حلَلْتَ حلولَ الغيثِ في البلدِ المَحْلِ – سبط ابن التعاويذي

حلَلْتَ حلولَ الغيثِ في البلدِ المَحْلِ … وَإنْ جَلَّ مَا تُوْلِي يَدَاكَ عَنِ الْمِثْلِ

وَفَارَقْتَ أَرْضَ الشَّأْمِ لاَعَنْ مَلاَمَة ٍ … ولا أنَّ فيها عن فِراقِكَ ما يُسْلي

وَلكِنْ لِيَسْتَشْفِي الْبِلاَدُ وَأَهْلُهَا … بِفَضْلِكَ مِنْ دَآءِ الجَهَالَة ِ وَالْبُخْلِ

فَيَأْخُذَ كُلٌّ مِنْ لِقَائِكَ حَظَّهُ … وما زلتَ بالقُسطاسِ تَحكُمُ والعَدلِ

وَمَا كُنْتَ إِلاَّ الْعَارِضَ الْجَوْنَ جَلْجَلَتْ … رَواعِدُهُ فانْحلَّ في الحَزْنِ والسّضهلِ

وَقَالُوا رَسُولٌ أَعْجَزَتْنَا صِفَاتُهُ … فَقُلْتُ صَدَقْتُمْ هذِهِ صِفَة ُ الرُّسْلِ

جَمَالٌ إِلَى الْمَوْلَى الْكَمَالِ کنْتِسَابُهُ … وبارعُ فضْلٍ بارعٍ من أبي الفضْلِ

بكُمْ أيَّدَ اللهُ المَمالكَ فاغْتدَتْ … مُوَطَّدَة َ الأَكْنَافِ مَجْمُوعَة َ الشَّمْلِ

فمنْ سائسٍ للمُلكِ فيها مُدبِّرٍ … ومن عالمٍ حَبْرٍ ومن حاكمٍ عَدلِ

فَلاَ طَمِعَتْ مَا دُمْتُمُ مِنْ حُمَاتِهَا … يَدُ الدَّهْرِ فِي طَرْدٍ لَهُنَّ وَلاَ وَشْلِ

وعِشتُمْ لدهرٍ أنتمُ حسَناتُهُ … وَمَجْدُكُمُ حَلْيٌ لاَِيَّامِهِ الْعُطْلِ

وَأُنْشِرَ أَمْوَاتُ الْمَكَارِمِ مِنْكُمُ … بِكُلِّ جَوَادٍ يُتْبِعُ الْقَوْلَ بِالْفِعْلِ

فأنتمْ بُناة ُ المجدِ بالبِيضِ والقَنا … وأنتمْ وُلاة ُ العَقدِ في الناسِ والحَلِّ

تُجيرونَ من صَرفِ الليالي فجارُكمْ … عزيزٌ إذا ما الجارُ أُسلِمَ للذُّلِّ

يَحِلُّ الْبَعِيدُ الدَّارِ وَالأَهْلِ فِيكُمُ … فَيُلْهَى عَنِ الْجِيرَانَ وَالدَّارِ وَالأَهْلِ

خُلِقْتَ أَبَا الْعَبَّاسِ لِلْبَأْسِ وَالنَّدَى … وَلِلْغَارَة ِ الشَّعْوَاى ِ وَالْقَوْلَة ِ الْفَصْلِ

فَنَدْعُوكَ فِي الْهَيْجَاءِ يَا قَاتِلَ الْعِدَى … وندعوكَ في اللَّأْواءِ يا قاتلَ المَحْلِ

لقدْ ناطَ نورُ الدينِ منكَ أمورَهُ … بِأَغْلَبَ شَثْنِ الْكَفِّ ذِي سَاعِدٍ عَبْلِ

وَأَلْقَى مَقَالِيدَ الأُمُورِ مُفَوِّضاً … إلَيْكَ فَأَضْحَى الْمُلْكُ فِي جَانِبٍ بَسْلِ

فقُمتَ بما حُمِّلتَهُ منهُ ناهضاً … وقد ضَعُفَتْ عنهُ قُوى الجِلّة ِ البُزْلِ

وَحَمَّلَ أَعْبَاءَ الرِّسَالَة ِ نَاصِحاً … أمينَ القُوى خالي الضلوعِ من الغِلِّ

