لابِدْعَ إن ضحك القتيرُ – ابن الرومي

لابِدْعَ إن ضحك القتيرُ … فبكى لضحكته الكبيرُ

عاصَى العزاءُ عن الشبا … ب فطاوعَ الدمعُ الغزيرُ

كيف العزاءُ عن الشبا … ب وغصنُهُ الغصنُ النضيرُ

كيف العزاءُ عن الشبا … ب وعيشهُ العيشُ الغريرُ

بان الشبابُ وكان لي … نِعْمَ المجاور والعشيرُ

بان الشباب ُ فلا يَدٌ … نحوي ولا عينٌ تشيرُ

ولقد أسرتُ به القلو … بَ فقلبيَ اليوم الأسيرُ

سَقياً لأيامٍ مضتْ … وطويلُها عندي قصيرُ

أيامَ لي بين الكوا … عب روضة ٌ فيها غديرُ

أصبَى وأصبي الغانيا … ت وأستزار وأستزيرُ

بيضُ الوجوهِ عقائلاً … لم يُصْبِهنّ سواي زيرُ

أبْشارهنَّ وما ادَّرع … نَ من الحرير معاً حريرُ

وجمالهنّ وما لَبِسْ … نَ من الحبير معاً حَبيرُ

ونسيمهنّ وما مَسِسْ … نَ من العبيرِ معاً عبيرُ

من كلّ ناعمة ِ الشبا … ب كأنها الخُوطُ الهصيرُ

مهتزة ُ الأعلى يجا … ذبُ خصرَها ردفٌ وثيرُ

جَمَعَ الشبابَ ولَهْونا … فيه الخورْنقُ والسَّديرُ

مبْدَى المناذرة ِ الذي … فيه الفواكهُ لا البريرُ

كم جنة ٍ فيه وكم … نهرٍ لجِريته خَريرُ

من كلّ دانية الجَنَى … للطير فيها قَرْقَريرُ

يَشتقُّها طامِي الجما … م على جوانبه الغميرُ

يُضحي إذا جرتِ الصَّبا … وكأن ضاحِيَهُ حصيرُ

ها إنَّ ذاك لَمنزلٌ … من كلّ صالحة ٍ عَميرُ

شجرٌ ونخلٌ لا يُطي … ر غراب أيْكهما مُطيرُ

ومتى نشاءُ بدت لنا … أم الفَرير أو الفريرُ

لهفي لعيشتنا هنا … لك والقذى عنها طَحير

إذ نحن أترابُ النعي … م ودَرُّ دنيانا دريرُ

كلُّ لكل في الشبا … ب وفي مَناعمه سَجيرُ

تشدو لنا رَيَّا البنا … ن على معاصمها الحبيرُ

قد أُدميتْ لَبَّاتها … مِسْكا كما يُدمَى العَتيرُ

وشرابنا وَرْدِيَّة ٌ … لكؤوسها شررٌ يطيرُ

هَدَرتْ فلما استفحلتْ … في دَنِّها سكن الهديرُ

حمراءُ في يد أحمر ال … وجنات مَلْثمُهُ مَهيرُ

متأمّلٌ لا يجتوَى … منه القَبيل ولا الدبيرُ

واها لقولي للمُدي … ر وقد سقانيها المديرُ

أعصير خمرك هذه … من ماء خدك أم عصيرُ

سُقِيَ الشبابُ وإن عفا … آثارَ معهدهِ القتيرُ

ما كان إلا المُلك أَوْ … دى تاجهُ وهَوى السريرُ

رحل المَطيُّ لنية ٍ … زوراءَ مَطلبها شَطيرُ

فكأنَّ في الأحشاء ني … راناً يضرِّمهنَّ كيرُ

هوِّن عليك فإنها … خِلعٌ أعارَكها مُعيرُ

والدهر يَقْسم مرة ً … نَفْلاً وآونة يُغيرُ

وأبو الفوارس أحمدٌ … لمن استجار به مجيرُ

أضحى ظهيراً للذي … أضحى وليس له ظهير

فاجعل خِفارتهُ ذَرا … ك فإنه نِعْم الخفيرُ

