حتام عن جهل تلوم – الهبل

حَتّامَ عَنْ جَهْلٍ تَلُومُ … مَهْلاً فَإنَّ اللَّوم لُومُ

طَرْفي الَّذي يَشْكُو السُّهادَ … وقَلْبيَ المضْنَى الْكَليمُ

إنَّ الشَّقا في الحُبٍّ عِنْ … دَ العَاشِقينَ هُوَ النعيمُ

مَا الحُبُّ إلأَّ مُقْلَةٌ … عَبْراءُ أو جِسْمُ سَقيمُ

وبَلاَبلٌ بَينَ الجوانحِ … لا تَنَامُ ولا تُنيمُ

يا مَنْ أُكَتِّمُ حبَّه … واللهُ بي وبه عليمُ

ما لي وما لِلوائِمي … أَعَليكَ ذُو عَقْلٍ يلومُ

يا هَلْ تُراه يَعُودُ لي … بكَ ذلكَ الزَّمن القديمُ

وهَنيُّ عَيْشٍ بالِلَوى … لَوْ أنَّ عَيْشَ هنيً يَدوُمُ

وبِرَامةٍ إذ نِلْتُ مِنْ … وَصْلِ الأحبّةِ مَا أَرومُ

يا حبّذا تِلكَ الرّبوع … وحبّذا تِلكَ الرسومُ

يا تَاركينَ بمهجتي … شرراً يذُوبُ لَه الجحيمُ

طَالَ المِطالَ ولم يهبّ … لِصِدْقِ وعدِكمُ نَسيمُ

مَطْل الغَنِيّ غريمَهُ … حاشاكمُ خُلقٌ ذميمُ

أَيَخاَفُ طُولَ المطْلِ مَنْ … أهْلُ الغَريّ لَهُ غَريمُ

بأبي وبيْ ذاكَ المحلُّ … ومَنْ بتُربَتِهِ مُقيمُ

يا ليتَ شعري هَلْ إلى … تلكَ المواطن لي قدومُ

ومَتى أنالُ بهنّ مِنْ … تَعْفير خدّي ما أرومُ

ومَتَى أرَاني خادِماً … بإزاءِ تُربتِه أقومُ

حيَّاك قبراً بالغَريّ … مِن الحيا هطلٌ سَجومُ

يا قبرُ فيك المرتضَى … والسَيّدُ السَّندُ الكريمُ

فيكَ الوصيُّ أخو النَبي … المخْتَار والنَّبَأُ العظيمُ

فيكَ النَّجاةُ من الرَّدى … فيكَ الصِّراطِ المستْقَيمُ

فيكَ الموازرُ والمواخِي … والمواسي والحَميمُ

فيكَ الشَجاعةُ والنِّدَى … والعِلْمُ والدّينُ القَويمُ

فِيكَ المكَارمُ والعُلاَ … والمجدُ والشرفُ الصميمُ

فيكَ الإمامةُ والزَّعامةُ … والكرامة لا تَريمُ

فيكَ الذي يُشفي بتُربِ … نِعالِه الطَّرفُ السَّقِيمُ

فيكَ الذي لَو أنصفَتْ … لهَوتْ لِمَصْرعِهِ النّجومُ

فيكَ الّذي كانَتْ تُحاذرُ … بأسَهُ الصَيدُ القرومُ

فيكَ الّذي كانَت تخفَ … لِهولِ موقفِهِ الحُلومُ

فيكَ الخصيمُ عَنِ المُهَيْمنِ … يومَ تجتمعُ الخصومُ

لِمُحبِّهِ دارُ البَقا … ولِمَنْ يُعاديهِ الجحيمُ

مَنْ ذا سواهُ لِهَذهِ … وَلِتِلْكَ في الأخرى قَسِيمُ

صَرَفتهُ أرباب الشَقَا … عَمَّا حَبَاهُ بهِ العَليمُ

لَمْ تُرْعَ تِلكَ المكرماتُ … وذلك السَّبقُ القديمُ

خُذْها أَميرَ المؤمنين … كما زَهَا الدرُّ النَّظِيمُ

كالرَّوضِ باكرَه الحيا … وتَخطّرتْ فيهِ النّسيمُ

عَذراء لم يَفْتَضَها … أَهْلَ الحجازِ ولا تميمُ

مِن مُخْلِصٍ لكَ لم تُخالجَهُ … الشّكوكُ ولا الوهوم

واعْذِرْ فَكلَّ مُفَوَّهٍ … لَسِنٍ بحقّكَ لا يقومُ

مَنْ ذا يَفِي بعَظيم حَقّكَ … إنّه الحقُّ العَظيمُ

فأَجِزْهُ واقْبَلْ عَذرَهُ … فالعُذرُ يقْبَلُه الكريمُ

واشفعْ لَهُ إذْ لَيْسَ يَنْفَعُهُ … الصَّديقُ ولا الحميمُ

فَعَسَاه يَظْفَرُ مِنْ رِضى … رَبّ الأَنام بما يَرومُ