حتام أكتم ما الدموع تبيح – الهبل
حتام أكتم ما الدموع تبيح … وإلام أغدو مغرما وأروح
وإلى متى أصبو إلى ريح الصبا … ومهيج نار جواي تلك الريح
ومعنف نحو الملامة جانح … لو كان لي نحو السلو جنوح
يملي على من ليس يسمع قوله … في الحب قولا كله مطروح
ومعذبي من لا أبوح بذكره … ويكاد يعميني الهوى فأبوح
من لو رآه البدر قال مخاطبا … أنت المليح وما سواك مليح
نشوان من خمر الرضاب لقده … منها غبوق دائما وصبوح
أعطيته روحي ومالي طالبا … للوصل وهو بما طلبت شحيح
ومتى شكوت له الهوى قال اصطبر … فالصبر فيه لذي الهوى ترويح
أمكلفي صبرا جميلا في الهوى … تكليف ما لا يستطاع قبيح
أرفق بجسم أنت سالب روحه … أيعيش جسم فارقته الروح
وانظر إلى قلبي عليك وناظري … هذا قريح هوى وذاك جريح
وسل المدامع عن غرامي فهو في … متن الخدود بمدمعي مشروح
إن لا تكن لي زورة تحيى بها … روحي فموت من هواك مريح
حيا الحيا زمن الغوير وأنت لي … بالقرب منك وبالوصال سموح
إذ لا أخاف الكاشحين وقولهم … هذا الفتى المستهتر المفضوح
يا عاذلين أنا الذي قد قلتم … فاغدوا هبلتم في الملام وروحوا
ولقد وقفنا للوداع ببارق … إذ بارق البين المظل يلوح
إذ ليس إلا مدمع متدفق … إثر الهوادج أو دم مسفوح
لم ندر هل تلك النفوس ذوائبا … أم أدمع فوق الخدود تسيح
وببابل سقت الغوادي بابلا … ملقى بآثار الخيام طريح
سمع الصبابة وهي حقا باطل … وعصى النصيح وإنه لنصيح
متيقنا جور الغرام وأن ما … يروى عن المقل المراض صحيح
قد عبرت عبراته عما به … إن الهوى تلويحه تصريح
أضحى يحدثه أحاديث الهوى … عنهم خزامى بابل والشيح
قلق الفؤاد كأنما هبت له … من حضرة الهادي بن أحمد ريح
سباق غايات المعالي من له … طرف إلى نيل الفخار طموح
خلق يحاكي البدر حين يلوح مع … خلق يحاكي الزهر حين يفوح
من إن دجت ظلم النوائب حلها … رأي له في المشكلات رجيح
ندب يجل عن المدائح كلها … لو أن شعر العالمين مديح
وإذا أشار الناس نحو مسود … فهو المشار إليه والملموح
شهم يلاقي النائبات بعزمة … تدع الشوامخ وهي بيد فيح
وفضائل ما حازها أحد غدت … ولها على شمس النهار وضوح
وندى كما انهل الغمام ورآءه … نسب كما انشق الصباح صريح
يتناقل الأدباء در قريضه … فكأنه التهليل والتسبيح
يا أفصح الفصحاء غير مدافع … أقلل لمثلك أن يقال فصيح
إذ أنت للأدباء درة تاجها … بل أنت في جسد المعالي روح
خذها كما ابتسمت أزاهر أيكة … قد زانها التهذيب والتنقيح
غراء تجتلب القلوب غرابة … لم لا وأنت بدرها الممدوح
أشكو عظيم جوى إليك مضاعفا … لي من سموم سمومه تلويح
وصروف دهر يا بن أحمد لم يزل … يبدو لهن تجهم وكلوح
فابعث قريضك رقية يحيى بها … قلبي فقد أودى به التبريح