رفعتُ إلى وُدِّيك أبصارَ همَّتي – ابن الرومي

رفعتُ إلى وُدِّيك أبصارَ همَّتي … لترفع من قدري فهل أنت رافعُ

وإني وصدقُ المرءِ من خير قوله … لَراضٍ بحظِّي من ضميرك قانعُ

ومستيقنٌ أني لديك بربوة ٍ … لها شرف مما تُجِنُّ الأضالعُ

ولكنَّ بي من بعد ذلك حاجة ً … إلى أن يرى راءٍ ويسمعَ سامع

ليُكبَتَ أعدائي ويرغمَ حُسَّدي … ويَقْمعهم عن شِرَّة البغي قامع

فقد شكَّ في حالي لديك معاشر … وفي مثل حالي للشكوك مواضع

ولن يوقنَ الشُّكاك ما لم يقم لهم … على السِّر برهانٌ من الجهر ناصع

أأن قلتُ إني ما انتجعتُك مُجدباً … أبا أحمدٍ تُحميَ عليَّ المراتع

فلستُ غنيَّاً عنك ما ذرَّ شارقٌ … ولو سال بالرِّزق التِّلاعُ الدوافعُ

شهدتُ متى استغنيتُ عنك بأنَّني … غنيٌّ عن الماء الذي أنا جارعُ

فكيف الغنى عمن بمعروفه الغنى … وعمنْ بكفَّيه الغيوثُ الروابعُ

مديحي وإن نوهتُهُ لك مِبذَلٌ … وخدِّي وإن صعَّرتُه لك ضارع

لمثِلك يستبقي العفيفُ سؤاله … ويقنَى الحياءَ الحرُّ والرمح شارع

أتَعْلمني من مَدْحِ غيرك صائماً … صياماً له قِدْماً علا فِيَّ طابع

وحلأتُ نفسي عن شرائعَ جمة ٍ … لترويَني مما لديك الشرائع

وما كنتُ أخشى أن تخيب ذريعتي … لديك إذا خابت لديك الذرائع

فلا أكنِ المحرومَ منك نصيبَه … بلا أُسوة ٍ إني لذلك جازع

متى استبطأ العافون رِفدَك أم متى … تقاضاك أثمانَ المدائح بائع

وقد وعدتْ عنك الأماني مَواعدا … مَطَلْن بها والحادثاتُ فواجع

أُحاذر أن يرْمينيَ الدهرُ دونها … بحَتْفٍ وحاشاك الحتوف الصوارع

وإني لأرجو أن يكون مِطالُها … لتجنِيَني ما أثمرتْ وهو يانع

قَبولُك مَيلي وانقطاعي وخدمتي … قُصارِي ولكنْ للقضاء توابعُ

ومقصودُ ما يُبغَى من السيف مضربٌ … حسام إذا لاقى الضَّريبة قاطعُ

على أنه من بعد ذلك يُبتَغى … له رونقٌ يستأنق العينَ رائع

كذلك محضُ الودِّ منك فريضتي … ونافلتي فيك الجدا والمنافعُ

فكن عندما أمّلتُ منك فلم تكن … لتُخلفني منك البروقُ اللَّوامع

وعشْ أبداً في غبطة ٍ وسلامة … وأمنٍ إذا راعتْ سواك الروائع

فأنت لنا وادٍ خصيبٌ جنابهُ … وأنت لنا طودٌ من العزِّ فارع