راع قلبي مشيبُ رأس خليسِ – ابن الرومي

راع قلبي مشيبُ رأس خليسِ … راع جهلي والكَيْس بالتكييسِ

حالكٌ غيَّرته جُونٌ وعِيسٌ … فهو لونان بين جُون وعيسِ

والليالي وناسِخاتُ الليالي … تُوشكُ القَدْحَ في الصحيح المليسِ

كم صَليبٍ من الصفا آيستْهُ … عُقبُ الدهر أيما تأييس

لَمَسَتْني أكفُّهن فأبقتْ … أثراً لا يروق عَيني لميس

وكذاك الفتى بموقف موقو … فٍ على حادث الزمان حبيس

خائفٍ من مبارز وكمينٍ … وجِلٍ من مُجاهرٍ ودسيس

تَرْحاً للزمان من مُستأيسٍ … ولمن يرتجيه من مُستئِيس

كلما استدرجَ المؤمِّل فاغْتَرْ … رَ رماهُ بفيلق دَرْدَبيس

ثم يُدعَى جريحُه السالم الغا … نم إذا أخْطَأتْه حال الفَريس

بينما من يروده في مراعي الرْ … رُطب إذ صار في مراعي اليبيس

ثم يأتي مكان رأسٍ برجْلَي … نِ ضلالاً لذاك من تَرْئيس

كم له من بطانة لا يُعفى … صَرْفُهُ عارها سَجيسَ عَجيس

مُحْدثي رفعة ٍقَديمي سَفالٍ … غلّسُوا فيه أيَّما تَغْليس

سُئِّلوا كيف نَوْمَة التارِك المج … دَ فقالوا كَنوْمة التَّعريس

لابسي ملبسٍ من الجهل لا ين … فك عينَ الجديد غير اللبيس

أُبْهمَ القومُ غير شك وأُنِّس … تَ فعادوا فضيلة التأنيس

قلتُ دالية ً أعانتنيَ الجنْ … نُ عليها لا شك دون الأَنيس

مادحاً صاعداً بها وعلاءً … مُطنباً في الخسيس وابن الخسيس

فكأنِّي هَيَّاتُها لحماريْ … ن يَرُودان في خَلِيس الوديس

لم يُصيبَا في أمرها فأصيبَا … بعذابٍ من الإله بئيس

ظَلَمَاها فعوقبا بيد الله … فخرَّا من حالق مَرْمَريسِ

ويد الله تلك ناصر دين ال … لَّه ليثُ البِراز لا العِرِّيس

والشهابُ الذي تهاوَى فأهوَى … كل عِفْريتِ فتنة عِتْريس

من بني هاشم ومن آل عبَّا … س بَنى الله بيْتَه في الدَّخيس

يا لها حُلة ً نسيجة وَحْدٍ … لم يكن حَظُّها سوى التدنيس

يا لها حِيلة ً أُجيدت لشَمْطا … ءَ وأخرى مَبْنيَّة التَّقويس

صاعد وابنه وما للخسيسيْ … ن وللمدح بالكلام النفيس

لم يكن من حُلَى الخَبِيثَين لكن … من حُلى كل ماجد نِقْريس

وحُلى السادة الأكابر ليست … من حُلى الجاثليق والقِسيس

لاحَظَاها بغير عيني سُليما … نَ فلم يَصبُوا إلى بلقيس

حَسُنت كلها وطابت فسادتْ … في الضَّعيفَينِ سورة الخَنْدريس

وكذا الخندريس تُضْحي وتًمْسي … آفة َ العقل غير ذي التأسيس

ذاتُ طَعْمٍ ومنظرٍ ونَسيمٍ … وحُمَيا وهِزَّة ٍ ورَسيس

حُكْمها في العقولِ تذكية الأَقْ … وى ورمي الضعيف بالتَّهويس

لم يكن آفة ُ القصيدة ِ إلا … ذاك فاترك مقال ذي التلبيس

ظلمَ الشعرُ صاعداً وكذا كم … ظلمتْهُ الملوكُ بالتَفْريس

بل هو الظالم الذي ظل يرقى … راكباً مركباً من التدليس

يتعاطى الكبيرَ بعد صغير … لم يُطقْ حَمْله بأقصى النَّسيس

كاتبٌ ضاق باليراعة ذَرْعاً … فتعاطى القناة نزوَ السريس

واعْتزى كاذباً إلى آل كعب … وانتمى زِيُّه إلى باذَغيسِ

واستباح الأموال يُعمِلُ فِيهِنْ … نَ بلا مدفع ولا تنفيس

نفقات كادت تُفَلِّسُ بيت ال … مال أقصى نهاية ِ التفليس

