لمن الديارُ بحايلٍ، فوُعالِ – الأخطل

لمن الديارُ بحايلٍ، فوُعالِ … دَرَسَتْ وغيّرها سِنونَ خوالِ

دَرَجَ البوارِحُ فَوْقَها، فتَنَكّرَتْ … بَعدَ الأنيسِ مَعارِفُ الأطلالِ

فكأنّما هيَ، مِنْ تقادُم عَهدِها، … وَرَقٌ نُشِرْنَ مِن الكتابِ بَوالي

دمنٌ تذعذعُها الرياحُ، وتارة ً … تسقى بمرتجزِ السحاب ثقالِ

باتَتْ يَمانِيَة ُ الرِّياحِ تَقُودُهُ … حتى استقادَ لها بغيرِ حبالِ

في مظلمِ غدقِ الربابِ، كأنّما … يَسقي الأشَقَّ وعالجاً بدوالي

وعلى زبالة َ باتَ منهُ كلكلٌ … وعلى الكَثيبِ وقُلّة ِ الأدحالِ

دارٌ تبدلتِ النعامَ بأهلها … وصوارَ كلّ ملمعٍ ذيالِ

وعلا البسيطة َ فالشقيقَ بريقٍ … فالضوجَ بين روية ٍ فطحالِ

أُدْمٌ مُخدَّمَة ُ السّوادِ، كأنّها … خَيلٌ هَوامِلُ بِتنَ في أجلالِ

تَرْعى بَحازِجُها خلالَ رياضِها … وتميسُ بين سباسبٍ ورمالِ

ولَقَدْ تكونُ بها الرَّبابُ لذيذَة ً … وتصيدُ بعدَ تقتيلٍ ودلال

قلب الغويّ، إذا تنبه، بعدما … تَعتَلُّ كلُّ مُذالَة ٍ مِتفالِ

عِشنا بذلكَ حِقبَة ً مِنْ عَيشنا … وثَراً مِنَ الشّهواتِ والأموالِ

ولقد أكونُ لهنَّ صاحبَ لذة ٍ … حتى تَغَّيرَ حالُهنَّ وحالي

فتَنَكّرَتْ لمّا عَلَتني كَبَرَة ٌ … عِندَ المشيبِ، وآذنَتْ بزِيالِ

لمّا رَأتْ بَدَلَ الشّبابِ، بكَتْ لَهُ … والشَّيبُ أرْذَلُ هذهِ الأبدالِ

والنّاسُ هَمُّهُمُ الحياة ُ، وما أرى … طول الحياة ِ يزيدُ غير خبال

وإذا افتَقَرْتَ إلى الذَّخائِرِ، لمْ تجدْ … ذُخراً يكونُ كصالحِ الأعمالِ

ولئن نجوتُ من الحوادثِ سالما … والنفسُ مشرفة ٌ على الآجال

لأغلغلنَّ إلى كريمٍ مدحة ً … ولأُثنِيَنَّ بنايِلٍ وفَعالِ

إن ابن ربعيِّ كفاني سيبهُ … ضِغنَ العَدُوّ ونَبوَة َ البُخالِ

… إنَّ المكارمَ عند ذاك غوالي

ولقد شفيتَ مليلتي من معشرٍ … نزلوا بعقوة ِ حية ٍ قتالِ

بعدتْ قعورُ دلائهمْ، فرأيتهم … عند الحمالة ِ مغلقي الأقفالِ

ولقدْ مننتَ على ربيعة َ كلّها … وكفَيتَ كلّ مُواكِلٍ خَذّالِ

كَزْمِ اليَدينِ عَنِ العطيّة ِ، مُمسِكٍ … لَيسَتْ تَبِضُّ صَفاتُهُ بِبَلالِ

مِثلِ ابنْ بَزْعَة َ، أوْ كآخَرَ مِثلِهِ … أولى لك ابن مسيمة ِ الأجمال

إن اللئيمَ، إذا سألتَ بهرتهُ … وترى الكريمَ يَراحُ كالمُختالِ

وإذا عدلتَ به رجالاً، لم تجدْ … فَيضَ الفُراتِ كراشِحِ الأوْشالِ

فاحمِلْ هُناك على فتًى حَمّالِ … عَنها بمُنبَهِرٍ، ولا سَعّالِ

وإذا أتى بابَ الأميرِ لحاجَة ٍ … سَمَتِ العُيونُ إلى أغَرَّ طُوالِ

ضَخمٌ سُرادِقُهُ، يُعارِضُ سَيبُهُ … نَفَحاتِ كلّ صَباً وكُلّ شَمالِ

وإذا المئونَ تُؤوكلتْ أعناقها … فاحمل هنالك على فتى حمالِ

لَيسَتْ عَطِيّتُهُ، إذا ما جِئتُهُ … نَزْراً، وليسَ سِجالهُ كسِجالِ

فهو الجوادُ لمنْ تعرَّض سيبهُ … وابنُ الجوادِ وحامِلُ الأنفالِ

ومسومٍ خرقُ الحتوفِ تقودهُ … للطعنِ، يومَ كريهة ٍ وقتالِ

أقصَدْتَ قائِدَها بِعامِلِ صَعدَة ٍ … ونزلتُ عندَ تواكُلِ الأبطالِ

والخَيلُ عابِسة ٌ، كأنَّ فُروجَها … ونُحورَها يَنضَحنَ بالجِرْيالِ

والقومُ تختلفُ الأسنة ُ بينهمْ … يكبون بينَ سوافلٍ وعوالي

ولقَدْ تَرُدُّ الخَيلَ عَنْ أهوائِها … وتَلُفُّ حَدَّ رجالها بِرِجالِ

وموقعٍ، أثرُ السفارِ بخطمهِ … من سودِ عقة َ أو بني الجوالِ

يمري الجلاجل منكباهُ، كأنهُ … قُرْقورُ أعجَمَ مِنْ تِجارِ أُوالِ

بكرتْ عليَّ به التجارُ، وفوقهُ … أحمالُ طيبة ِ الرياحِ حلالِ

فوَضَعتُ غَيرَ غَبيطهِ أثقالَهُ … بِسِباءِ لا حَصِرٍ ولا وَغّالِ

ولقد شربتُ الخمرَ في حانوتها … وشربتها بأريضة ٍ محلال

ولقَدْ رهَنْتُ يدي المنيّة َ، مُعْلِماً … وحملتُ عند تواكلِ الحمالِ

فلأجعلنَّ بني كليبٍ شهرة ً … بعوارمٍ، هبتْ مع القفالِ

كلَّ المكارِمِ قَدْ بَلَغْتُ، وأنْتُمُ … زمعُ الكلاب معانقوا الأطفالِ

وكأنما نسيتْ كليبٌ عيرها … بين الصريحِ وبين ذي العقالِ

وإذا أتَيْتَ بَني كُلَيْبٍ، لمْ تجِدْ … عدَداً يُهابُ ولا كثيرَ نَوالِ

ألعادلينَ بدارمٍ يربوعهمْ … جدعاً جريرُ لألأمِ الأعدالِ

وإذا وَرَدْتَ جريرُ، فاحبِسْ صاغراً … إنَّ البكورَ لحاجبٍ وعقالِ