قل للأمير أدام الله غبطَته – ابن الرومي
قل للأمير أدام الله غبطَته … لا زال عيدُك موصولاً بأعيادِ
عيدٌ تنافستِ الأيامُ زينته … واستشرفته بأبصارٍ وأجيادِ
طلعتَ فيه طلوع البدر وافقه … طلوعُ سعدٍ فوافاه لميعادِ
في موكب ظلت الدنيا تَشيم به … مَخيلة ً ذات إبراقٍ وإرعادِ
وقْعُ الكراعِ ولمعُ البيض يوقدُهُ … لألآءُ وجهك فيه أيَّ إيقادِ
لله ذلك من عيدٍ لقد وثِقتْ … فيه النفوس بركنٍ غير مُنْآدِ
في مِثله عَلم الجهّال بعد عمى ً … أن الخلافة مُرساة ٌ بأوتادِ
أرهبتَ فيه عُداة المُلك فانقلبوا … منه بأقلق أحشاءٍ وأكبادِ
فاسعدْ به وبأعيادٍ تُعمّرها … في ظل عيشٍ وريقِ العُود مَيَّادِ
ياأكرم الناس دون الناس كُلُهُمُ … وليس ذلك من قِيلي بإبعادِ
نفسي فداؤك بل نفسي وأسرتُها … بل كلُّ نفس وما أغلى بك الفادي
من كان يُهدي على العمياء مِدحَتَهُ … إهداءَ مستسلم للظن منقادِ
فما امتدحتُك إلا بعد ألسنة ٍ … ولا انتجعتُك إلا بعد رُوَّادِ
إليك ساقَ تِجَارُ الحمد عِيرهُمُ … يُنفدْنَ أسدادَ ليلٍ بعد أسدادِ
لهم بوجهك هادٍ من أمامِهِمُ … ومن رجائك حادٍ أيُّما حادي
على سَوَاهِمَ يَذْرعنَ الفلا عَنقاً … بأذرعٍ شَدَنِيَّاتٍ وأعضادِ
تَطوي الفلا مُثقلاتٍ وُسعَ طاقتها … من الثناء مُخفَّاتٍ من الزادِ
مُعَولاتٍ على غيثٍ تَيَمُمُهُ … ما آب رائدهُ إلا بإحمادِ
كلتا يديك يمينٌ لا شمال لها … مخلوقتان لأمجادٍ وإنجادِ
يدانِ لا يفتُرانِ الدهرَ من صفدٍ … يغني فقيراً ولا من فَكِّ أصفادِ
إن دام جودُك أنزَفنا قرائحنا … بعد الجحوم وآذنّا بإنفادِ
تُعطي الجزيل بلا وعدٍ تُقدِّمه … ولا تعاقبُ إلا بعد إيعادِ
تبني مكارم مُرساة ً قواعدها … على مكارم آباءٍ وأجدادِ
ياآل طاهرٍ الأعلين مرتبة ً … لا زلتمُ رغم أعداءٍ وحسادِ
أمسى مجاوركم يأوي إلى جبل … صعبِ المراقي ويرعى جانبي وادي
من عاث في الأرض إفساداً فإنكمُ … بدَّلتمُ الأرض إصلاحاً بإفسادِ
أنتم بنو ذي اليمينين الذي هَجَعَتْ … بهِ السيوفُ وعادت ذات أغمادِ
مُسَوَّمينَ بسيما اليُمنِ في غُررٍ … مولودة ٍ بنجومٍ غير أنكادِ
أجلت لنا منكُمُ الأيام عن خلَفٍ … حُكَّامِ فصلٍ وأبطالٍ وأجوادِ
من نجم رأيٍ ومن بحرٍ له فجرٌ … على العفاة ِ ومن ضرغامة ٍ عادي
فكلما نزلت بالناس نازلة ٌ … ألفتْ لها راصداً منكم بمرصادِ
لكم مَقامان شتى طال ما ضَمِنا … طيَّ الكُشوحِ على شكرٍ وأحقادِ
يفديكُمُ الناس إذ تفدون أنفسهم … منكُم بأفضل أرواحٍ وأجسادِ
في كلِّ هيجاء تُكنى من فظاعتها … أمَّ الدهاريس أو تُدعى بعصْوادِ
كم فيكمُ من شديدِ الدَّرء يومئذٍ … يَصلى الوغى بشهابٍ منه وقادِ
يغشى صدورَ العوالي دون حوزته … بصدر حرٍ عن السوآت محيادِ
هذا ثنائي وهاتيكم مناقبكم … بأعين الناس ما أبعدتُ إشهادي
تَحَمَّدَتْ بكُمُ الأيامُ فأنكفأتْ … بعد الشكاة ِ بحمدٍ حاضرٍ بادي
ماحيدَ بالناس عن منهاج مكرمة ٍ … إلاّ هَدَاكُمْ إلى منهاجها هادي
فابقوا بقاء مساعيكُمْ فقد بَقيتْ … منهن أطوادُ مجدٍ فوق أطوادِ