عليك سلام ماريانا ورحمة – جبران خليل جبران
عليك سلام ماريانا ورحمة … بها العفو يهمي والمبرات تهمر
وسقيا لأرض بات قبلك طيها … أخوك ورعيا لاسمه حين يذكر
إذا ما تولت ماريانا فقد هوى … من الحلم صرح كان بالعلم يعمر
عزيزة قوم لم يكن في جهارها … وفي سرها إلا شمائل تشكر
تصدت لما يعي الفطاحل دونه … وكم دون أمر يعجز المتصدر
فقد ظاهرت في نهضة العصر جنسها … لترفعه والخفض ما الدهر يضمر
فعاقبها الجاني على كل مصلح … يقدم عن ميقاته ما يؤخر
تنكر من عرف لها وكدأبه … لكل مجد حالة يتنكر
فتلك التي كانت أديبة جيلها … وكان لها النظم البديع المحرر
دعتها جديدات الليالي فأنشأت … تقول جديدا غير ما الناس تأثر
ووفق السماعي الحبيب شذوذه … وفوق القياسي الذي العرف يؤثر
مخالفة كل الضروب التي جرى … عليها اصلطلاح فهي أسنى وأشعر
ولا بدع إن غابت علينا رموزها … وإن فاق ما تعنيه ما نتصور
فقد تسمع الركز الذي لا نحسه … وقد تجتلي في الغيب ما ليس نبصر
على أن وحيا ذاك من علو جاءها … يبشر أيقاظ النفوس وينذر
وما تدرك الألباب من حل معضل … إذا حاجت الأقدار فيما تقدر
أراعك لألاء المنارة في الدجى … إذ الفلك وثب بالعلى وتحدر
وإذ ينجلي نبراسها ثم يختفي … فآنا له زهو وآنا يكور
أشعته بسطا فقبضا كأنها … مراسي نجاة ترتمي وتجرر
تعاقب ألوانا ولولا اختلافها … لراجي الهدى لم يهتد المتنور
سليم بها المصباح صفو ضياؤها … وما يعتري غير الزجاج التغير
كذاك أتمت ماريانا حياتها … وفي شأنها رشد لمن يتبصر
فلما قضت دال الظلام من السنى … أجل دال حينا لكن النور يثأر
فبينا خبت تلك المنارة في الثرى … إذا هي نجم في السماوات يزهر