عزيز غروب البكر في بكرة العمر – جبران خليل جبران
عزيز غروب البكر في بكرة العمر … كغيبة شمس الأفق في طلعة الفجر
فيا شمس سرعان القضاء تهجما … عليك ولم يمهلك في السبع والعشر
خطيبة شهر سابق الموت بعلها … إليها فأغواها ولكن على ظهر
أتاها على غير ارتقاب بخدرها … سريعا خفيفا خارق الحجب كالفكر
وقبلها فاستل جوهر روحها … وأبقى على رسم كبعض الدمى الغر
كذلك نيران الصواعق تنثني … عن الترب إعراضا وتأخذ بالتبر
فلما نعوا تلك الفتاة لأمها … ألم بها سكر وما هي في سكر
عراها خيال فهي ترقص ترحة … وتنشد أصوات السرور ولا تدري
وتهذي من الحمى بما شاء ثكلها … وينهل من أجفانها الدمع كالقطر
بنية لا بأس عليك من الردى … فإنك في أمن لدى بعلك الحر
عروس يفديها بمهجته فتى … لها أرخص الدر الغوالي في المهر
فيا أفرس الفرسان في حومة الوغى … إذا سالت الأسياف بالأنفس الحمر
تخذناك بعد الله حامي دارنا … وليس لنا عون سواك على الضر
فكيف ينال الموت من أنت عاصم … فيخطفها مني ويسلم من وتر
لمن تستعد السيف كنت أوده … يروي الثرى الظمآن من مهجة الدهر
عدوا لها ثوب الزفاف مرصعا … وصوغوا لها الحلي الثمين من الدر
ولا تنكروا هذا السكون بنومها … أليس كذا نوم المحصنة البكر
ودمعي دمع الأم في عرس بيتها … فلا تنكروه ليس في الدمع من نكر
لك الله ما أبهى زفافك إنه … تفرد ما بين المواكب في مصر
ولكن لم الأيدي تقلك فوقها … موسدة والصاحبات بلا عطر
يضمك نعش أم أريكة زفة … ويحفل قوم للسرور أم الأجر
ألا إن هذا موكب الموت زانه … لك الأهل بالطرز الأنيق وبالزهر
وأمك لا يكفي التفجع قلبها … إذا لم يكن في صورة السعد والبشر
فيا شمس حسن بكرت في زوالها … لئن غبت فالزهر الثوابت في الإثر
بكيتك لا أني عرفتك إنما … لخطبك هذا كل ناضبة تجري