راجَعَ من بعد سلوة ٍ ذكرهص وواصَلَ الظبي بعدما هَجَرَهْ – ابن الرومي

راجَعَ من بعد سلوة ٍ ذكرهص وواصَلَ الظبي بعدما هَجَرَهْ … ظبيٌ دعا قلبَ هائمٍ كلفٍ

مؤتمِرٍ قلبُهُ بما أمره … يؤنِسُهُ حُسنهُ ويوحشهُ

قبحُ أفاعيلهِ إذا ذكره … مازال يدعوه من محاسنهِ

داعٍ إذا سوءُ فِعلِهِ زَجره … لا الوصلُ يصفو له وإن عزم ال

هِجرانَ غال النزاعُ مصطبره … يدنو فيُقصَى فإن نَأى أنفاً

بات يباري بكاؤهُ سَهره … ألقاه في حيرة ٍ محيرة ٍ

فما يرى وِردهُ ولا صَدَرَهْ … ظبيٌ وما الظبي بالشبيه به

في الحسن إلا استراقَه حَوره … وحسنَ أجياده وغُنَّتِهِ

ونفرة ً فيه مِن رُقَى الفَجَره … محاسنٌ كلهن مسترقٌ

منه وكلٌ رآه فاغتفره … سخّاه عن رُزءِ ذاك أنَّ له

حُسناً إذا قاسه به غمره … وكلُّ رزء فأنه جَلَلٌ

إذا المبقَّى لأهله كثَره … ياليت من عفوه لعاشقهِ

بل ذاك شيء عليه قد حظرهْ … يصفح عن لصّهِ جريمَته

وهْو لنعماه أكفرُ الكَفره … ولستُ أنفكُّ من معاتبة ٍ

بغير ذنب موازنٍ وبَره … يا عجباً من مُعذِّبي عجباً

عُجبي به ضِعفُهُ فقد هَدَره … سوَّغ مانِيل من حُلاه ولو

يسأله الصبُّ قُبلة ً نَهره … كما أجاع الوشاحَ حين تَردْ

دَاهُ وقد كظَّ مِئزراً وَزره … بالله يا إخوتي سألتُكُم

أليس مولاي أجْوَرُ الجَوَرة … أضحى وسيف العداء في يدهِ

عليَّ دون الأنام قد شَهره … إن عض خلخالهُ مُخلْخَلهُ

أو شفّ عقدُ الإزار مؤتَزره … أقبل ظُلماً عليّ يشتمني

كأنني كلُّ واترٍ وَتَره … وقد رأى شيبة ًفأنكرها

وتلك من فعله لو اعتبره … شَيّبَني من هواهُ ما نَهك ال

جسمَ فماذا ترونَهُ نَكِره … ألم ترعهُ محاسنٌ نَحلتْ

وراعه أن تنكَّرتْ شَعَره … أبصر بيضاء في القذالِ فلا

نَفْرٌ كنفرٍ رأيتُهُ نَفَره … أعجِبْ بمن يقتل الرجال وإن

لاحَ له شخص شيبة ٍ ذَعره … لا يظلمنِّي ولا سِنى ولا

يظلم خلاخيله ولا أُزره … فرُبّ شيب بعاشقٍ وبِلى ً

قد برَّأ الله منهما كِبَرهْ … ما شَيَّبت رأسهُ السنون ولا

أبلتهُ بل حَرُّ وجدهِ صَهره … ورب ضيقٍ بملبسٍ وهو السْ

سَابغ لكن قِرنَه قَهَره … قد أوسع الحِجْلُ والإزار لهُ

فزاد ما ضُمِّنا على الحَزَره … ومِنْ تَعدّيه أنه أبداً

يعتدُّ نفعاً لعبده ضرره … يعتدُّ ما يعمِد الشقي بهِ

نيلاً ولم يَعْدُ نفعُهُ بصره … فإن رأى في المنام هفوتهُ

غضّ من الطرف عنه أو شَزره … يعتدُّ إبداءهُ محاسنَهُ

نَيْلاً لحرَّان هَيَّجت حَسَره … إذا نهتْ عن هواه غلظتُهُ

دعا إليه برقة ِ البَشره … ولحْظِ عينين لو أدارهما

لفارسٍ في سلاحِهِ أسره … نِضْوَى سَقامٍ يقود ضعفُهما

له شدادَ القلوب مُقتَسره … من خُنْثِ جفْنيهما وغُنْجهما

تعلَّم السحرَ ماهرُ السَّحره … ومضْحكٍ واضحٍ به شَنبٌ

يعرف من شام برقَة ُ مطره … يضمن للعين طيب ريقتهِ

