مصر في موقف الدفاع المجيد – جبران خليل جبران
مصر في موقف الدفاع المجيد … أين فيه مكان عبد الحميد
أين ذاك الذي تطوع قدما … غير هيابة ولا رعديد
فاصطلى الحرب والحمية تحدوه … وحق الإخاء في التوحيد
يمنح الجار فوق ما يتمنى … جاره المستضام من تأييد
أقضى اليوم حتف أنف وأقصى … ما رجا أن يموت موت شهيد
كان سيفا لقومه من سيوف … عرف القوم كرهها للغمود
حكم ماء الفرند حكم سواه … كل ماء فساده في الركود
ولهذا عناية الله صانت … قلب ذاك المغامر الصنديد
هيأت من تخيرت ليولى … جيش سلم يغزو بغير الحديد
فإذا استنفروا لدرء الأعادي … عن حماهم فما هم بقعود
ردد الناس فيه بيتا قديما … عاد وهو الخليق بالترديد
إن عبد الحميد حين تولى … هد ركنا ما كان بالمهدود
وتجلى صباحة الوجه منه … في تقاسيم من غمائم سود
والعصا في يمينه لا تضاهى … ملمسا ناعما وغلظة عود
قلب الطرف في الذين تراهم … حوله لا تجد له من نديد
رجل لم يداج في أمر دنياه … ولا في صلاته والسجود
سيره سيره بغير التواء … وعن الحق ما له من محيد
صادق والزمان غير ذميم … صدقه والزمان غير حميد
وهو حيث الحفاظ في كل حال … لا بوعد يثنى ولا بوعيد
إن دعا الخلف فهو غير قريب … أو دعا الإلف فهو غير بعيا
واسع الجود لا يضن بمال … في سبيل الحمى ولا مجهود
عجب فيه بأسه ونداه … والندى ليس من طبع الأسود
وتلا سابقيه باق عزيز … من رفاق لمصطفى وفريد
فليهبه الرحمن أوفى جزاء … وليثبه التاريخ بالتمجيد