تَخيَّرَهُ أَمضى الأنامِ عزيمة ً … وأَحمَلَهُمْ يومَ الكريهة ِ للثِّقْلِ

تَخيَّرَ منصورَ السرايا مُؤيَّداً … خَوَاطِرُهُ تُمْلِي عَلَى الْغَيْبِ مَا يُمْلِي

مَلَكْتَ قُلُوبَ النَّاسِ وَدًّا وَرَغْبَة ً … بأخلاقِكَ الحُسنى ونائِلِكَ الجَزْلِ

غفرْتُ لدهري ما جنَتْهُ خطوبُهُ … بقُربِكَ والأيامُ في أوسَعِ الحِلِّ

ووَجَّهتُ آمالي إليكَ وقَلّما … شَددتُ على ظهرِ المُنا قبلَها رَحْلي

فَقَدْ عِشْتُ دَهْراً مَا تَمُدُّ لِنَائِلٍ … يدايَ ولا تسعى إلى آملٍ رِجلي

أصونُ عنِ الجُهّالِ شِعري تَرفُّعاً … وأُشفقُ من مدحِ البخيلِ على فضْلي

فأَذْوي ولا أُبدي لخَلْقٍ شِكايَتي … وَأَعْيَا وَلاَ أُلْقِي عَلَى أَحَدٍ ثِقْلِي

حَليماً على صَحوِ الزمانِ وسُكرِهِ … وَقُوراً عَلَى جَدِّ النَّوَائِبِ وَالْهَزْلِ

أَبِيّاً على الرُّوّاضِ لا يَستَفِزُّني … ذَواتُ القدودِ الهِيفِ والأعيُنِ النُّجْلِ

فَلاَ يَمْلِكُ الْمُسْنِي الْعَطِيَّة ِ مِقْوَدِي … ولا يطمعُ البِيضُ الرَّعابيبُ في وَصْلي

وما لي هوى ً أسمو إليهِ سِوى العُلى … ولا سكَنٌ يُمْسي ضَجيعي سِوى الفضْلِ

وَلَوْلاَ السَّمَاحُ الشَّهْرَزُورِيُّ لَمْ تَبِتْ … عَقائلُ أَشعاري تُزَفُّ إلى بَعْلِ

وعندَ عمادَ الدينِ لي ما اقترحتُهُ … عطاءٌ بلا مَنٍّ ووَدٌّ بلا غِلِّ

هو المرءُ يُثني عن كريمِ نِجارِهِ … شَمائلُهُ والفرعُ يُثْني عنِ الأصلِ

طَوِيلُ نِجَادِ السَّيْفِ فِي حَوْمَة ِ الْوَغَى … رَحِيبُ مَجَالِ الْبَاعِ وَالْهَمِّ فِي الأَزْلِ

تَعَرَّضَ لِلْجَدْوَى وَكُلُّ أَخِي نَدًى … إذَا هُوَ لَمْ يُسْأَلْ تَعَرَّضَ لِلْبَذْلِ

وَحَنَّتْ إلَى أَنْ يَبْذُلَ الْعُرْفَ كَفُّهُ … كَمَا حَنَّتِ الأُمُّ الرَّقُوبُ إلَى الطِّفْلِ

تَمَلَّ بِهَا يُصْبَى الْحَلِيمُ بِحُسْنِهَا … فلا بانة َ الوادي ولا ظبية َ الرمْلِ

وَرَاعِ لَهَا مَا أَسْلَفَتْ مِنْ مَوَدَّة ٍ … وَمَا أَحْكَمَتْهُ مِنْ ذِمَامٍ وَمِنْ إلِّ

ولا تَنسَها إنْ جَدَّ بَينٌ وحاذِها … على البُعدِ حَذْوَ النعلِ في الوَدِّ بالنَّعْلِ

فَحَاشَا لِعَهْدٍ مِنْ وَلاَءٍ عَقَدتَّهُ … بِمَدْحِكَ يُمْسِي وَهْوَ مُنْجَذِمُ الْحَبْلِ

وَلاَ زِلْتَ مَرْفُوعَ العِمَادِ لآِمِلٍ … يُرَجِّيكَ مَسْكُوبَ النَّدَى وَارِفَ الظِّلِّ