ثغرٌ يباري نقاؤهُ أشُره … ينعت لألاؤُهُ عذوبتَهُ

وليس يُخفى نسيمُه خَصره … لو ضاحك المَزْن عنه ضاحَكَهُ

عن برقه مُسبِلاً له دِرره … وصحنُ خدٍّ حريقُهُ ضَرِم

يقذف في القلب دائماً شرره … لا ماءَ إلا رضابُ صاحبِهِ

يطفىء عن قلب ناظِرٍ سُعرَه … أعاره الوردُ حسن صِبغته

بل صِبغة ُ الورد منه معتصره … وفاحمٍ واردٍ يقبَّل مَم

شاه إذا اختال مُسبِلاً عُذرَهْ … أقبل كالليل من مفارقِهِ

مُنحدراً لا تَذم منحدره … حتى تناهَى إلى مَواطئهِ

يلثِم من كل موْطىء ٍ عَفَره … كأنه عاشقٌ دنا شغفاً

حتى قضى من حبيبه وَطره … تغشَى غواشي قرونه قدماً

بيضاءَ للناظرين مقتدره … مثلَ الثريا إذا بدت سَحراً

بعد غمامٍ حاسرٍ حَسره … وجيدِ إبريقِ فضة ٍ دأبَ الصْ

صوَّاغُ حتى اصطفى له نُقَره … يتخذ الحَلى كالنميمة لاالزْ

زِينة من حسنه الذي جَهره … وحسنِ قدٍّ أجاد قادرُهُ

قدْراً فما مَدّه ولا قَصَره … عُدِّل حتى كأنه غُصنٌ

من خير ما أنجبتْ به شَجرهْ … يحمل ثديين خّفَّ ثِقلُهما

جداً فلا آده ولا اهْتَصره … محاسن الناس من محاسنه

منسوخة ٌ في الحسان مختصره … كأنما الله حين صَوّرهُ

خَيره دونَ خلقهِ صُوَره … أغيدُ لم يرتعِ الخَلاء ولا

خالط غِزلانَه ولا بقره … يكفيه رعي الخلاء أنَّ له

من كل قلبٍ مُمنَّعٍ ثَمَره … كم من شفيقٍ عليّ ظَلَّمَهُ

ولو رأى حسنَ وجهه عذره … وناصرٍ لي عليه لو هَتفتْ

به دواعيه مرة ً نصره … دعْ ذكره إنّ ذكره شعفٌ

وامنحْ من المدح سالماً غُررَه … الواحد الماجد الذي عدم ال

مِثْل فلم يلق ماجداً عشره … الوارث المجد كلّ أصيَد لا

يدفع تيجانه ولا سُرُره … القائل الفاعل الموارعَ لا

يشكو العلى بخله ولا حَصره … ذا المستقى الطيب القريب وذا ال

غور الذي لا تناله المَكَره … المانح السائل الرغائبَ وال

غائل مِسبارَ كلِّ من سَبره … ذا المِرة الشَّزْرِ والمتانة وال

عقدة ِ تحت السجية اليَسره … ذا اللين سائل به المَلاين والشْ

شِدّة سائل به من اعْتَسره … الآخذ الخطة الرضيّة والتْ

تارك ما الحظ فيه أن يذره … ذا الكرم العذب والمُناكرة المُرْ

رة إن هاج هائجٌ وغَرهْ … ما ذاق شهداً أجل ولا صَبِراً

من لم يذق شهده ولا صبرَه … الأسدَ المستعدَّ منذ دَرَى

أن الزُّبى للأسود محتَفره … العارض المستهلّ منذ رأى

أنّ العلى في الكرام مبتَدره … الراجح العفّ في كتابته

إذ في سواه نقيصة ٌ وشَره … يرى مكان البعيد من دغلِ ال

مُدغِل والمستسِرِّ في الحجره … أحاط علماً بكل خافية ٍ

كأنما الأرض في يديه كره … مَهْ. لا تَعُدَّن من ينابذهُ

له عُداة وعُدَّهم جَزره … كلا ولا طالبي فواضلهِ

له عفاة ً وعُدّهم نَفره … ورائمٍ رامه فقلت له

حاولت من لا تنال مفتخَره … طاولتَ من لا أراك مُنْتصفاً

