لَنَا منكُمُ وَعْدٌ فَهَلاّ وفَيتُمُ – بهاء الدين زهير
لَنَا منكُمُ وَعْدٌ فَهَلاّ وفَيتُمُ … وَقُلتُمْ لَنا قَوْلاً فَهَلاّ فَعَلتُمُ
حفظنا لكمْ وداً أضعتمْ عهودهُ … فَشَتّانَ في الحالَينِ نحنُ وأنتُمُ
سَهِرْنَا على حِفْظِ الغَرامِ ونمتُمُ … وَلَيسَ سَواءً ساهِرُونَ ونُوّمُ
وكنا عقدنا أننا نكتمُ الهوى … فأغراكمُ الواشي وقالَ وقلتمُ
ظلمتمْ وقلتمْ أنتَ في الحبّ ظالمٌ … صَدَقتُمْ كذا كانَ الحديثُ صَدقتُمُ
فَيا أيّها الأحبابُ في السُّخْطِ والرّضَا … على كلّ حالٍ أنتمُ لا عدمتمُ
وَرُبّ لَيالٍ في هَواكُمْ قَطَعْتُها … وَبِتُّ كَما قَدْ قيلَ أبْني وأهْدِمُ
ولي عندَ بعضِ الناس قلبٌ معذبٌ … فيا ليتهُ يرثي لذاكَ ويرحمُ
وَما كلّ عَينٍ مثلَ عَيني قَريحَة ٌ … ولا كلّ قلبٍ مثلَ قلبي متيمُ
سِوَايَ مُحِبٌّ يَنقُضُ الدّهرُ عَهدَه … يَغيبُ فيَسلُو أوْ يُقيمُ فيَسْأمُ
ويا صاحبي لولا حفاظٌ يصدني … لصرحتُ بالشكوى ولا أتكتمُ
سأعتُبُ بَعضَ النّاسِ إن كان سامعاً … وَأنتَ الذي أعني وما منكَ مَكتَمُ
إذا كانَ خَصمي في الصّبابة ِ حاكمي … لِمَنْ أشتَكيهِ أوْ لِمَنْ أتَظَلّمُ
ولولا احتقاري في الهوى لعواذلي … صَرَفْتُ لَهُمْ بالي ومِنّي ومنْهُمُ
فيا عاذلي ما أكبرَ البعدَ بيننا … حَديثُ غَرَامي فَوْقَ ما يُتَوَهّمُ
لقدْ كنتُ أبكي للحبيبِ إذا جفا … وَلا سِيّما وَهوَ الأمينُ المُكَرَّمُ
أمِيري الذي قد كُنتُ أسطُو بقُرْبِهِ … وكنتُ على الدنيا بهِ أتحكمُ
سَأصْبِرُ لا أنّي عَلى ذاكَ قادِرٌ … لَعَلّ لَيالي هَجْرِهِ تَتَصَرّمُ
وَقالَ العِدَى إنّ المُكَرَّمَ وَاجِدٌ … فقُلْتُ لهُمْ إنّ المُكَرَّمَ أكرَمُ
وإنّ أميري إنْ نأيتُ لمحسنٌ … وإنّ أميري إنْ قربتُ لمنعمُ
وَعَهْدي بهِ رَحْبُ الحَظيرَة ِ مُجمِلٌ … يغضّ ويعفو عنْ كثيرٍ ويحلمُ
مِنَ النّفَرِ الغُرّ الذينَ حُلُومُهُمْ … يخفّ لديها يذبلٌ ويلملمُ
همُ القوْمُ كلُّ القوْمِ في الدّين والتّقى … وَناهِيكَ بالقَوْمِ الذينَ هُمُ هُمُ
إذا حدثوا عن فضلِ موسى وأحمدٍ … فللهِ ميراثٌ هناكَ يقسمُ
أمولايَ إني عائذٌ بكَ لائذٌ … أجلكَ أن أشكو إليكَ وأعظمُ
أأنكرُ ما أوليتني من مواهبٍ … يقرّ بها من جسمي اللحمُ والدمُ
وواللهِ ما قصرتُ في شكرِ نعمة ٍ … ويكفيكَ أنّ اللهَ أعلى وأعلمُ
فيا تاركي أنوي البعيدَ من النوى … إلى أيّ قَوْمٍ بَعدَكمْ أتَيَمّمُ
ألا إنّ إقليماً نيتْ بي ديارهُ … وإنْ كثرَ الإثراءُ فيهِ لمعدمُ
وإنّ زماناً ألجأتني صروفهُ … فحاولتُ بعدي عنكمُ لمذممُ
وَلي في بِلادِ الله مَسرًى ومَسرَحٌ … وَلي مِنْ عَطَاء الله مَغنًى ومغنَمُ
وَأعْلَمُ أنّي غالِطٌ في فِراقِكُمْ … وأنكمُ في ذاكَ مثليَ أعظمُ
ومنْ ذا الذي أعتاضُ منكمْ لفاقتي … منَ الناسِ طراً ساء ما أتوهمُ
فَلا طابَ لي عنكُمْ مَقامٌ وموْطِنٌ … ولوْ ضمني فيهِ المقامُ وزمزمُ
وَمِثْلُكَ لا يأسَى على فَقدِ كاتِبٍ … وَلَكِنّهُ يأسَى عَلَيكَ ويَنْدَمُ
فمَنْ ذا الذي تُدنيهِ منكَ وتَصْطَفي … فيَكْتُبُ ما يُوحَى إليكَ ويكْتُمُ
ومنْ ذا الذي يرضيكَ منهُ فطانة ٌ … تقولُ فيدري أوْ تشيرُ فيفهمُ
وما كلّ أزهارِ الرياضِ أريجة ٌ … وما كلّ أطيارِ الفلا تترنمُ
فَيا لَيتَ ذا العامَ الذي جاء مُقْبِلاً … يَفِيضُ لنا فيهِ رِضَاكَ وَيُقْسَمُ
وَلا زَالَتِ الأعوامُ تَأتي وتَنقَضِي … فتبدؤها بالصالحاتِ وتختمُ
تضيء ليالي الدهرِ منكَ منيرة ً … وَأيّامُهُ مِنْ فَرْحَة ٍ تَتَبَسّمُ
وَيا لَيتَ شِعري إنْ قضَى الله بالنّوَى … لمَنْ أبْتَغي هذا الكلامَ وَأنْظِمُ
نسيبٌ كما يهوى العفافُ منزهٌ … ومدحٌ كما تهوى المعالي معظمُ
وَشَكْوَى كَما رَقّ النّسيمُ من الصَّبَا … وعتبٌ كما انحلّ الجمانُ المنظمُ
تَأخّرَ عَنْ وَقْتِ الهَنَاءِ لأنّهُ … لهُ كلَّ يومٍ من جنابكَ موسمُ
وتعلمُ أني في زماني واحدٌ … وأنّ كلامي آخرٌ متقدمُ