لانالَ منكَ فؤادي ما يرجيهِ – الهبل

لانالَ منكَ فؤادي ما يرجيهِ … إن كانَ طولُ التنائي عنكَ يسليهِ ؛

سلِ الصبابة َ عنْ جسمي السقيم ولا … تسلْ سقامي فإنّ السقم يخفيهِ ؛

ولا تسلْ غير طرفي عنْ مدامعهِ … لا تأخذِ الماءَ إلاّ من مجاريهِ ؛

أشكو إلى اللهِ وجداً ظلتُ أكتمهُ … عنْ عاذلي ودموع العين تبديه

وخاطراً قد تمادى في غوايته … وزادَ حتى تمادى في تماديهِ

وصرفَ دهر أصابتني نوائبهُ … بكلّ سهمٍ منَ الأحداثِ تبريهِ ؛

سقياً لدعرٍ مضى لو كانَ ساعدني … حظي لكنتُ بهذا الدهرِ أفديهِ ؛

هذا الزمانُ الذي لاَ كانَ منْ زمنٍ … ولا سقاهُ منَ الوسميّ ساريهِ

ماتَ الوفاءُ وأبنلء الوفاءِ بهِ … فالمجدُ منْ بعدهم أقوتْ مغانيه ؛

فأينَ منْ يستحقُّ المدحَ مبتذلاً … للمالِ فيهِ فيوفينا ونوفيه

لهفي على غرَّ أبياتٍ مدحتُ بها … منْ لوْ هجوتُ لأرخصتُ الهجا فيهِ

لهفي على ثوبِ عزًّ نشرهُ عطرٌ ؛ … ألبستهُ لشقائي غيرَ أهليهِ

وأفق نظمٍ تذيبُ الصخر رقتهُ … أطلعتُ فيه نجوماً منْ معانيهِ ؛

حبرته في بخيلٍ نقشُ درهمهِ ؛ … اللهُ من أعين السؤال يحميهِ

تكادُ تسجدُ للدينار جبهتهُ … بخلاً ويعبده من دون باريهِ

يودّ لو أنّ في آذانهِ صمماً … إذا دعاهُ إلى المعروفِ داعيهِ

لو جاءه المصطفى مستشفعاً … بأمينِ الله في درهمٍ ما كانَ يعطيهِ ؛

لا المدحُ يغريه بالإعطا لسائلهِ … ولا الهجاء عن الحرمان يثنيهِ ؛

أزهى منَ الديكِ ؛ إذْ يمشي على صلفٍ … لهُ جناحان منْ كبرٍ ومن تيهِ ؛

لا حلم فيه ولا عقلٌ ولا أدبٌ … ولا وفاء إلى المعروف يهديه .

يرومُ شأوَ العلى ؛ والبخلُ يقعدهُ … كأنه طائرٌ قصتْ خوافيهِ

يرى التكبرِ من اسنى مناقبهِ … ويحسب البخلَ منْ أعلى معاليه ؛

فليتَ شعري على ما فيه من صلفٍ … أكانَ منتظراً للوحيِ يأتيه

قلدتهُ لشقائي في سعادتهِ … عقداً منَ المدحِ قد راقت لآليهِ

تودّ شمسُ الضحى لو أنها حليتْ … بهِ وبدرُ الدجى لو كان يحكيهِ

منْ للزهورِ بأن تحكي شمائلهُ … ومنْ لزهرِ الدياجي لو تضاهيهِ

وقائل لي اتهجوهُ فقلتُ لهُ … مهلاً ؛ فإنَّ هجائي ليسَ يؤذيهِ ؛

إني لأتلو مساويه فيحسبني .. … لفرطِ تغفيله أتلو مساعيهِ

قد كانَ مدحي له ذنبا شقيت بهِ … فصار تكفيره عني هجائيهِ

يا هادماً بمساويه بناء على ّ … أبوهُ دونَ ملوكِ الأرض بانيهِ ؛

حذار من نارِ فكرٍ أضرمتْ لهباً ؛ … ولا تقفْ لعبابٍ سالَ واديه ؛

فما نبا سيفُ عزمي حينَ أعملهُ … ولا خبا زندُ فكري حين أوريهِ ؛

وما امتدحتك أرجو منك نيلَ غنى ً ؛ … لكنْ قضاءٌ جرى في الكون ماضيهِ

ولو أردتُ غناءً لامتدحتُ فتى ً … ينالُ مادحه أقصى أمانيه