باعُك من شبره إذا شَبره … أصْوَر نحو العلى ترى أبداً

إلى نواحي وجوهِها صَوَره … أزْورَ عن وجه كل فاحشة ٍ

لا يعدِم الفحشُ كله زَوَره … لو أعرض البحر دون مكرمة ٍ

وليس للبحر مَعْبر ضَبرَه … مظفَّرٌ بالتي يحاولها

لا يُعدِم الله سالماً ظَفره … فيه وقارٌ يكفُّ سَوْرته

وفيه حدٌّ يَعز منتصِره … شاورْه في الرأي إن أُثِرتَ ولا

يَرِمْك بالرأي إِنّه فَطَره … ذاك الذي قال فيه مادحهُ

مهما انتحى من رميَّة ٍ فقَره … سِرْ بهُدَى كوكبٍ هَداك به

ولا تَعرَّضْ لكوكبٍ كَدرَه … قد آمَنَ الله من يخاف من ال

فقر إذا جودُ سالمٍ خَفَره … يا رُبّ شاكٍ إليه خَلَّتَهُ

راح بجدواه يشتكي بطره … يسبق معروفُهُ العِدات وإن

قدّم وعداً حسبتَه نذره … لا يُعرض القوم عن ثناه ولا

يَمل سُمَّارُ ذكره سمره … من مُبْلغٌ صفوة َ الأمير أبي ال

عباس عن كل حامدٍ أثره … أن قد تولى الزمامَ صاحبهُ

بحكمة ٍ أحكمت له مِرَره … فقاد مستصعَبَ الأمور بهِ

لا خائفاً ضَعفَهُ ولا قَصره … ولَّيتَ لا مائلاً إلى دنسٍ

عمداً ولا عاثراً مع العَثرة … هو القويُّ الأمينُ فارْمِ بهِ

ما شئتَ من معضلٍ يكُن حجره … لا يشتكي الناسُ عنفهُ وكذا

لا تشتكي ضعفهُ ولا خوره … أجريتَهُ والكُفاة َ في طَلَق

فجاء لم تغشَ وجهه قَتره … تلوح فوق الجبين غرتُهُ

كأنها المشتري أو الزهَرة … وجاء أصحابُهُ وكلُهُمُ

قد كظَّهُ جَهدُهُ وقد بَهره … لم يلحقوا شأوهُ ولو فعلوا

أمكن أن يسبِق امرؤٌ قدَره … ولم يزل يسبق الرجالَ ولا

يشقُ ذو جُهدهم له غَبَره … حتى أقرُّوا وقال قائلُهُمْ

محرَّمُ الحول سابقٌ صَفرَهْ … واتخذوا الصدق زينة ً لهُمُ

كَرهاً على رغمهم وهمْ صَغره … وكان زيْناً لكل من نفر السْ

ؤددَ إقراره لمن نَفره … ومن أبي الصدق بعدما قُمر ال

فضل فمن كل جانب قُمره … أسخطَ حسادَهُ وأرغمهمْ

أنْ سار في الناس فارتضوْا سِيَره … يا حاسدي سالم أبي حسن

مجداً كساه قعالُهُ حِبرَه … إن يرتدِ الحمدَ سالمٌ رجلاً

فإنه قبل حُلمه ائْتزَره … مازال يُكساه قبل بُغيتهِ

إياه بل قبل خلقه بَدَره … مدَّخَراً في أبٍ له فأبٍ

كانت له الصالحات مدَّخره … ثم سعى بعد ذاك مكتسباً

للمجد حتى ارتداهُ واعْتجره … يا رُبّ عُرفٍ أتاه ما طلب ال

حمدَ بإتيانه ولا خَسِره … نوى بإسدائه رضا ملك

نفَّله الحمدَ بعدما أجَره … وتاجر البر لا يزال له

ربحان في كل مَتْجر تَجَره … أجر وحمد وإنما قصد ال

أجَر ولكن كلاهما اعْتَوره … كصاحب البذر لا يريد به

شيئاً سوى رَيْعه إذا بَذَره … وهْو إذا لُقِّيَ السلامة لا

يعدَم لا رَيعه ولا خَضِره … كم سرَّني حين ساءني زمنٌ

كم برّني حين عَقَّني البررة … يا سالم الخير يا أبا حسنٍ

يا من وجدنا كوجهه خَبره … يا حسن الوجه والشمائل إن

ردَّد فيه مرِّدِّدٌ نظره … يا حسن الهدْي والخلائق إن

