سما لكَ شوقٌ بعدما كان أقصر – امرؤ القيس

سما لكَ شوقٌ بعدما كان أقصر … وحلتْ سليمي بطن قو فعرعرا

كِنَانِيّة ٌ بَانَتْ وَفي الصَّدرِ وُدُّهَا … وَرِيحَ سَناً في حُقّة حِمْيَرِيّة ٍ

بعَيْنيَّ ظَعْنُ الحَيّ لمّا تَحَمّلُوا … لدى جانبِ الأفلاجِ من جنبِ تيمُرَا

فشَبّهتُهُم في الآل لمّا تَكَمّشُوا … حدائق دوم أو سفيناً مقيرا

أوِ المُكْرَاعاتِ من نَخيلِ ابنِ يامِنٍ … دوينَ الصفا اللائي يلينَ المشقرا

سوامقَ جبار أثيثٍ فروعه … وعالين قنواناً من البسر أحمرا

حمتهُ بنوا الربداء من آل يامن … بأسيافهم حتى أقر وأوقرا

وأرضى بني الربداءِ واعتمَّ زهوهُ … وأكمامُهُ حتى إذا ما تهصرا

أطَافَتْ بهِ جَيْلانُ عِنْدَ قِطَاعِهِ … تَرَدّدُ فيهِ العَينُ حَتى تَحَيّرَا

كأن دمى شغف على ظهر مرمر … كسا مزبد الساجوم وشياً مصورا

غَرَائِرُ في كِنٍّ وَصَوْنٍ وَنِعْمَة ٍ … يحلينَ يا قوتاً وشذراً مفقرا

وريح سناً في حقه حميرية … تُخَصّ بمَفرُوكٍ منَ المِسكِ أذْفَرَا

وباناً وألوياً من الهند داكياً … وَرَنْداً وَلُبْنى وَالكِبَاءَ المُقَتَّرَا

غلقن برهن من حبيب به ادعت … سليمى فأمسى حبلها قد تبترا

وَكانَ لهَا في سَالِفِ الدّهرِ خُلّة ٌ … يُسَارِقُ بالطَّرْفِ الخِبَاءَ المُسَتَّرَا

إذا نَالَ مِنْها نَظَرَة ً رِيعَ قَلْبُهُ … كما ذرعت كأس الصبوح المخمر

نِيافاً تَزِلُّ الطَّيْرُ قَذَفاته … تراشي الفؤاد الرخص ألا تخترا

أأسماءُ أمسى ودُها قد تغيرا … سَنُبدِلُ إنْ أبدَلتِ بالوُدِّ آخَرَا

تَذَكّرْتُ أهْلي الصّالحينَ وَقد أتَتْ … على خملى خوصُ الركابِ وأوجرا

فَلَمّا بَدَتْ حَوْرَانُ في الآلِ دونها … نظرتَ فلم تنظر بعينيك منظرا

تقطع أسبابُ اللبانة ِ والهوى … عَشِيّة َ جَاوَزْنَا حَمَاة ً وَشَيْزَرَا

بسير يضجّ العودُ منه يمنه … أخوا لجهدِ لا يلوى على من تعذّرا

ولَم يُنْسِني ما قَدْ لَقِيتُ ظَعَائِناً … وخملا لها كالقرّ يوماً مخدراً

كأثل من الأعراض من دون بيشة … وَدونِ الغُمَيرِ عامِدَاتٍ لِغَضْوَرَا

فدَعْ ذا وَسَلِّ الهمِّ عنكَ بجَسْرَة ٍ … ذَمُولٍ إذا صَامَ النَّهارُ وَهَجّرَا

تُقَطَّعُ غِيطَاناً كَأنّ مُتُونَهَا … إذا أظهرت تُكسي ملاءً منشرا

بَعِيدَة ُ بَينَ المَنْكِبَينِ كَأنّمَا … ترى عند مجرى الظفر هراً مشجراً

تُطاير ظرَّانَ الحصى بمناسم … صِلابِ العُجى مَلثومُها غيرُ أمعَرَا

كأنّ الحَصَى مِنْ خَلفِهَا وَأمامِهَا … إذا نجَلَته رِحلُها حَذْفُ أعسَرَا

كَأنّ صَلِيلَ المَرْوِ حِينَ تُشِذُّهُ … صليل زيوفٍ ينقدنَ بعبقرا

عليها فتى لم تحملِ الأرضُ مثله … أبر بميثاق وأوفى وأصيرا

هُوَ المُنْزِلُ الآلافَ من جَوّ ناعِطٍ … بَني أسَدٍ حَزْناً من الأرضِ أوْعرَا

وَلوْ شاءَ كانَ الغزْوُ من أرض حِميَرٍ … ولكنه عمداً إلى الروم أنفرا

بَكى صَاحِبي لمّا رأى الدَّرْبَ دُونه … وأيقنَ أنا لاحقانِ بقصيرا

فَقُلتُ لَهُ: لا تَبْكِ عَيْنُكَ إنّمَا … نحاوِلُ مُلْكاً أوْ نُموتَ فَنُعْذَرَا

وإني زعيمٌ إن رجعتُ مملكاً … بسيرٍ ترى منه الفرانقَ أزورا

على لاحبٍ لا يهتدي بمنارهِ … إذا سافه العودُ النباطي جرجرا

على كل مقصوص الذنابي معاوِد … بريد السرى بالليل من خيلِ بربرا

أقَبَّ كسِرْحان الغَضَا مُتَمَطِّرٍ … ترى الماءَ من أعطافهِ قد تحدرا

إذا زُعته من جانبيه كليهما … مشي الهيدبى في دفه ثم فرفرا

إذا قُلْتُ رَوِّحْنَا أرَنّ فُرَانِقٌ … على جعلدٍ واهي الاباجل أبترا

لقد أنكرتني بعلبك وأهلها … وجَوّاً فَرَوَّى نَخْلَ قيْسِ بْن شَمَّرَا

نَشيمُ بُرُوقَ المُزْنِ أينَ مَصَابُهُ … ولا شيء يشفي منك يا ابنة َ عفزرا

من القاصراتِ الطرف لو دب محولٍ … وَلا مِثْلَ يَوْمٍ في قَذَارَانَ ظَلْتُهُ

له الويل إن أمسى ولا أم هاشم … قريبٌ ولا البسباسة ُ ابنة يشكرا

أرى أمّ عمرو دمعها قد تحدرا … بُكَاءً على عَمرٍو وَمَا كان أصْبَرَا

إذا نحن سرنا خمسَ عشرة ليلة … وراء الحساءِ من مدافع قيصرا

إِذا قُلتُ هَذا صاحِبٌ قَد رَضيتُهُ … وَقَرَّت بِهِ العَينانِ بُدِّلتُ آخَرا

كَذَلِكَ جَدّي ما أُصاحِبُ صاحِباً … مِنَ الناسِ إِلّا خانَني وَتَغَيَّرا

وَكُنّا أُناساً قَبلَ غَزوَةِ قُرمُلٍ … وَرَثنا الغِنى وَالمَجدَ أَكبَرَ أَكبَرا

وما جبنت خيلي ولكن تذكرتْ … مرابطها في بربعيصَ وميسرا

ألا ربّ يوم صالح قد شهدتهُ … بتَاذِفَ ذاتِ التَّلِّ من فَوْق طَرْطرَا

ولا مثلَ يوم فق قُدار ان ظللتهُ … كأني وأصحابي على قرنِ أعفرا

ونشرُب حتى نحسب الخيل حولنا … نِقَاداً وَحتى نحسِبَ الجَونَ أشقَرَا