ذَكراني عَهْدَ الصبا بسعاد – عبدالغفار الأخرس

ذَكراني عَهْدَ الصبا بسعاد … وخَوافي الجَوى عليَّ بَوادي

ورَواحي مع الهوى وغدوّي … لا عَداها يوماً مصبُّ الغوادي

وبياض المشيب سوَّدَ حظي … عندَ بيض المها سوادَ المداد

يا ابن ودّي وللموَّدة حقُّ … فاقضِ إنْ شئتَ لي حقوق الوداد

وأعِد لي ما كان من برحاء … كنتُ منها في طاعة وانقياد

يومَ حانَ الوداع من آل ميّ … فأرانا تفتُّتَ الأكباد

تركوا عَبرتي تصوب ووجدي … في هياجٍ ومهجتي في اتّقاد

هلْ علمْتُمْ في بينكم أنَّ عيني … لم تذق بعدكم لذيذ الرقاد

لا أذوق الكرى ولا أطعمُ الغمـ … ـض ولا تَنثني لطيفٍ وسادي

واللّيالي التي تَمَرُّ وتمضي … ألَّفَتْ بين مُقلتي والسُّهاد

كلّ يوم أرى اصطباري عنكم … في انتقاص ولوعتي في ازدياد

قد أخذتم مني الفؤاد فردّوا … في تَدانيكم عَليَّ فؤادي

وأعيدوا ما كان منّا ومنكم … وليكنْ ما جرى على المعتاد

أينَ عهدي بهم فقد طال عهدي … فسقي عهدهم بصوب عهاد

فمرضي في هواك زدني سقاماً … فَلَعلّي أراك في عوّادي

فدموعي على هواك غزلرٌ … وفؤادي إلى رضابك صادي

يا عذولاً يظُّنُّ أنَّ صلاحي … في سلوِّي وذاك عينُ فسادي

أنا فيما أراه عنكَ بوادٍ … في هيامي وأنت عنّي بواد

إنّما أعينُ الظّباء وما يجـ … ـهل منها مصارع الآساد

ما أراني من القوام المفدّى … ما أراني من القنا الميّاد

ولحاظٍ كأنَّهنَّ بقلبي … مرهفات سلَّت ممن الأغماد

أيُّ قلب عذَّبته بصدودٍ … ودُنُوٍّ نَغَّصَته ببعاد

لم يفدني تطلُّبي من ثمادٍ … أبتغيه ورقة ٍ من جَماد

ما لحظي من اغترابي وما لي … مُولعٌ بالإتهام والإنجاد

ويد البين طالما قذفتني … غُرَّة ً في دكادك ووهاد

وتَقَلَّبْتُ في البلاد وماذا … أبتَغي من تَقَلُّبي في البلاد

ليتَ شعري وليتني كنتُ أدري … ما مرامي من النوى ومرادي؟

وببغدادَ من أحاولُ فيها … أشْرَفُ الحاضرين في بغداد

وهو عبد الرحمن نجلُ عليٍّ … علويُّ الآباء والأجداد

ألتّقي النقّي قولاً وفعلاً … والكريمُ الجواد وابنُ الجواد

رفعَ الله ذكره في المعالي … من عليِّ العلى رفبع العماد

شَرفٌ باذخ ورفعة ُ ذكر … رغمت عندها أنوفُ الأعادي

هكذا هكذا المكارم تروى … والمزايا من طارف وتلاد

ساد بالعلم والتفى سيّد النا … س فخاراً للسّادة الأمجاد

يَقتَني المال للنّوال وإنْ كا … ن لَعَمري فيه من الزهاد

شرح الله صدره فأرانا … في سواد الخطوب بيض الأيادي

كم روتنا الرُّواة عنه حديثاً … صَحَّ عندي بصحَّة الإسناد

وأعَدْتُ الحديثَ عنه فقالوا … ما أحيلى هذا الحديث المعاد

فَيُريني حلاوة الجود جوداً … وأريه حَلاوة َ الإنشاد

علم الله أنَّه في حجاهُ … مفردُ العصر واحدُ الآحاد

صَيْرَفيّ الكلام لفظاً ومعنى ً … من بصير بذوقهِ نقَّاد

يعرف الفضل أهْلَه وذَووه … وامتياز الأضداد بالأضداد

إن تغابت عنه أناسٌ لأمر … أو عَمَتْ عنه أعينُ الحسّاد

فكذاك البياض وهو نقيٌّ … مبتلى في نقائه بالسواد

يابني الغوث والرجوع إليكم … حينَ تعدو من الخطوب العوادي

يكشف الله فيكم الضُرَّ عنا … وبكمْ نَقْتَفي سَبيلَ الرشاد

كيف لا نستمد من روح قوم … شُفَعَاءٍ لنا بيوم المعاد

ورضي الله عنهم ورضوا عنه … خيار العباد بين العباد

فولائي لهم وخالص حبّي … هو ديني ومذهبي واعتقادي

فعلى ذلك الجناب اعتمادي … وإلى ذلك الجناب استنادي

فضلكم يشمل العفاة جميعاً … ونداكم للصّادر الوارّد

إن الله فيكم كنز علمٍ … ما له ما بقيتم من نفاد

إنْ حدا هذه القصائد حادٍ … فلها من جميل فعلك حادي

وعليكم تملي القوافي ثناءً … عطراتِ الأنفاس في كلّ ناد

وإذا ما أردْتُ مدحَ سواكم … فكأني اخترطت شوك القتاد

ربحت فيكم تجارة شعري … لارماها في غيركم بالكاد

أنا في شكركم أروح وأغدو … فأنا الرائحُ الشكورُ الغادي