كرَّر فيه مُكرر فِكرَه … ماذا على من يراك في بلدٍ

أنْ لا يرى شمسه ولا قمره … وما على من يراك في زمنٍ

أن لا يرى نوْره ولا زَهره … أنت السراج المنير والكلأ ال

مُمرع حَفَّت رياضُه غُدَره … لكل قومٍ يُعدُّ مجدُهُمُ

آصال مجدٍ سَهمتهم بُكره … لاتحمدنّي فما جرى قلمي

إلا بأشياءَ منك مختَبره … ما زدت فيما وصفتُ منك على

ما حصَّلتْهُ صحائفُ البرره … لم أبتدع في ثنائك الحسن ال

منشَر بل كنتُ بعض من نَشره … لكنني أنظم الثناء إذا

مُثني ثناءٍ على امرىء ٍ نثره … وما لمُثنٍ على أخي كرمٍ

حمدٌ ولكنه لمن فَطره … كم فيك من مِدحة ٍ تظل على

ألسنة المنشدين مُعتَوره … واسعدْ ببيت بنيتَه أفِدٍ

أُسِّس بنيانُهُ على الخِيَره … أُيِّد بالساج والحديد ولم

يوهَن بآجُرّة ٍ ولا مَدَره … بناءُ حزمٍ أبَى لصاحبه

في كل أمرٍ ركوبَهُ غَرَره … لايعرف الوهيَ والسقوط ولا

يخذُل ألواحُ ساجه دُسُره … وخسيرُ بيت بنيتَ مشتبِهٌ

وَفْقٌ ترى مثل سقفه جُدَرَهْ … أسمرُ ما شاب لونَه برص ال

جَصٍّ ولا مس جلدُهُ وضَرَه … هَندسَه رأيك المبرِّز في ال

فضل وأعطته حقَّه النّجره … وعُلَّ من بعد ذاك بالذهب ال

أحمر فاختال لابساً شُهَره … أهدى لك الدهرُ فيه حبْرته

ولا أرى ناظراً به عِبره … تَعمرُهُ بالنعيم والنِّعم السْ

سُبَّغ ملبوسة ً ومنتظره … قريرَ عينٍ قرين مَغْبطة ٍ

تفتضٌّ من كل مَنعمٍ عُذَره … يُسمعكَ الشدوَ في جوانبهِ

مُناغياتُ البُمُوم والزِّيره … في كل يومٍ تراه بُكرتَهُ

وكل ليلٍ تخالُه سَحَره … كلاهما لا يزال قاطعُهُ

يدعو بسقيَاه كلَّ ما ادَّكره … زلاّل بَرٍ يظلّ يسكنه

بحر بحورٍ يُهلُّ من عِبره … بل بيت بِر تظل كعبتهُ

محجوجة ً للنوال معتَمرَه … تغشاك فيه عُفاة نائلك ال

غَمر فيمتار مُنفِضٌ مِيَرَه … لا الجار يستبطىء الجوار ولا

يلعن من جاء نازعاً سَفرَه … كعادة ٍ لم تزل لكل أب

يَنميكَ تغشى عُفاتُه حُجَره … لا يشتري المال بالثناء ولا

تظل تُفدي صِرارُه بِدره … يجوز معروفه الغِنى ومُنَى الْن

نفس ويلقاك مُلقياً عُذرَهْ … أهدى لك المدح فيه خادمك السْ

سابق من أهل بَيْعة ِ السَّمُرَهْ … أولُ كُتّابك افتتحتَ به

أمرك ثم ارتضيت مختبرَه … أهدى بُنيَّاتِ نفسه ولو اس

طاع لأهدى مكانها عُمُرَهَ … لا أوحش المجدُ يا بني عمر

منكم فأنتمُ أجَلُّ من عَمَرَهْ … وعشتم في لَبوسِ عافية ٍ

يقاتل الدهرُ عنكُمُ غِيَرَهْ … دونَكها حُلة ً محبرة ً

تَطرِف من كل حاسد بصره … زينة ُ فخرٍ إذا تَلَبَّسها

سيدُ قوم لفاخرٍ فخَره … جُنّة حِرْزٍ إذا تدرَّعها

لقائلِ الهُجْر نَهْنَهَتْ ظُفُرَه … قصيرة ُ البيتِ وهي سابغة ٌ

على هوى السامعين مُقتَدِره نم راجَعَ من بعد سلوة ٍ ذِكَرَهْ … وواصَلَ الظبي بعدما هَجَرَهْ

