راع العيون جمال هذا المنظر – جبران خليل جبران
راع العيون جمال هذا المنظر … لله درك من صباح مسفر
يفري الظلام ضياؤه وبوجهه … تجلى تباشير الغد المنتظر
هذي الحياة جديدة وجديرة … بفخار محدثها وإن لم يفخر
لك يا علي مآثر وطنية … كثرت ولكن منك لم تستكثر
أعظم بما تبغي وكل عظيمة … إن تبغها بالصدق لم تتعذر
لم تأل حين حدتك آمال العلى … ألا تجيب دعاء طيب العنصر
ما أحسن الأصل الزكي وقد نما … متجددا في فرعه المخضوضر
بين المغارس والمصانع لم يدع … برهان سبقك حجة لمقصر
ويزيد فضلك في التقدم ما به … من قدوة للقادر المتأخر
لم تستعن إلا بنفسك وهي وما … هي في الكفاية للمرام الأكبر
نفس لها أنصارها وحماتها … منها فإن تقدم بها لم تقهر
هي من نداها في رعاية أسرة … ومن العزائم في حياطة عسكر
إنا رأينا في رحابك آيتي … حزم وفير جنى وعزم مثمر
ضرب من الخلق الحريب بعثته … بعث الخصيب من الثرى إن يمطر
كم عاطل وجد السبيل لرزقه … فمشى إليه وليس بالمتعثر
كم باهل متحير في أمره … بهداك عاد وليس بالمتحير
كم جاهل حاك الرداء وزانه … بالوشي بين مرقم ومسطر
لم يبد من أثر لغلظة كفه … في صنعه من ساذج ومصور
أقوات هاتيك المئات كفلتها … بسماح معطاء وقصد مدبر
وسقيتها الماء القراح ولم يكن … في العيش ما نسقاه غير الأكدر
ألنيل يحمل للنبات غذاءه … فإذا صفا جاد الأنام بكوثر
هذا هو البر الصحيح بأمه … أخنى بها إهمالها من أدهر
وكما بنيت لو السراة بنوا لها … لنجت من المبتز والمستعمر
أمجد بطلعت حرب في زعمائها … وفؤاد سلطان فتاها العبقري
ألفرقدين تآلفا وتحالفا … وهداية لبصيرة المتنور
آثرت فيما مهداه وأحكما … سننا جديرا باختبار المؤثر
وحذوت حذوهما على قدر ومن … لب الصواب الجود بالمتيسر
فإليك مني يا علي قلادة … لو جسمت أزرت قلاد الجوهر
صورتها والفضل في إبداعها … لجمال فعلك لا لحسن تصوري
وأعدني بتحيتي لك مفصحا … عما يخامر فكركل مفكر