مضوا تباعا وهذا يوم مسعود – جبران خليل جبران
مضوا تباعا وهذا يوم مسعود … هل في الكنانة قلب غير مكمود
نوابغ ملأوا بالفخر عصرهم … وجددوا المجد فيه كل تجديد
عادت به لفحول الشعر دولتهم … ودولة للنحارير المجاويد
ألكاتب الفذ قد ألقى براعته … بعد اصطحاب طويل العهد محمود
بحر من الأدب الزخار مصطفق … بصدر أروع فيه حشمة الرود
تراه في وجه مستحي وتخبره … فلست تخبر غير النبل والجود
تبدي ظواهره ما في سرائره … وقد تشع نفوس في التجاليد
يحيا ودودا ومودودا كأحسن ما … يرجو وهل من ودود غير موجود
ولم يكن مع لين الطبع واهيه … ولم يكن بمداج أو برعديد
وربما صال ذودا عن حقيقته … فجال في الشوط جولات الصناديد
جارى صحافة مصر منذ نشأتها … وعبئها مرهق في نضرة العود
بالعزم والحزم يستوفي مطالبها … وهل بغيرهما إدراك منشود
حتى إذا آب من أقطاب نهضتها … وسدد الرأي فيه كل تسديد
أجرى بما يخصب الألباب أنهرها … كالنيل بالخصب يجري في الأخاديا
وعلم الطير في أفنان روضتها … شتى الأفانين من شدو وتغريد
إن الصحافة موسوعات معرفة … يزود العقل منها خير تزويد
تزيد أخبارها بالناس خبرته … حتى تقوم منه كل تأويدا
مسعود مهد في مصر السبيل لها … فحاز فضلين من سبق وتمهيد
ثم انتحى مرصدا للعلم همته … متابعا كل مجهود بمجهود
يوعي معارف ألوانا ويخرجها … لفظا ومعنى بإتقان وتجويد
فمن تآليف لا تحصى فوائدها … محدودة ومداها غير محدود
ومن مباحث في التاريخ شائقة … وفي البحار وفي الأمصار والبيد
وفي صفات بني الدنيا وما اصطلحوا … عليه في عهدهم من غير معهود
وفي عوالم أفلاك تحيط بنا … ما بين محتجب منها ومرصود
مسعود يبكيك أبناء بررت بهم … فنشئوا نشأة الغر الأماجيد
يبكيك قوم مشوا والحزن يشملهم … في مشهد لك يوم البين مشهود
يبكيك إخوان صدق ها هنا احتشدوا … ينوهون بفضل غير مجحود
يمضي الزمان وتبقى في ضمائرهم … خليق ذكرى بتكريم وتخليد