ظبيٌ دعا قلبَ هائمٍ كلفٍ … مؤتمِرٍ قلبُهُ بما أمره

يؤنِسُهُ حُسنهُ ويوحشهُ … قبحُ أفاعيلهِ إذا ذكره

مازال يدعوه من محاسنهِ … داعٍ إذا سوءُ فِعلِهِ زَجره

لا الوصلُ يصفو له وإن عزم ال … هِجرانَ غال النزاعُ مصطبره

يدنو فيُقصَى فإن نَأى أنفاً … بات يباري بكاؤهُ سَهره

ألقاه في حيرة ٍ محيرة ٍ … فما يرى وِردهُ ولا صَدَرَهْ

ظبيٌ وما الظبي بالشبيه به … في الحسن إلا استراقَه حَوره

وحسنَ أجياده وغُنَّتِهِ … ونفرة ً فيه مِن رُقَى الفَجَره

محاسنٌ كلهن مسترقٌ … منه وكلٌ رآه فاغتفره

سخّاه عن رُزءِ ذاك أنَّ له … حُسناً إذا قاسه به غمره

وكلُّ رزء فأنه جَلَلٌ … إذا المبقَّى لأهله كثَره

ياليت من عفوه لعاشقهِ … بل ذاك شيء عليه قد حظرهْ

يصفح عن لصّهِ جريمَته … وهْو لنعماه أكفرُ الكَفره

ولستُ أنفكُّ من معاتبة ٍ … بغير ذنب موازنٍ وبَره

يا عجباً من مُعذِّبي عجباً … عُجبي به ضِعفُهُ فقد هَدَره

سوَّغ مانِيل من حُلاه ولو … يسأله الصبُّ قُبلة ً نَهره

كما أجاع الوشاحَ حين تَردْ … دَاهُ وقد كظَّ مِئزراً وَزره

بالله يا إخوتي سألتُكُم … أليس مولاي أجْوَرُ الجَوَرة

أضحى وسيف العداء في يدهِ … عليَّ دون الأنام قد شَهره

إن عض خلخالهُ مُخلْخَلهُ … أو شفّ عقدُ الإزار مؤتَزره

أقبل ظُلماً عليّ يشتمني … كأنني كلُّ واترٍ وَتَره

وقد رأى شيبة ًفأنكرها … وتلك من فعله لو اعتبره

شَيّبَني من هواهُ ما نَهك ال … جسمَ فماذا ترونَهُ نَكِره

ألم ترعهُ محاسنٌ نَحلتْ … وراعه أن تنكَّرتْ شَعَره

أبصر بيضاء في القذالِ فلا … نَفْرٌ كنفرٍ رأيتُهُ نَفَره

أعجِبْ بمن يقتل الرجال وإن … لاحَ له شخص شيبة ٍ ذَعره

لا يظلمنِّي ولا سِنى ولا … يظلم خلاخيله ولا أُزره

فرُبّ شيب بعاشقٍ وبِلى ً … قد برَّأ الله منهما كِبَرهْ

ما شَيَّبت رأسهُ السنون ولا … أبلتهُ بل حَرُّ وجدهِ صَهره

ورب ضيقٍ بملبسٍ وهو السْ … سَابغ لكن قِرنَه قَهَره

قد أوسع الحِجْلُ والإزار لهُ … فزاد ما ضُمِّنا على الحَزَره

ومِنْ تَعدّيه أنه أبداً … يعتدُّ نفعاً لعبده ضرره

يعتدُّ ما يعمِد الشقي بهِ … نيلاً ولم يَعْدُ نفعُهُ بصره

فإن رأى في المنام هفوتهُ … غضّ من الطرف عنه أو شَزره

يعتدُّ إبداءهُ محاسنَهُ … نَيْلاً لحرَّان هَيَّجت حَسَره

إذا نهتْ عن هواه غلظتُهُ … دعا إليه برقة ِ البَشره

ولحْظِ عينين لو أدارهما … لفارسٍ في سلاحِهِ أسره

نِضْوَى سَقامٍ يقود ضعفُهما … له شدادَ القلوب مُقتَسره

من خُنْثِ جفْنيهما وغُنْجهما … تعلَّم السحرَ ماهرُ السَّحره

ومضْحكٍ واضحٍ به شَنبٌ … يعرف من شام برقَة ُ مطره

يضمن للعين طيب ريقتهِ … ثغرٌ يباري نقاؤهُ أشُره

ينعت لألاؤُهُ عذوبتَهُ … وليس يُخفى نسيمُه خَصره

لو ضاحك المَزْن عنه ضاحَكَهُ … عن برقه مُسبِلاً له دِرره

