فوجئت فيك بأنكر الأنباء – جبران خليل جبران

فوجئت فيك بأنكر الأنباء … وفجعت فيك بأكبر الأرزاء

لله صبحك ما أشد ظلامه … والضوء فيه باهر اللألاء

ماذا دهاني فيك يا إلف الصبا … وعشري المفدي بالعشراء

أتركتني بعد السرور المنقضي … لتأسف لا ينقضي وبكاء

ذهب النجيب فلا نجيب إذا دعا … داعي الوفاء وكان يوم وفاء

ذهب النديم فلا نديم إذا دعا … داعي الصفاء ولات عهد صفاء

ذهب الفتى الحر الضمير وكان من … يرقى الذرى لو عاش عيش مراء

ذهب الأديب الألمعي وإنه … للألمعي الفرد في الأدباء

ذهب الذي لو شاء نظم جمانه … لغدا المشار إليه في الشعراء

آها من الدنيا الغرور ويا لها … من طية في صفوها كدراء

مضت السنون ثقالها كخفافها … وتقلصت كتقلص الأفياء

أين الأماني ألتي كانت لنا … ماذا يقيم الرسم فوق الماء

هذي حياة إن تطل أو لم تطل … مقضية كتنفس الصعداء

يا أيها النائي تشيعه النهى … وبغير ود المجد أنك نساء

إن تمض محمولا على أيدي الأسى … فهي الركاب إلى أحب بقاء

إخوانك الباكون حولك خشع … من هول هذي البغتة الدهماء

هيهات أن يجدوا عزاء صادقا … وحبيبهم أمسى من الفقداء

أمفارقيه من أعزة آله … أني لكم ولنا جميل عزاء

تالله ما أدري أمن منا قضى … أم من أقام أحقنا برثاء

ليدم منيرا فرقداه بعده … متلألأ أثراه في الظلماء