دهر يُشبِّعُ سبتَه أحدُهُ – ابن الرومي
دهر يُشبِّعُ سبتَه أحدُهُ … متتابعُ ما ينقضي أمدُهْ
والحالُ من سعدٍ يساعدنا … طوراً ونحسٍ مُعقب نكدُهْ
يومٌ يبكِّينا وآونة ً … يومٌ يُبكينا عليهِ غدُهْ
نبكي على زمنٍ ومن زمنٍ … فبكاؤنا موصولة ٌ مُددهْ
ونرى مكارهنا مُخلَّدة ً … والعمرُ يذهب فانياً عددُهْ
أفلا سبيل إلى تَبَحبُحِنا … في سرمدٍ لا ينقضي أبدُهْ
سَكرى شبابٍ لا يعاقبه … هرمٌ وعيشٌ دائم رَغدُه
لا خيرَ في عيشٍ تخوّنُنا … أوقاته وتغولنا مُدده
يُعطي الفتى الأيام يُنفقها … وقِصاصها أن يُقترَى جَلَدُه
من أُقرضَ الأوقاتَ أتلفها … وقضى جميعَ قروضها جَسَدُه
حتى يغيب في مُطَمَطَمة ٍ … لا أهلُه فيها ولا ولَدُه
وأُجَلُّ ذلك أن تُرِكتُ سُدى ً … من قاسم وأقراني بلده
ملك إذا اسودتْ لديَّ يدٌ … من غيره ابيضَّت لديَّ يدهُ
مهما عَدِمنا من سَدى ً وندى ً … عندَ الملوك فعندَه نَجدُهْ
خلَتِ الإساءة ُ من إرادتهِ … ويريد إحساناً ويعتمدُه
ما انفكَّ يرفعُني وينفعني … حتى أضرَّ بحاسدي حسدُه
قالت فضائلُه لآملهِ … نعم الفتى للدّهر تَعتَقدُه