وصحنُ خدٍّ حريقُهُ ضَرِم … يقذف في القلب دائماً شرره

لا ماءَ إلا رضابُ صاحبِهِ … يطفىء عن قلب ناظِرٍ سُعرَه

أعاره الوردُ حسن صِبغته … بل صِبغة ُ الورد منه معتصره

وفاحمٍ واردٍ يقبَّل مَم … شاه إذا اختال مُسبِلاً عُذرَهْ

أقبل كالليل من مفارقِهِ … مُنحدراً لا تَذم منحدره

حتى تناهَى إلى مَواطئهِ … يلثِم من كل موْطىء ٍ عَفَره

كأنه عاشقٌ دنا شغفاً … حتى قضى من حبيبه وَطره

تغشَى غواشي قرونه قدماً … بيضاءَ للناظرين مقتدره

مثلَ الثريا إذا بدت سَحراً … بعد غمامٍ حاسرٍ حَسره

وجيدِ إبريقِ فضة ٍ دأبَ الصْ … صوَّاغُ حتى اصطفى له نُقَره

يتخذ الحَلى كالنميمة لاالزْ … زِينة من حسنه الذي جَهره

وحسنِ قدٍّ أجاد قادرُهُ … قدْراً فما مَدّه ولا قَصَره

عُدِّل حتى كأنه غُصنٌ … من خير ما أنجبتْ به شَجرهْ

يحمل ثديين خّفَّ ثِقلُهما … جداً فلا آده ولا اهْتَصره

محاسن الناس من محاسنه … منسوخة ٌ في الحسان مختصره

كأنما الله حين صَوّرهُ … خَيره دونَ خلقهِ صُوَره

أغيدُ لم يرتعِ الخَلاء ولا … خالط غِزلانَه ولا بقره

يكفيه رعي الخلاء أنَّ له … من كل قلبٍ مُمنَّعٍ ثَمَره

كم من شفيقٍ عليّ ظَلَّمَهُ … ولو رأى حسنَ وجهه عذره

وناصرٍ لي عليه لو هَتفتْ … به دواعيه مرة ً نصره

دعْ ذكره إنّ ذكره شعفٌ … وامنحْ من المدح سالماً غُررَه

الواحد الماجد الذي عدم ال … مِثْل فلم يلق ماجداً عشره

الوارث المجد كلّ أصيَد لا … يدفع تيجانه ولا سُرُره

القائل الفاعل الموارعَ لا … يشكو العلى بخله ولا حَصره

ذا المستقى الطيب القريب وذا ال … غور الذي لا تناله المَكَره

المانح السائل الرغائبَ وال … غائل مِسبارَ كلِّ من سَبره

ذا المِرة الشَّزْرِ والمتانة وال … عقدة ِ تحت السجية اليَسره

ذا اللين سائل به المَلاين والشْ … شِدّة سائل به من اعْتَسره

الآخذ الخطة الرضيّة والتْ … تارك ما الحظ فيه أن يذره

ذا الكرم العذب والمُناكرة المُرْ … رة إن هاج هائجٌ وغَرهْ

ما ذاق شهداً أجل ولا صَبِراً … من لم يذق شهده ولا صبرَه

الأسدَ المستعدَّ منذ دَرَى … أن الزُّبى للأسود محتَفره

العارض المستهلّ منذ رأى … أنّ العلى في الكرام مبتَدره

الراجح العفّ في كتابته … إذ في سواه نقيصة ٌ وشَره

يرى مكان البعيد من دغلِ ال … مُدغِل والمستسِرِّ في الحجره

أحاط علماً بكل خافية ٍ … كأنما الأرض في يديه كره

مَهْ. لا تَعُدَّن من ينابذهُ … له عُداة وعُدَّهم جَزره

كلا ولا طالبي فواضلهِ … له عفاة ً وعُدّهم نَفره

ورائمٍ رامه فقلت له … حاولت من لا تنال مفتخَره

طاولتَ من لا أراك مُنْتصفاً … باعُك من شبره إذا شَبره

أصْوَر نحو العلى ترى أبداً … إلى نواحي وجوهِها صَوَره

أزْورَ عن وجه كل فاحشة ٍ … لا يعدِم الفحشُ كله زَوَره

