قل في جنب فضلك الموفور – جبران خليل جبران
قل في جنب فضلك الموفور … ما ترى من تجلة وشكور
وكفى مصر من أياديك فيها … أن عهد الفنون عهد نشور
حبذا هذه الحفاوة من خيرة … فتيانها بخير نصير
طلعوا كالكواكب الزهر لم يحجب … سناها جوار أزهى البدور
أي مجد في أفقهم وسعته … دارة وهو ماليء المعمور
ود أهل النهى لو اجتمعوا من … كل حدب لبث ما في الصدور
كتلاقي الحجيج في رحبات البيت … بين التهليل والتكبير
يوسف النبل طارفا وتليدا … شرفا يا أمير يا ابن الأمير
جدك الجد لاح في أفق مصر … فأدال السنى من الديجور
هكذا ينبغ الحفيد كبيرا … يتمشى في إثر جد كبير
وأب كان معقلا يلجأ الحر … إليه وموئلا للفقير
كل أمر وليته أنجحته … همم صرفت بعزم الأمور
وعظيم النجاح يصدر عن رأس … حكيم وعن فؤاد غيور
لك في نهضة الشباب أياد … سجلتها العلى بأحرف نور
وبساحات جودك اتحدت غاياتهم … في طلاب أسمى مصير
لم تعلمهم المساعي إلا … ومدى العزم ليس بالمحصور
تطرد الوحش في بعيد الموامي … لا تبالي لقاء ليث هصور
أي عيش فان يطيب لذي قدر … خطير بغير معنى خطير
بك ردت إلى الفنون حياة … فارقتها في مصر منذ عصور
فأعادت يداك فخرا تولت … ببقاياه سالفات الدهور
لك نظم في المكرمات بديع … شعره نم عن أرق الشعور
تحلى فيه المعاني بأمثال … عقود الفريد حول النحور
كل يوم تجد فيه لقوم … آية من صنيعك المبرور
فترى كلما استجار لهيف … مستجيبا لدعوة المستجير
فترى كلما استجار لهيف … مستجيبا لدعوة المستجير
وترى بانيا لبيت تداعى … أو ترى جابرا لقلب كسير
لست أنسى يدا عمرت بها في الشأم … ما قوضت يد التدمير
بردى حوله نفوس حرار … ليس تروى بالسلسبيل النمير
جاءها من نداك أشفى من البلسم … للجرح والندى للسعير
كرم زاده التلطف حتى … لقليل العطاء فوق الكثير
عش لمصر بل كل مصر وللشرق … جميعا في غبطة وحبور
متبعا في العلياء كل قديم … بجديد من فضلك المشكور