وتولى وزارتين فأضحى ال … حقُّ غضبانَ ظاهر التعبيس

وبتدبيره عصى ابْن سجستا … نَ ومن قبلِه أخو تنِّيس

شؤم رأيٍ أتى على الشرق والغر … بِ من المدَّعي الدعيِّ النحيس

قالتْ الخيلُ للدعي دع المَعْ … و ولا تخلطنَّه بالغَسيس

لست من شكلنا وليس من الفا … ل عُطاسٌ يكون عن تعطيس

لم تضَع للتي تَكدَّس بالأَب … طال بل للحصاد والتكديسِ

خارَ أصحابُه لَدُنْ صَحِبُوهُ … فغدا اللِّيسُ منهم غير لِيس

وغدت ذِلة النصارى على المل … ك فأضحى أوزاعَ شِلوٍ نَهيس

عجباً من موفق الرأي ولَّى … كلبَ خَسٍّ مكان رئْبال خِيس

ومن النُّكر حَوكيَ المدحَ فيه … وهو أولى بالوطء والتضريس

لم يكن صاعدٌ مكاناً لمدحٍ … لا ولا موضعاً لقوْدِ خَميس

يا لتَفْضيله ومدحيَ فيه … وهو أهل الهجاء والتخسيس

كيف أعطاهُ غير حَقَّيه عدلٌ … لا يُعير النديمَ حق الجليس

كيف قلتُ الفصيح في فاحش العُجْ … مة ِ كالطَمْطَميَّ من بَدْليس

قال يوماً كنا بطوس فنادو … هُ ألا اخفض فقال كنا بطِيس

وإذا رام أن يفوه بقدّو … س أبَى مِرْنة ً سوى قديس

غلبت لكنة النصارى على في … ه فأعيت علاج بُقْراطيس

ربما أرتجته فارتج شدقا … هُ من العي كارتجاج القريس

ما أراني غَلِطْتُ في العبد بل قل … ت بتقليد سيدٍ بِرْعيس

ومن اختاره الأميرُ مدحنا … هُ وكان السعيدَ غير النحيس

ومن ازْورَّ عنه يوماً هجونا … هُ وكان النحيس عين النحيس

وَلَمَا غُولِط الأميرُ ومن أي … ن وما غَوْر دَهْيِه بمقيس

بل إخالُ الأمير جرّبَ والمر … ءُ يُحب التجريبَ للتجريس

كان كالمتلف البضاعة في المت … جر حتى استفاد كيْسا بكيس

ثم صال الأمير بالثعلب الحا … ئن صول المحقِّ لا الغِطريس

فكم انشق مدفنٌ عن دفينٍ … وكم انعقَّ مَكْبس عن كبيس

وثنَى بابنه السفيه المعنَّى … بأساطير أَرِسْطَاطاليس

والذي لم يُصخ بأذْنيه إلا … نحو ذو ثوريوسَ أو واليس

عاقداً طرفَه ببهرامَ أو كي … وانَ أو هِرمسٍ أو البرجيس

أو بشمس النهارِ والبدر والزُّه … رة ِ عند التثليث والتسديس

واجتماعاتهن في كل قيد … وافتراقاتهن عن كل قِيس

كي يروم القضاء قَسْراً وأولى … أن يُرام القضاء بالتخييس

يشْهد الله أنه كان نجلاً … ما تلقَّتْه لِقوة ٌ عن قبيسِ

سِلمُ عيٍّ محارباً كل شيءٍ … وافرٍ حظه من التقديس

دهَّرته جهالة ٌ نصَّرته … ثم عادت عليه بالتمجيس

لم يزل سادراً يسيرُ ويَسري … من هواه المضلِّ في إمْليس

وكذا صاعداً أبوه ألا بُع … داً لإبليسَ وابنه لاقيس

تركت آل مَخْلدٍ سخطة ُ ال … لَّه كطَسْم بحقِّهم وجَديس

هل ترى رائياً لهم من خيال … هل ترى سامعاً لهم من حَسيس

بَهَظُوا الأرض بالكنوز وقد أض … حَوا وما يملكون من هَلْبسيس

نازعوا النحل في جناها فحَالَتْ … حاصبات القَليس دون القليس

ها أنا المنذرُ المحذِّر من يظْ … لم شعراً من سُوقَة ٍ ورئيس

فَلَهُ ناصرٌ من الله إن جَا … دَ وإن لم يجُدْ فمن إبليس

لم يزل بين نكبة وهجاءٍ … ظالمُ الشعرِ في أَحرِّ وطيس

كالحاً في وثاقه الدائم الجِدْ … دَة أو عرضه اللبيس الدَّريس