مطايبُ عيشٍ زايلتْهُ مخابِثُهْ – ابن الرومي
مطايبُ عيشٍ زايلتْهُ مخابِثُهْ … ومُقْبِلُ حظٍّ أطلقتْه رَوائِثُهْ
ودولة ُ إفضالٍ ويُمنٍ وغبطة ٍ … كأن حُزونَ الدهر فيها دمائِثُهْ
وغيثٌ أظلّ الأرضَ شرقاً ومغرباً … فقيعانُهُ خُضرُ النبات أَثائثهْ
فظبيٌ له سِحرانِ طَرفٌ ونَغمة ٌ … يُجِدُّ بك الإغرامَ حين تعابثهْ
يُناغمُ أوتاراً فِصاحاً يروقُنا … تأَنِّيه في تصريفها وحثَاحِثُهْ
ويلحظ ألحاظاً مِراضاً كأنها … تُغانجُ من يرنو لها وتُخانثهْ
فَيسْبيكَ بالسحر الذي في جُفونهِ … ويُصيبكَ بالسِّحر الذي هو نافثهْ
يَحِنُّ إليه القلبُ وهو سَقامُهُ … ويألفُ ذكِراه الحشا وهو فارثهْ
يُجيعُ وِشاحَ الدرّ منهُ مَجالهُ … ويُشبع مِرطَ الخَزِّ منه مَلاوِثهْ
وقد طلعتْ باليُمن والسعد كلِّه … لنا والثرى ريَّانُ تندى مباحِثهْ
ثلاثة ُ أعيادٍ فللفطر واحدٌ … وللعُرف ثانيه وللَّهو ثالثهْ
يُعبِّدُها فرعٌ من المجد طيِّبٌ … جَناهُ إذا ما الفرعُ جَمَّت خبائثهْ
ألا فاسقني في الفِطْر كأساً رَويَّة ً … لعلَّ لُهاثَ الصوم ينقعُ لاهِثهْ
مُشعَشعة ً يُضحى لها العُودُ ناطقاً … تَنَاغَى مَثانيهِ لنا ومَثالثهْ
مع ابن وزيرٍ لم يزل ومحلُّهُ … من الفضلِ يرضاهُ النبيُّ ووارِثُهْ
وما كنتُ مكذوباً وما كنتُ كاذباً … لدى اللَّه لو قلتُ النبيُّ وباعثهْ
من الصالحين المُصلحينَ بيُمنهِ … غدا العيشُ محموداً ولُمَّتْ مَشاعِثهْ
إذا لم يَعِثْ في مالهِ لعُفاتهِ … فما يُعرفُ العَيْثُ الذي هو عائِثُهْ
تَضمَّنَ تذليلَ الزمان فأصبحتْ … أواعِرُهُ ذَلَّت لنا وأواعِثُهْ
وأُيِّدَ بابنٍ مثلهِ في غَنائه … إذا كَثُرت من رَيبِ دهر كوارثهْ
أَغَرٌّ يكنَّى بالحُسين تضمنت … محاسنهُ ألا تُغِبَّ مغاوِثهْ
إذا ما عُبيدُ الله ضاهاهُ قاسمٌ … فثَمَّ قديمُ المجد ضاهاه حادِثُهْ
ألا بُورك الزرعُ الذي هو زارعٌ … من البِرِّ والحرثِ الذي هو حارثهْ
ويا حالفاً أنْ ما رأى مثلَ قاسم … على ظهريَ الحِنثُ الذي أنت حانثهْ
بَرِرتَ وعهدِ الله بِرّاً مُبيِّناً … وإن كثُرت من ذي شِقاق هَنابثهْ
أبى أن يُرى الحقُّ الذي هو باخسٌ … أخاهُ أو العهدُ الذي هو ناكثهْ
حليمٌ عليم إن تجاهلَ دهرُهُ … جوادٌ كريم إن ألحت مغَارِثهْ
يظلُّ وتدبيرُ الممالك جِدُّهُ … وبذل العطايا المُنفِساتِ معَابثهْ
فتًى يقتلُ الأموال في سُبل العلا … لتُورثَهُ المجدَ السنَّي مَوارثهْ
ضَرورٌ نفوعٌ عاجلُ النفع ثَرُّهُ … على مُعتفيه آجلُ الضَّرِّ رائثهْ
نهى جودُهُ عن كل سمحٍ وباخلٍ … شَذى القولِ حتى أحسن القول رافثهْ
ترى صاحبَيْه ذا سؤالٍ يَميحُهُ … فواضلُهُ أو ذا سؤالٍ يُباحِثُهْ
وما يجتبي الميسورَ من لا يزورُهُ … ولا الؤلؤ المنثور من لا يُحادثهْ
وإما أغذَّ السيرَ في إثر خُطَّة ٍ … فلا العَجزُ ثانيه ولا الشك رائثهْ
إذا ما تلاقى كيدُهُ وعُداتُهُ … فثَمَّ تَلاقَى أجدلٌ وأَباغِثُهْ
وإما أراغَ الحزمَ للخطب مرة ً … فلا الحزمُ مُعِيِيه ولا الخطبُ كارثهْ
أظلُّ إذ لاقيتُ غُرَّة َ وجههِ … ولَيلي نهارٌ ساكنُ الظل ماكِثُهْ
ليقْصُرْ عليه اليوم في ظلّ غِبطة ٍ … ولا يَقْصُر العمرُ الذي هو لابثهْ
ولا زال قَصرُ القُفْصِ أعمرَ مَنزلٍ … به وبدهرٍ صالح لا يُماغثهْ
فما فضلُهُ والمدحُ دعوى ومُدَّعٍ … ولكنْ هما مِسكٌ ذكي ومَائِثهْ