شهدتْ مآثرُهُ بذا … ك ووجهه ذاك الطريرُ

ياابن المسمَّى باسم من … جرتِ الرياحُ به تطيرُ

والطيرُ أظْلالٌ علي … هِ لها هديلٌ أو صفيرُ

أعني سليمانَ الذي … في رَمسهِ قمرٌ وشِيرُ

سيفُ الملوك إذا تجا … وب من ذوي الفتن النعيرُ

للَّهِ ماذا ضَمَّهُ … من شيخك الجدثُ الحفيرُ

لكنَّ من أنت ابنهُ … ما مات أو مَيْتٌ نشيرُ

للَّهِ خالك ذو المكا … رم إنهُ بك للخبيرُ

لو لم يقلّدك الأمو … رَ لما استمرّ لها مَريرُ

نثَل الجفيرَ فكنت أَهْ … زَعَ ماتضمنه الجفيرُ

فرمى بك الغرضَ البعي … د مُسدِّدٌ لا يستشيرُ

أقسمت بالهدْي النحي … ر ومن له الهدْيُ النحيرُ

إن كان حاباك القضا … ءُ بما حباك به الوزيرُ

كلاّ ولا كان الهوى … هو عند ذاك بك المشيرُ

لكنْ رأى فيك الوزي … رُ كما رأى فيه الأميرُ

فصغَى إليك برأيه … والحاسدون لهم زفيرُ

ألقى خلافتَهُ إلي … ك وقَدْرُها القدرُ الخطيرُ

عِلماً بفضلك في الرجا … لِ وفضلك الفضل الشهيرُ

فطفقتَ تسلك فجَّهُ … وتسير فيه كما يسيرُ

لا تُخطىء الرأي الموفْ … فق حين تُسدي أو تنيرُ

فهناك وافق في اختيا … رِك مستخاراً مستخيرُ

ولَما حُبيتَ برتبة ٍ … إلا وأنت بها جديرُ

فافخرْ على أن الجلي … ل من الأمور لكم حقيرُ

عينُ الأمير هي الوزي … ر وأنت ناظرها البصيرُ

طابقتَ أحكامَ الوزي … ر تُبيرُ قوماً أو تُميرُ

وعملتَ ما عمل المشا … رك في البضاعة لا الأجيرُ

فالليل منذ خَلَفْتَهُ … ليلٌ قصيرٌ مستنيرُ

لا الخوفُ فيه ولا السها … دُ ولا الظلامُ المستحيرُ

تُرك القطا فيه فنا … م بحيث ليس له مثيرُ

يا أحمدَ الخيرِ المؤمْ … مَل حين تُخشى العَنْقفيرُ

هذا مقام المستجي … ر وأنت أكرمُ من يُجيرُ

أأقول فيكم ما أقو … ل فلا يكون له حَويرُ

ما لي حُرمتُ وقد سألْ … تكمْ وإني لَلْفقيرُ

ومدائحي تترى يجو … دُ بها لسانيَ والضميرُ

إذ لم أنلْ من فضلكم … مقدارَ مايزنُ النَّقيرُ

ولَطالما اسْتغنَى الفقي … رُ بكم وما انجبر الكسيرُ

انظر إليَّ أبا الفوا … رس يَسْهل الأمر العسير

بين العِبادِ وربِّهمْ … في قَسم زرقِهمِ سَفيرُ

ووزيرنا ذاك السفي … ر فَمن سواه نستميرُ

في ظله الكلأُ المَري … عُ خلالَه الماء النميرُ

فامْنُنْ عليَّ بجانبٍ … منه فقد حميَ الهجير

واعجل بعُرفِك ما استطع … تَ فأفضل العرف البَكيرُ

أو قل لعبدك كيف يص … نع إنه لك مستشيرُ

أين المَميل عن الوزي … ر أو الرحيل أو المسيرُ

هل للمحرَّبِ غيره … في كل نائبة ٍ مَصيرُ

من وجهُهُ الوجهُ الجمي … لُ وشخصهُ الشخصُ الجهيرُ

