خواطر الغروب – إبراهيم ناجي
قلتُ للبحر إِذ وقفتُ مساءَ … كمٍ أطلتَ الوقوفَ والإصغاءَ
وجعلتَ النسيم زادًا لروحي … وشربت الظلال والأضواء
لكأنّ الأضواءَ مختلفاتٍ … جَعَلَتْ منكَ رَوْضَةً غَنّاءَ
مرّبي عطرُها فأسكر نفسي … وسَرى في جوانحي كيفَ شاءَ
نشْوة لم تطل صحا القلبُ منها … مثل ما كان أو أشدّ عناءَ
إِنما يفهم الشبيهُ شبيهاً … أيها البحر، نحن لسنا سواءَ
أنتَ باقٍ ونحن حرب الليالي … مزّقتنا وصيّرتنا هباءَ
أنتَ عاتٍ ونحن كالزّبد الذّا … … …هب يعلو حينًا ويمضي جُفاءَ
وعجيبُ إليك يممتُ وَجهي … إذ مللتُ الحياةَ والأحياءَ
أبتغي عندك التّأسي وما تمــــــــ … ــــــــــلك ردًّا ولا تُجيبُ نداءَ
كل يومٍ تساؤلٌ .. ليت شعري … من ينبِّي فيحسن الإِنباءَ؟
ما تقول الأمواجُ ما اَلَم الشمسَ … فولّت حزينةً صفراءَ
تركتنا وخلفتْ ليلَ شكٍّ … أبديٍّ والظلمةَ الخرساءَ
وكأنَّ القضاءَ يسخر مني … حين أبكي وما عرفتُ البكاءَ
ويح دَمعي وويح ذلة نفسي … لَم تدع لي أحداثهُ كبرياءَ