دَعَتِ الهمومَ إلى شغافِ فُؤادي، – أبو نواس
دَعَتِ الهمومَ إلى شغافِ فُؤادي، … وحمتْ جوانبَ مُقْلَتَيَّ رُقادي
وُرْقٌ بتفجقة ٍ تنوحُ أليـفـَـــــهـــا … غَلَسَ الدُّجُنَّة ِ في ذُرَى الأعــوادِ
ولقد أُزيحُ الهَمَّ حينَ ينوبُني، … والشّوْقُ يقْدَحُ في الْحَشا بزِنادِ
بمُدامة ٍ ورثَ الزّمانُ لُبابَها، … عنْ ذي الأوائلِ من أكابر عادِ
زادتْ على طولِ التقادُمِ عِـزّة ً ، … ودعتْ لآخرِ عهْدِها بنَفَادِ
حتى تَطَّلّعَها الزّمانُ ، وقد فَرَتْ … حُجُبَ الدّنانِ بناضرٍ حــدّادِ
فكأنّما صَبَغَ التقادُمُ ثوْبَها، … والكأسُ في عرْسِ الْمُدام، بجادِ
تسْعَى إليّ بكأسِها كرْخيّة ً، … يختصّها نَدْمــانُهــا بــوَدادِ
ناطَتْ بعاتِقِها الوِشاحَ؛ كما ترى … بطَلاً يُحاوِلُ نجدة ً بنِجادِ
فَرَأتْ عقودُ الرّاحِ دُرَّ وشاحِها، … فحكيْنَهُنَّ، وهُنّ غيرُ جَمــادِ
فتلألأ النّورَانِ نورٌ ساطِعٌ، … ومنظّمٌ أرِجٌ على الأجْيادِ
و مُرِنّة ٍ جمعتْ إلى نُدَمــائِها … بِدَعَ السّرُورِ يقُدْنَ كلّ مقــادِ
لمّا تَغَنَّتْ ، والسّرورُ يحثّهـا: … رَحَلَ الخليطُ جِمالَهمْ بسوادِ