قاضي القضاة بيمنى حكمه القلم – ابن نباتة المصري
قاضي القضاة بيمنى حكمه القلم … يا ساري القصد هذا الباب والعلم
هذا اليراع الذي تجني الفخار به … يد الامام التي معروفها أممُ
إن آلم الحكم فقد الذاهبين فقد … وافى الهناء فزال اللبس والألم
ولّى عليّ ووافى بعد مشبهه … كالسيّل أقبل لما ونت الدّيم
لايبعد الله أيام العلاء فما … يقضي حقوق ثناها في الأنام فمُ
ويمنع الله بالراقي لرتبته … فقد تشابهت الأخلاق والشيم
معيي المماثل في علم وفيض ندى ً … فالسحب باكية والبحر ملتطمُ
وكاتم الصدقات الغرّ تكرمة ً … للمرء لوكان عرف المسك يكتتم
وافى الشآم وما خلنا الغمام إذا … بالشام ينشأ من مصرٍ وينسجم
آهاً لمصرٍ وقد شابت لفرقته … فليس ينكر أن يعزى لها هرم
تقاسمت بعد رؤياه الأسى ودرت … لأن البلاد لها مثل الورى قسم
وأوحش الثغر من مرآي محاسنه … فما يكاد بوجه الدهر يبتسم
ينشي وينشد فيه الثغر من أسفٍ … بيتاً تكاد له الأحشاء تضطرم
يا من يعزّ علينا أن نفارقهم … وجداننا كل شيء بعدكم عدم
يزهو الشآم بمن فارقت طلعته … وا حرّ قلباه ممن قلبه شيم
نعم الهدى ونجوم الليل حائرة … والمجتدى وزمان المحل محتدم
أقسمت بالمرسلات السمر في يده … لقد تهيّب منها الابيض الخدم
وقائل أسرت مسراه قلت له … نعم المنام الذي أبصرتَ والحلم
لو لم تنم لم تحاول في العلى طرقاً … زلّت بنجم الثريا دونها القدم
كل الفصول ربيعٌ في منازله … وكل أشهرنا في بابه حرمُ
يا واثق الظن في علياه عش أبداً … وأنت معتضدٌ بالسعد معتصم
ورمه إن طاشت الأيام أو بخلت … فالحلم والجود في ناديه مقتسم
هنالك الطود إلا أنه رجل … في كفه البحر إلاّ أنه كرم
حبر طباق المعالي فيه متضحٌ … فالمال مفترق والمجد ملتئم
وللجناس نصيب من مناقبه … فالفضل والفصل والاحكام والحكم
ما يرفع الظن طرفاً في مكارمه … إلا وعزم الرجا بالنجح منجزم
لبشره وارتياح المكرمات به … مقدمات عليها تنتج النعم
قالت مناقبه العليا وما أفكت … هذا التقيّ النقيّ الطاهر العلم
أهلاً بمحتكم الآراء فاصلها … والقاصدون على جدواه تحتكم
كان الزمان لنا حرباً نخادعه … فاليوم ألقي فيما بيننا السلم
وكان مغنى العلى عطلاً فقام به … ركنٌ تطوف به العلياء وتستلم
يا حاكماً ما رصدنا نجم مقدمه … إلا انجلت عن ليالي قصدنا الظلم
حدوتَ لي أملاً من بعد ما عرفت … نفسي عن الناس ان ضنوا وان كرموا
وكان منطقي العربيّ ممتنعاً … عن الأنام فلا عرب ولا عجم
مالي وللشعر في حيٍٍ وفي زمنٍ … سيّان فيه حسام الهند والحلم
حتى اذا أشرقت علياك عاطية … رأيت عقد القوافي كيف ينتظم
هدمتَ بيت الغنى مما تجود به … فاهنأ بأبيات مدحٍ ليس تنهدم
ما بعد علياك يحيى واصفٌ كلماً … وليت لو وسعت أوصافك الكلم
لا عطلت منك دنيانا ولا فقدت … نسيم أنفاسك الأرواح والنسم