من مَنُّهُ المنُّ القلي … لُ وفضله الفضل الكثيرُ

من جودهُ الجودُ الشهي … رُ وبذله البذلُ الستيرُ

من قولُهُ وفَعَالُهُ … سَمَرانِ ما اسمر السّميرُ

من لا نَصير لما له … ولجاره أبداً نصيرُ

من نَيْلُ غايته يَشُقْ … قُ ونيلُ نائله يسيرُ

من كل أمرٍحين يُذ … كَرُ أمرُهُأمرٌ صغيرُ

إلاّ أبا الصقر الذي … أضحى وطالبُهُ حسيرُ

رجع المماطِلهُ الجِرا … ءَ وحظُّهُ النفسُ البهيرُ

ملكٌ غدتْ أفعالُهُ … والعرفُ فيها والنكيرُ

يوَماه يومُ ندى ويو … مُ ردى ً عبوس قَمْطَريرُ

في ذا وذاك كليهما … خيرٌ وشرٌّ مستطيرُ

فوليُّهُ لِوليّهِ … أبداً بناقلة ٍ بشيرُ

وعدوُّهُ لعدوهِ … أبداً بنازلة ٍ نذيرُ

كافي ملوكٍ لا يفن … نّدُ ما يُجيل وما يديرُ

ركدت على أقطابه … أرحاء ملك تستديرُ

لو كان في أولى الزما … ن لظل مَزدكُ لا يُحيرُ

وغدا أنو شروانَ مف … تقراً إليه وأردشيرُ

تَجِف القلوبُ إذا غدتْ … أقلامُهُ ولها صريرُ

ضخمُ الدَسيعة ِ والفعا … لِ نبيهُ مملكة ٍ ذَكيرُ

جُمعتْ له أشياءُ لم … يخلَق له فيها نظيرُ

فيه الوسامة ُ والندى … والحلمُ والرأي الزَّبيرُ

فإذا بدا في موكبٍ … فكأنهُ القمر المنيرُ

وإذا احتبَى في مجلسٍ … فكأنما أرسى ثبيرُ

وإذا تهلّل بالندى … فكأنه الغيثُ المطير

وإذا رَمى بمكيدة ٍ … فكأنهُ القدرُ المُبير

تتحرك الأشياء غِبْ … بَ سكونه ولها نفيرُ

لروّية ٍ منه نتيجتها … نَقيذ أو عَقيرُ

أضحى يحلُّ بحيث يل … قَى المستميحَ المستجيرُ

لا يستعير له المَما … دحَ مِن سواهُ مُستعيرُ

بل يستثير له المما … دحُ من ثراه المستثيرُ

لولاه أصبحتِ الركا … ئب لا يئطّ لها صفيرُ

يا آل بلبل الكرا … م بيمنكمُ صلح العذيرُ

لولاكُمُ غدتِ الرعيِّ … ية ُ كلُّها والمُخّ ريرُ

فَابقوا لنا في غبطة ٍ … ما أوْغلتْ في الأرضِ عيرُ

وغدا الأُلى عادوكُم … ومقامُ أرجلهم شفيرُ

لا زالتِ الدنيا لهم … مهوى ً قَرارتُهُ السعيرُ

أعي على طلاّبكمْ … أن تُدرك الخيلَ الحميرُ

تتبسّمون إذا اللئا … مُ تبسروا ولهم هَريرُ

وتَبسّلونَ إذا السبا … ع تنمرتْ ولها زئيرُ

ردّدتُ فيكم ناظريْ … يَ فكُلكم كرمٌ وخيرُ

شَرفتْ أوائلكم وأش … به أولاً فيكم أخيرُ

وحُرمتُ منكم والإل … هُ على مَرَدِّكُمُ قديرُ

لاتَتركوا الطِّرفَ الجوا … دَ خليعَ مضيعة ٍ يَعير

خُذْها إليك أبا الفوا … رس حلية ً بك تستنيرُ

ماضَرها أن لا يعي … شَ لها الفرزدقُ أو جريرُ

اسلمْ على حدث الزما … ن وأنت بالحُسنى أثيرُ

حتى يصدِّقَ من كَنا … ك فوارسٌ لهمُ كريرُ