لو أعرض البحر دون مكرمة ٍ … وليس للبحر مَعْبر ضَبرَه

مظفَّرٌ بالتي يحاولها … لا يُعدِم الله سالماً ظَفره

فيه وقارٌ يكفُّ سَوْرته … وفيه حدٌّ يَعز منتصِره

شاورْه في الرأي إن أُثِرتَ ولا … يَرِمْك بالرأي إِنّه فَطَره

ذاك الذي قال فيه مادحهُ … مهما انتحى من رميَّة ٍ فقَره

سِرْ بهُدَى كوكبٍ هَداك به … ولا تَعرَّضْ لكوكبٍ كَدرَه

قد آمَنَ الله من يخاف من ال … فقر إذا جودُ سالمٍ خَفَره

يا رُبّ شاكٍ إليه خَلَّتَهُ … راح بجدواه يشتكي بطره

يسبق معروفُهُ العِدات وإن … قدّم وعداً حسبتَه نذره

لا يُعرض القوم عن ثناه ولا … يَمل سُمَّارُ ذكره سمره

من مُبْلغٌ صفوة َ الأمير أبي ال … عباس عن كل حامدٍ أثره

أن قد تولى الزمامَ صاحبهُ … بحكمة ٍ أحكمت له مِرَره

فقاد مستصعَبَ الأمور بهِ … لا خائفاً ضَعفَهُ ولا قَصره

ولَّيتَ لا مائلاً إلى دنسٍ … عمداً ولا عاثراً مع العَثرة

هو القويُّ الأمينُ فارْمِ بهِ … ما شئتَ من معضلٍ يكُن حجره

لا يشتكي الناسُ عنفهُ وكذا … لا تشتكي ضعفهُ ولا خوره

أجريتَهُ والكُفاة َ في طَلَق … فجاء لم تغشَ وجهه قَتره

تلوح فوق الجبين غرتُهُ … كأنها المشتري أو الزهَرة

وجاء أصحابُهُ وكلُهُمُ … قد كظَّهُ جَهدُهُ وقد بَهره

لم يلحقوا شأوهُ ولو فعلوا … أمكن أن يسبِق امرؤٌ قدَره

ولم يزل يسبق الرجالَ ولا … يشقُ ذو جُهدهم له غَبَره

حتى أقرُّوا وقال قائلُهُمْ … محرَّمُ الحول سابقٌ صَفرَهْ

واتخذوا الصدق زينة ً لهُمُ … كَرهاً على رغمهم وهمْ صَغره

وكان زيْناً لكل من نفر السْ … ؤددَ إقراره لمن نَفره

ومن أبا الصدق بعدما قُمر ال … فضل فمن كل جانب قُمره

أسخطَ حسادَهُ وأرغمهمْ … أنْ سار في الناس فارتضوْا سِيَره

يا حاسدي سالم أبي حسن … مجداً كساه قعالُهُ حِبرَه

إن يرتدِ الحمدَ سالمٌ رجلاً … فإنه قبل حُلمه ائْتزَره

مازال يُكساه قبل بُغيتهِ … إياه بل قبل خلقه بَدَره

مدَّخَراً في أبٍ له فأبٍ … كانت له الصالحات مدَّخره

ثم سعى بعد ذاك مكتسباً … للمجد حتى ارتداهُ واعْتجره

يا رُبّ عُرفٍ أتاه ما طلب ال … حمدَ بإتيانه ولا خَسِره

نوى بإسدائه رضا ملك … نفَّله الحمدَ بعدما أجَره

وتاجر البر لا يزال له … ربحان في كل مَتْجر تَجَره

أجر وحمد وإنما قصد ال … أجَر ولكن كلاهما اعْتَوره

كصاحب البذر لا يريد به … شيئاً سوى رَيْعه إذا بَذَره

وهْو إذا لُقِّيَ السلامة لا … يعدَم لا رَيعه ولا خَضِره

كم سرَّني حين ساءني زمنٌ … كم برّني حين عَقَّني البررة

يا سالم الخير يا أبا حسنٍ … يا من وجدنا كوجهه خَبره

يا حسن الوجه والشمائل إن … ردَّد فيه مرِّدِّدٌ نظره

يا حسن الهدْي والخلائق إن … كرَّر فيه مُكرر فِكرَه

ماذا على من يراك في بلدٍ … أنْ لا يرى شمسه ولا قمره

