ليلايَ كم ليلة ٍ بالشعر ليلاء – ابن نباتة المصري

ليلايَ كم ليلة ٍ بالشعر ليلاء … وليلة ٍ قبلها كالثغر غراء

وصلٌ وهجرٌ فمن ظلماء تخرجني … لنور عيش ومن نور لظلماء

ما أنتِ إلا زمانُ العمر مذهبة … بالثغر والشعر إصباحي وإمسائي

أفديكِ من زهرة ٍ بالحسن مشرقة ِ … بليتُ من عاذلي فيها بعواء

ويح العذول يرى ليلي ويسمعُ من … لا يسمعُ العذلَ فيها قولَ فحشاء

يارب طرفٍ ضرير عن محاسنها … وربّ أذنٍ عن الفحشاءِ صماء

وربّ طيفٍ على عذر يؤوبني … بشخص عذراء يجلو كأس عذراء

فبت أرشفُ من فيه وقهوتهِ … حلينِ قد أثملا بالنومِ أعضائي

زورٌ عفيفٌ على عينِ الشجيِّ مشى … فيا له صالحاً يمشي على الماء

ثم انتبهت وذاتُ الخالِ ساكنة … لم تدر سهدي ولم تشعر بإغفائي

رشيقة ٌ ما كأني يومَ فرقتها … الا على آلة ٍ في القوم حدباء

ميتٌ من الحبّ إلا أنني بسرى … ذكر الصبابة ِ حيٌّ بين أحياء

في كل حيّ حديثٌ لي بسلسله … تعديلُ دمعيَ أو تجريحُ أحشائي

قد لوع الحبّ قلبي في تلهبهِ … وصرّحَ الدمعُ في ليلي بإشقائي

وزالَ مازالَ من وصل شفيتُ به … من عارض اليأس لكن بعد إشفائي

أيامَ لي حيث وارت صدغها قبلٌ … كأنّ سرعتها ترجيع فأفاء

تدير عيناً وكأساً لي فلا عجب … اذا جننت بسوداءٍ وصفراء

حتى اذا ضاء شيب الرأس بتّ على … بقية من نواهي النفس بيضاء

مديرة َ الكأس عني أن لي شغلا … عن صفو كأسك من شيبي بإقذاءِ

ما الشيب إلا قذى عين وسخنتها … عندي وعند برود الظلم لمياء

عمري لقد قل صفو العيش من بشر … وكيف لا وهو من طين ومن ماء

وانما لعليّ في الورى نعم … كادت تعيد لهم شرخ الصبي النائي

وراحة ٌ حوت العليا بما شملت … أبناء آدم بالنعمى وحوّاء

قاضي القضاة اذا أعيا الورى فطناً … حسيرة العين دون الباء والتاء

والمعتلي رتباً لم يفتخر بسوى … أقدامه الراءُ قبل التاء والياء

والثاقب الفكر في غرّاء ينصبها … لكل طالب نعمى نصبَ إغراء

لطالب الجود شغل من فتوته … وطالب العلم أشغال بإفتاء

لو مس تهذيبهُ أو رفقة حجراً … مسته في حالتيه ألفُ سراء

من بيت فضل صحيح الوزن قد رجحت … به مفاخرُ آباءٍ وأبناءِ

قامتْ لنصرة خير الانبياء ظبا … أنصاره واستعاضوا خير أنباء

أهل الصريجين من نطق ومن كرمٍ … آل الريحين من نصرٍ وأنواء

المعربون بألفاظٍ ولحن ظبا … ناهيك من عربٍ في الخلق عرباء

مفرغين جفوناً في صباح وغى … ومالئين جفاناً عند إمساء

مضوا وضاءت بنوهم بعدهم شهباً … تمحى بنور سناها كلّ ظلماء

فمن هلالٍ ومن نجمٍ ومن قمرٍ … في أفق عزٍّ وتمجيدٍ وعلياء

حتى تجلى تقي الدين صبح هدى … يملي وإملاؤه من فكره الرائي

يجلو الدياجيَ مستجلى سناه فلا … نعدم زمان جليّ الفضل جلاّء

أغر يسقي بيمناه وطلعته … صوب الحيا عام سرَّاء وضرَّاء

لو لم يجدنا برفدٍ جادنا بدعاً … معدٍ على سنوات المحل دعاء

ذو العلم كالعلم المنشور تتبعه … بنو قرى ً تترجاه وإقراء

فالشافعيّ لو استجلى صحائفه … فدى بأمَّين فحواها وآباء

وبات منقبضاً ربّ البسيط بها … ومات في جلده من بعد إحياء

يقرّ بالرقّ من ملك ومن صحفٍ … لمن يجلّ به قدر الارقاء

لمن بكفيه اما طوق عارضة ٍ … للاولياء واما غلّ أعداء

لا عيبَ فيه سوى تعجيل أنعمهِ … فما يلذّ برجوى بعد ارجاء

يلقاك بالبشر تلوَ البرّ مبتسماً … كالبرق تلوهتونِ المزن وطفاء

ان أقطع الليل في مدحي له فلقد … حمدت عند صباح البشر إسرائي

لبست نعماه مثل الروض مزهرة ً … بفائضات يدٍ كالغيثِ زهراء

وكيف لا ألبس النعمى مشهرة ً … والغيث في جانبيها أي وشاء

وكيف لا أورد الأمداح تحسبها … في الصحف غانية من بين غناء

ياجائداً رام أن تخفى له مننٌ … هيهات ما المسك مطويّ بإخفاء

ولا نسيم ثنائي بالخفيّ وقد … رويته بالعطايا أي إرواء

خذها اليك جديدات الثنا حللاً … صنع السريّ ولكن غير رفاء

وعش كما شئت ممتدحاً … تثنى بخير لآلٍ خير آلاء

منك استفدت بليغ اللفظ أنظمه … نظماً يهيم ألبابَ الألباء

أعدت منه شذوراً لست أحبسها … عن مسمعيك وليس الحبس من راء