فديتك يا من قد خفيت فلاحا – عبدالغني النابلسي
فديتك يا من قد خفيت فلاحا … وشوقي إليه لا يزال فلاحا
ولا عجب إن طرت في رويتي له … فمن لطفه أني وجدت جناحا
ولما بدا وجه له من ورا الورى … رأيت جميع الكائنات ملاحا
تباركت من سر خفي عن السوى … أباح لنا جهرا لقاه أباحا
يقول لشي كن وما لشيء غيره … إذا كان لكن قد سترت وباحا
وما صبغة الأشياء إلا شؤونه … بها يتجلى للأنام كفاحا
تعاليت يا ساقي القلوب شرابه … برؤية وجه منه ساعة لاحا
لئن كانت الأكوان في الناس ظلمة … فإنك عندي قد ظهرت صباحا
وشمس سماء الذات منك لنا بدت … وروض التجلي من صفاتك فاحا
هو الكل إلا أن صولة فعله … حجاب له يسقي البرية راحا
فتسكر أرباب العقول فلا ترى … سوى ما لها منها الخيال أتاحا
وما الحسن إلا وهو للعقل تابع … يرى ما يراه قبضة وسراحا
ألا يا وحيد الذات أنت وجودنا … وما نحن إلا الحكم منك متاحا
خطوط بأقلام العقول تخيلا … عن القلم الأعلى صدرن صحاحا
وما القلم الأعلى سوى عن إرادة … تجل انبعاثا إذ علت ورواحا
إرادة غيب من مقام مقدس … ببيدائه فهم المنزه ساحا
قديمة عهد والجميع حوادث … فليس لنا فيها الكلام مباحا