وما على من يراك في زمنٍ … أن لا يرى نوْره ولا زَهره

أنت السراج المنير والكلأ ال … مُمرع حَفَّت رياضُه غُدَره

لكل قومٍ يُعدُّ مجدُهُمُ … آصال مجدٍ سَهمتهم بُكره

لاتحمدنّي فما جرى قلمي … إلا بأشياءَ منك مختَبره

ما زدت فيما وصفتُ منك على … ما حصَّلتْهُ صحائفُ البرره

لم أبتدع في ثنائك الحسن ال … منشَر بل كنتُ بعض من نَشره

لكنني أنظم الثناء إذا … مُثني ثناءٍ على امرىء ٍ نثره

وما لمُثنٍ على أخي كرمٍ … حمدٌ ولكنه لمن فَطره

كم فيك من مِدحة ٍ تظل على … ألسنة المنشدين مُعتَوره

واسعدْ ببيت بنيتَه أفِدٍ … أُسِّس بنيانُهُ على الخِيَره

أُيِّد بالساج والحديد ولم … يوهَن بآجُرّة ٍ ولا مَدَره

بناءُ حزمٍ أبَى لصاحبه … في كل أمرٍ ركوبَهُ غَرَره

لايعرف الوهيَ والسقوط ولا … يخذُل ألواحُ ساجه دُسُره

وخسيرُ بيت بنيتَ مشتبِهٌ … وَفْقٌ ترى مثل سقفه جُدَرَهْ

أسمرُ ما شاب لونَه برص ال … جَصٍّ ولا مس جلدُهُ وضَرَه

هَندسَه رأيك المبرِّز في ال … فضل وأعطته حقَّه النّجره

وعُلَّ من بعد ذاك بالذهب ال … أحمر فاختال لابساً شُهَره

أهدى لك الدهرُ فيه حبْرته … ولا أرى ناظراً به عِبره

تَعمرُهُ بالنعيم والنِّعم السْ … سُبَّغ ملبوسة ً ومنتظره

قريرَ عينٍ قرين مَغْبطة ٍ … تفتضٌّ من كل مَنعمٍ عُذَره

يُسمعكَ الشدوَ في جوانبهِ … مُناغياتُ البُمُوم والزِّيره

في كل يومٍ تراه بُكرتَهُ … وكل ليلٍ تخالُه سَحَره

كلاهما لا يزال قاطعُهُ … يدعو بسقيَاه كلَّ ما ادَّكره

زلاّل بَرٍ يظلّ يسكنه … بحر بحورٍ يُهلُّ من عِبره

بل بيت بِر تظل كعبتهُ … محجوجة ً للنوال معتَمرَه

تغشاك فيه عُفاة نائلك ال … غَمر فيمتار مُنفِضٌ مِيَرَه

لا الجار يستبطىء الجوار ولا … يلعن من جاء نازعاً سَفرَه

كعادة ٍ لم تزل لكل أب … يَنميكَ تغشى عُفاتُه حُجَره

لا يشتري المال بالثناء ولا … تظل تُفدي صِرارُه بِدره

يجوز معروفه الغِنى ومُنَى الْن … نفس ويلقاك مُلقياً عُذرَهْ

أهدى لك المدح فيه خادمك السْ … سابق من أهل بَيْعة ِ السَّمُرَهْ

أولُ كُتّابك افتتحتَ به … أمرك ثم ارتضيت مختبرَه

أهدى بُنيَّاتِ نفسه ولو اس … طاع لأهدى مكانها عُمُرَهَ

لا أوحش المجدُ يا بني عمر … منكم فأنتمُ أجَلُّ من عَمَرَهْ

وعشتم في لَبوسِ عافية ٍ … يقاتل الدهرُ عنكُمُ غِيَرَهْ

دونَكها حُلة ً محبرة ً … تَطرِف من كل حاسد بصره

زينة ُ فخرٍ إذا تَلَبَّسها … سيدُ قوم لفاخرٍ فخَره

جُنّة حِرْزٍ إذا تدرَّعها … لقائلِ الهُجْر نَهْنَهَتْ ظُفُرَه

قصيرة ُ البيتِ وهي سابغة ٌ … على هوى السامعين مُقتَدِرهه

كَيَوْمِك الأريَحي قصّره … ربك في عمرك الذي وَفَره

طالت فألوى بطولها كرمٌ … فيك جسيم فقيل مُختصره

ولو علت لابساً سواك من النْ … نَاس لطالت وبينت قِصرَه