حياة جزتها وفضا – جبران خليل جبران
حياة جزتها وفضا … فراعت وانقضت ومضا
وروح كالخلاصة من … عبير ختمها فضا
مضى مستنزل الإلهام … نثرا كان أو قرضا
ومجني الحس ما أجنى … ومرضي النفس ما أرضى
بنى لفخاره صرحا … وقبل تمامه انقضا
على آثاره أرسلت … دمع العين مرفضا
وما أديته نقلا … لقد أديته فرضا
أرى أبويه في ثكل … فأحسب مضجعي قضا
وأكبر خطب ذاك الشيخ … في الركن الذي رضا
وتلك الأم أمست لا … تطيق من الأسى نهضا
قضاء الله هل يسطيع … مخلوق له نقضا
فدى لبنان جالية … تقدس أرضه أرضا
وتصفيه مودتها … على ما سر أو مضا
بموت أبر فتيتها … تبدل بسطها قبضا
وأخفت صوتها الأعلى … وأغمد نصلها الأمضى
فأين معز أمته … وموليها الهوى محضا
وأين الباذل الحوباء … أين الصائن العرضا
قليل أن رثيناه … وعزى بعضنا بعضا
فهلا يا محبيه … وما قولي لكم حضا
رددتم غربة لفتى … به ذهب الردى غرضا
كأني بالرفات إلى … مزار في الحمى أفضى
وعولي فوقه نصب … يرينا الشاعر الغضا
وقد شفت عزيمة رأيه … جثمانه البضا
إلى العلياء متجها … بطرف يأنف الغضا
له أمنية عزت … عليه وعز أن تقضى
دنا والشمس تصدفه … فما ألوى وما أغضى
أبى في عيشه غمضا … ويأبى في الردى غمضا
مصير الحي لا يخفى … وستر الغيب لا ينضى
وهذا العمر في الغايات … يعدل طوله العرضا
إذا أقرضت أياما … ولم تستثمر القرضا
فهل فيها بحق ما … يساوي الحب والبغضا
فإما يقظة ترضى … وإما ضجعة ترضى
تعيد الغيب الذكرى … وتشفي الأنفس المرضى