على سلمى وإن نأت الخيام – ابن شهاب

على سلمى وإن نأت الخيام … من المضنى التحية والسلام

سلام من فؤاد منذ ولى … وفارقها تولته السقام

على سلمى السلام ومن سواها … فاهداء السلام له حرام

مهاة صانها الرحمن عما … به العشاق تعذل أو تلام

كلفت بها وبي كلفت فكل … بصاحبه معنى مستهام

كلانا مغرم ولنا حديث … غريب لا يترجمه الكلام

ولم أنس الوداع وما جرى لي … غداة السير إذ عز المقام

بكت خوف النوى وبكيب قهرا … دما فبها وبي لعب الغرام

تبث إليّ شكواها فأشكو … إليها والدموع لها انسجام

تناشدني أترجع عن قريب … فقلت نعم وللدهر احتكام

وأزمعت الرحيل وفي فؤادي … لوحدتها لهيب واضطرام

رحيلاً أشرعت نحوي عوالي … أسنته وفوقت السهام

يهون علي دون فراق سلمى … فراق الروح لو هجم الحمام

ألا يا دارها من بطن واد … به نبت الخزامى والبشام

سقاك العارض الوسمي سحا … وحيا ذلك الشعب الغمام

ترى هل تجمع الأيام شملي … بها أو هل لفرقتنا التئام

فإني من محبتها قتيل … وكم بالحب قد قتل الكرام

إليها قبلتي ولها صلاتي … وحجّي والتنسّك والصيام

ويعروني لذكراها اهتزاز … عرفت به ووجد واصطلام

لها مهما تراءت في معاني … صفات الحسن بدء واختتام

بها اتّسقت كما بأبي جديد … خليفة جده اتسق النظام

بنى في كاهل العلياء برجا … منيعاً لا ينال ولا يرام

قواعده على التقوى أقيمت … وحسبك ما على التقوى يقام

فريد الدهر طود الفخر إنسان … عين العصر قدوتنا الهمام

إلى السمحا دعا حتى استجابت … لدعوته إلى الله الأنام

أتاه الطالبون من النواحي … على أعتابه لهم ازدحام

فأرشد للهدى من ليس يدري … لعمرك ما الحلال وما الحرام

به افتخر الزمان على عصور … بها انتشر الأكابر واستقاموا

إذا عدت أئمتهم فهذا … مجدد عصرنا لهم الإمام

به سيؤون باسمة سرورا … وحق لها وربك الابتسام

به ابتهجت مدائن حضرموت … تريم الخير والصفرا شبام

إمام من بنى الزهراء ما أن … له إلا بخالقه اهتمام

ضحوك للأرامل واليتامى … عبوس إذ يخاطبه الطغام

يناجي ربه بحضور قلب … وذل حين يعتكر الظلام

ويفنى بالحبيب عن البرايا … إذا أخذوا مضاجعهم وناموا

أبا الأشبال خذ بيدي فقير … تولى سر مضغته الحطام

غريب نازح في أرض شرك … على أرجائها انطبق القتام

أضاع العمر في لعب ولهو … بمعركة الخطاء له اقتحام

عن الخيرات تقعده ذنوب … وأوزار وزلاّت عظام

له نفس عن العليا جموح … وليس لها ليردعها زمام

بطلعتك استجار أسير ذنب … وتسويف وجارك لا يضام

فإنك محسن علماً ونعتاً … وذو الإحسان يلزمه القيام

وأنت العروة الوثقى يقينا … فهل للعروة الوثقى انفصام

وحبل الله أنت بلا نزاع … ولي بك أيها الحبل اعتصام

ودم في نعمة وعليك بعد … الرسول صلاة ربك والسلام