ما هاج هذا الشوق غير الذكر – أسامة بن منقذ

ما هاج هذا الشوق غير الذكر … وزورة ُ الطيِف سَرَى من مصْرِ

من بعد طول جفوة وهجر … كم خاض بحرا وفَلاً كبحرِ

يَجوبُه الليلَ حليفَ ذُعر … حتى أتى طلائحاً في قفر

قد انطوين من سرى وضمر … حتى اغتدين كهلالِ الشهر

يَحملن كلَّ ماجدٍ كالصَّقْرِ … كأنَّه مُهنَّدٌ ذُو أَثِر

بعيد مهوى همة وذكر … للمجد يسعى لا لكسب الوفر

فأمّ رَحلى ، دُونَ رحل السَّفْر … يُذكِرُني طيبَ الزَّمان النَّضرِ

واهاً له من زمن وعمر … ما كان إلا غرة ً في الدهر

إذ الصبا عند التصابي عذري … وغاية المنية أم عمرو

غراء أبهى من ليالي البدر … بعيدة ُ القُرط، هضيم الخَصِر

أحسنُ من شَمسٍ بِغِبِّ قَطرِ … تَفعلُ بالألباب فعلَ الخَمر

تبسمُ عن مثلِ نظيم الدُّرِّ … كأنَّه لآلىء ٌ في نَحْر

إذا انثنت قبل نموم الفجر … تَنَفَّست عن مثل رَيَّا الزَّهر

كأن فاها جونة لعطر … وإن مشَت مثقلة ً بِالبُهر

مشي النسيم بمياه الغدر … رأيت سحراً أو شبيه سحر

راكد ليل تحت شمس تسري … ضدان فيها اتفقا لأمر

يا لائمي إن الملام يغري … هَيَّجتَ أشواقِي، ولستَ تَدرِي

لا بكَ ما بي: من جَوًى وفكرِ … إذا أراحَ الليُل همَّ صدرِي

أبيت أرعى كل نجم يسري … كأنّما حَشِيَّتِى من جَمْرِ

كيف العزاء وصروف الدهر … تقرِفُ قرِحي، وتَهيضُ كَسِري

كأنَّها تطلُبُني بِوَترِ … والصَّبرُ، لو خبرتَه، كالصَّبر