كم للملاءة من أطلال منزلة – الفرزدق
كَمْ للمُلاءَةِ مِنْ أطْلالِ مَنْزِلَةٍ … بِالعَنْبَرِيّةِ مِثْلَ المُهْرَقِ البَالي
وَقَفْتُ فيها فَعَيّتْ ما تُكَلّمُني، … وما سؤالُكَ رَسْماً بَعْدَ أحْوالِ
عَزَالَةُ الشّمْسِ لا يَصْحو الفؤادُ بها … حَتى تَرَوّحْتُ لأياً بَعْدَ إيصَالِ
كَأنّمَا طَرَفَتْ عَيْنيّ كَاحِلَةٌ … في الدّارِ مِنْ سَرِبٍ بالمَاءِ مِسْيَالِ
أوْ كابنِ عَجلانَ إذ كانَتْ لَه تَلَفاً، … هِنْدُ الهُنُودِ بِمقْدارٍ وَآجَالِ
تَرْمي القُلُوبَ ولا يَصْطادُها أحَدٌ، … بِسَهْمِ قَانِصَةٍ للقَوْمِ قَتّالِ
غَرْثَى الوُشاحِ ولَكِنّ النّطاقَ بِهَا … يُلاثُ حَوْلَ رِمالٍ ذاتِ أكْفَالِ
ما أمُّ خِشْفٍ برَوْضَاتِ الذِّهابِ، لَها … مَرْعى فَرُودٍ من الأُلاّفِ مِطفالِ
أدْماءُ يَنْفُضُ رَوْقاها، إذا ادّمجَتْ، … عَنها الأرَاكَ وأغْصَاناً من الضّالِ
وَلا مُكَلَّلَةٌ رَاحَ السِّمَاكُ لَهَا … في نَاحِرَاتِ سَرَارٍ قَبْلَ إهْلالِ
تَجْلُو بِقَادِمَتَيْ لَمْيَاءَ عَنْ بَرَدٍ … حُوِّ اللِّثاثِ، وَجِيدٍ غَيرِ مِعْطَالِ
لا تُوقِدُ النّارَ إلاّ أنْ تُثَقِّبَهَا … بالعَودِ في مِفضلِ الخَزّيّةِ الغَالي
وَالطّيبُ يَزْدادُ طِيباً أنْ يكُونَ بِها، … وَإنْ تَدَعْهُ غَيْرَ مِتْفَالِ