شرفاً نصيرُ ، ارفعْ جبينكَ عالياً – أحمد شوقي

شرفاً نصيرُ ، ارفعْ جبينكَ عالياً … وتَلقَّ من أوطانك الإكليلا

يَهنِيكَ ما أُعطِيتَ من إكرامِها … ومُنِحْتَ مِن عطف ابنِ إسماعيلا

اليومَ يَومُ السَّابِقين، فكنْ فتًى … لم يبغِ من قصبِ الرِّهانِ بديلا

وإذا جَرَيْتَ مع السوابق فاقتحِمْ … غرراً تسيل إلى المدى وحجولا

حتى يراكَ الجمعُ أوَّلَ طالعٍ … ويَرَوْا على أَعرافِك المِنْديلا

هذا زمانٌ لا توسُّط عنده … يَبْغِي المُغامِرُ عالياً وجليلا

كنْ سابقاً فيه، أَو ابْقَ بِمَعْزِلٍ … ليس التوسُّطُ للنُبوغِ سبيلا

ياقاهرَ الغربِ العتيدِ ، ملأته … بثناءِ مِصْرَ على الشفاهِ جَميلا

قلَّبتَ فيه يداً تكاد لشدَّة ٍ … في البأْسِ ترفع في الفَضاءِ الفِيلا

إن الذي خلق الحديدَ وبأسه … جعل الحديد لساعديكَ ذليلا

زَحْزَحْتَه، فتخاذلتْ أَجلادُه … وطَرحْتَه أَرضاً، فصَلَّ صَليلا

لِمَ لا يَلِينُ لك الحديدُ ولم تزَلْ … تتلو عليه وتقرأُ التَّنزِيلا؟

الأَزْمَة اشْتَدَّتْ ورانَ بلاؤُها … فاصدمْ بركنك ركنها ليميلا

شمشونُ أَنت، وقد رَستْ أَركانُها … فتَمشَّ في أَركانِها لِتَزولا

قلْ لي نصيرُ وأنت برٌّ صادقٌ … أحملتَ إنساناً عليك ثقيلا ؟

أحملتَ ديناً في حياتك مرَّة ً ؟ … أحملتَ يوماً في الضُّلوعِ غليلا ؟

أحملتَ ظلماً من قريبٍ غادرٍ … أو كاشحٍ بالأَمسِ كان خَليلا؟

أحملتَ منًّا من قريبٍ مكرَّراً … والليلِ، مِنْ مُسْدٍ إليك جَميلا؟

أحملتَ طغيانَ اللثيمِ إذا اغتنى … أَو نال مِنْ جاهِ الأُمورِ قليلا؟

أحملتَ في النادي الغبيَّ إذا التقى … من سامعيه الحمدَ والتّبجيلا ؟

تلك الحياة ُ، وهذه أَثقالُها … وزن الحديدُ بها فعاد ضئيلا