة الأبدال والأوتاد

فرع زكى من دوحة علوية … سقيت بماء الوحي والإسعاد

جاء البريد ولا نعماً صارخاً … بمفتت الأصلاب والأعضاد

خطب به ذهب الندى وتضعضعت … عمد الهدى والبر والإرشاد

حكم الإله وليس يسئل قد جرى … بأفول نير دينه الوقاد

محي الدياجي إذ يناجي ربه … بتلاوة القرآن والأوراد

حف الملائك والملوك بنعشه … وطوائف العلماء والعباد

وارته وانقلبت تعض أكفّها … وتصب صَيِّبَ دمعها المنقاد

عجباً لذاك الطود كيف تقله … نحو الضريح نواحل الأعواد

أم كيف هذا البحر في جرز القلوب … يفيض ثم يغيض في الألحاد

قل للمكارم فلتشق جيوبها … ولتلبس العلياء ثوب حداد

أسد خلو الغاب عنه غَدَا به الهم … المبرح ملأ كل فؤاد

وغدت أزمة يعملات العلم والتحقيق … ملقاة على الأكتاد

كم من فيوضات له منحت بها … أهل الطريق بأقرب استمداد

مقري الضيوف كأنهم شركاؤه … في طارف من ماله وتلاد

وله بأفئدة الملوك مهابة … تثنيهم عن سوء الاستبداد

بالحق يصدق لا يخاف وماله … في قول غير الصدق من ميراد

ما انفك في جلب المصالح ساعياً … ولدرء ما يخشى من الافساد

كنَّا بِهِ في جنة ووقاية … من طاميات الزيغ والإلحاد

حتى دعاه إلى الكرامة واللقا … من ربه الرحمن خير منادي

فأجابه وقلى الديارَ وأهلها … وجثى بحضرة مكرم الوفَّاد

بعلاه اقسم ما لنيران الأسى … بفراقه والحزن من إخماد

لكن لنا بمصاب أحمد أسوة … ووصيه وبنيه والأحفاد

ولنا من التسليم خير سرادقٍ … متمكن الأطناب والأوتاد

ولنا بعبد القادر الشهم الذي … خلف الفقيد نكاية الأضداد

حبر ترشّح للرقيّ إلى علا … أسلافه بكمال الاستعداد

سمة ٌ وشنشنة وارث عنهم … والشبل يعرف مسرح الاساد

وبرهطه أعنى بني الحداد سادات … العباد شموس ذاك الوادي

الطيبين الطاهرين الراكعين … الساجدين القادة الأمجاد

السالكين بهديهم قدماً على … قدم إلى قدم الحبيب الهادي

الوارثين عن الرسول علومه … وعن الخليفة سيد الزهّاد

وعن الشهيد بكربلاء ونجله … الأوَّاه ذي الثفنات والسجاد

وعن الأكابر فالأكابر والكرام … عن الكرام وكمل الأجداد

يروون ما لم يرو غيرهم من … السر المصون بصحة الإسناد

الناظرين إلى العباد برأفة … نظر الحكيم مصالح الأولاد

دُمثُ الشمائل طيب نشر حديثهم … يسري النسيم به ويحدو الحادي

لا بيت أسبق للمكارم والندى … من بيتهم في حاضرٍ أو بادي

يهتز طفلهم اشتياقاً للعلا … والمجد طبعاً ساعة الميلاد

تأبى نفوسهم الأبية أن ترى … حوامة في ساحة الأوغاد

بالله عزّهم وطه المصطفى … ومقام جدّهم الفسيح النادي

لا يركنون إلى ذوي ملك ولا … يتضرعون لظالمي الأجناد

زاد الإله علوّ كعبهم ولا … برحوا قذى في أعين الحساد

صبراً بني الحدّاد أن فقيدكم … جار الإله وجار طه الهادي

فعلى ضريح ضم أعظمه من الرضوان … رائح صوبه والغادي

ولئن مضى عنكم فقد أبقى … جميل الذكر في الأغوار والأنجاد

والموت سنة من تفرد بالبقا … في الخلق وهو الصَّادق الميعاد

كل ابن أنثى لا محالة صائر … قنصاً لمخلب ذلك الصيَّاد

فلنرفع الأيدي ونضرع للذي … آلآؤه جلّت عن التعداد

أن يكتب الأجر الجزيل ويجعل … الصبر الجميل لكم أجل الزاد

وإليكم مسنون تعزية أتت … من ذي حشى حشيت من الأنكاد

وتحية من نازح عنكم له … فيكم صحيح محبة ووداد

وعلى الحبيب الهاشميّ وآله … أزكى السلام على مدى الآباد