خرجت هند ذات يوم وفوز – جبران خليل جبران

خرجت هند ذات يوم وفوز … وسعاد يهمن من غير قصد

يتهادين في الرياض أصيلا … لاعبات تواركا كل جد

فرحات يرين ما ألفته … كل عين كحادث مستجد

كان فصل الخريف والوقت أصفى … ما يكون اعتدال حر وبرد

تبعث الشمس باهرات شعاع … تغتدي في انحدارها شبه ربد

فهي في الأفق تارة مسحات … من بهار وتارة نثر ورد

وهي بين الغصون نسج دقيق … من نضار يشف عن لا زورد

شارفت هند روضة ثم قالت … وهي تفتر عن جواهر عقد

أنظراها خليلتي أليست … شبه بيت كثير أصل وولد

حبذا هذه الثمار الرضيعات … تعلقن كل طفل بنهد

وبجدي شيخ من الدوح صلب … هو ثرثارة عبوس كجدي

فتضاحكن من مقالة هند … وتمايلن عن أفانين رند

عجبا كان للصواحب مرأى … كل هذا وكان مألوف عهد

فتمادين في المسير يمينا … وشمالا وما شعرن بكد

صافيات الأفكار من كل هم … خاليات القلوب من كل وجد

لمحت فوز لمحة أعجبتها … فأشارت إلى سعاد وهند

ما ترى هذه الثمار البوادي … كشموس صغيرة عن بعد

هي كالبرتقال لولا شفاه … قدمتها للعود بغية ورد

قالتا لا ندري فقالت أعونا … منكما إن علمتما ما بودي

حبذا الإثم لو لطفنا إليها … سارقات أخاف أفعل وحدي

وإذا حارس بدا من خفاء … كترائي الشيطان في شكل عبد

فتهيبنه فحيا بشوشا … عن وميض في حالك مسود

قلن يا حارس المكان أفدنا … لمن البيت إنه بيت مجد

قال بين الأمير يوسف هذا … فحمدن الزنجي أحسن حمد

وتراجعن هيبة صامتات … ليس منهن من تعيد وتبدي

آسفات على منى شائقات … فزن منها بخيبة وبصد

ناظرات إلى الشموس اللواتي … عدن عنها بمثل أعين رمد

يتصورنها عبيرا ذكيا … وشرابا عذبا وطعما كشهد

كان هذا لهن هما وهل في … حالة بعده مظنة سعد

نعم ذاك الزمان كان على ما … أفسد الجهل فيه أطيب عهد

يوم تلك الثمار أنفس شيء … عندهم الامير فيهم أفندي